فقد السوري ناصر الوكاع زوجته وخمسة من أبنائه في الزلزال الذي ضرب جنوبي تركيا وشمالي سوريا الإثنين 6 فبراير/شباط 2023، وتسبب في مقتل الآلاف وتشريد مئات الآلاف وتدمير آلاف المنازل، في حين مازالت عمليات الإنقاذ مستمرة؛ بحثاً عن ناجين تحت الأنقاض سواء في المدن التركية أو في الداخل السوري.
في الوقت نفسه وبعد أن عثر رجال الإنقاذ على جثامين بناته وأولاده الذين رحلوا بسبب الزلزال، وجد السوري ناصر الوكاع رسالة من إحدى بناته الراحلات وقد كتبت فيها دعاء إلى الله أن يحفظ أباها، وقد حمل والدها الرسالة في مشهد أثار بكاء الحاضرين.
إنقاذ بعض أفراد أسرة سورية من بين ركام الزلزال
حيث تمكن رجال الإنقاذ من إخراج اثنين من أبنائه من تحت أنقاض المنزل خلال الليل. وأظهرت لقطات مصورة الطفلين مصابين بكدمات ويغطيهما الغبار. كما نجا طفل آخر، لكن زوجته وخمسة من أبنائه على الأقل لقوا حتفهم. وجلس "الوكاع" وسط الأنقاض والكتل الخرسانية ينعي زوجته وبقية أبنائه، محتضناً ملابس أحد المتوفين.
بدأ يتمتم بأسماء أبنائه ذكوراً وإناثاً دون أن يذكر عددهم بالتحديد، في حالة من اليأس والارتباك. وقال "الوكاع": "ارتج البيت. نحن متعودين يعني. متعودين ضرب الطيارة، متعودين ضربة صاروخ، ينزل عليك برميل. نحن متعودين عليها. لكن زلزال يعني، هذا أمر الله"، وأضاف: "طلعت قولت يا رب، بس اترك لي واحد. بدي واحد بس من هالولاد".
في السياق ذاته أودى الزلزال بحياة أكثر من 21 ألف شخص، معظمهم في تركيا، وضمن ذلك أكثر من 3000 في سوريا.
تدمير المنازل بسبب الزلزال في سوريا
من جهة أخرى شهدت مدينة جنديرس، على الجانب السوري من الحدود مع تركيا، تدمير العديد من المنازل وانهيار بعضها جزئياً في جيب تسيطر عليه المعارضة.
في المقابل ينبش عمال الإنقاذ والسكان وسط الأنقاض بحثاً عن ناجين باستخدام معدات في بعض الأحيان. وفي جانب آخر من البلدة، انتشل رجال الإنقاذ الطفل أحمد عبد الجبار (5 أعوام)، وهو الناجي الوحيد من بين أفراد أسرته المكونة من ستة أفراد. وأمضى أحد أقاربه ويدعى أحمد أبو شهاب، ساعات في رفع الأحجار للوصول إليه قبل نقله إلى سيارة إسعاف.
قال الصبي وهو يرقد على سريره في مستشفى بالقرب من مدينة أعزاز: "كنت أنا وأبي جالسَين في غرفة المعيشة عندما سمعت صوت الزلزال". وحبس إمام أحد مساجد مدينة جنديرس دموعه وهو يلقي خطبة الجمعة.
رسالة طفلة سورية
من جهتها قالت وكالة تابعة للأمم المتحدة إن 14 شاحنة مساعدات وصلت إلى شمال غربي سوريا الجمعة، في أول مساعدة خارجية تصل إلى منطقة تسيطر عليها المعارضة المنخرطة في قتال مع حكومة دمشق، وهي واحدة من بين أكثر المناطق تضرراً من الزلزال.
بعد وقوع الزلزال، طلب ناصر الوكاع المساعدة لإنقاذ أبنائه، وعلم أن ولديه فيصل ومحسن قد لقيا حتفهما. وعُثر على جثتي الابنة الكبرى هبة وأختها الصغيرة إسراء. كانت هبة ميتة وفي حجرها شقيقتها الصغيرة ميتة أيضاً. وعُثر على جثة شقيقة أخرى هي سميحة بالقرب منهما.
في حين حمل "الوكاع" معه قصاصة من الورق كتبتها ابنته الكبرى هبة بخط يديها في دفتر عثر عليه مدفوناً تحت الأنقاض. وبخط أنيق، كتبت هبة: "اللهم إني أستودعك أغلى ما أملك، فاحفظه لي، أنت في حفظ الله وفي قلبي أنا، أبو فيصل (كنية أبيها)". وفي وقت لاحق، وقف "الوكاع" في ذهول أثناء دفن أحد أبنائه بمقبرة جماعية تضم كثيراً من جثث ضحايا الكارثة.
جدير بالذكر أن عدد ضحايا الزلزال في سوريا قد ارتفع إلى 2950 على الأقل، وفقاً للحكومة وخدمة الإنقاذ العاملة في شمال غربي البلاد الذي يسيطر عليه مقاتلو المعارضة.