اختفت "دوريات التوجيه" ذات اللونين الأبيض والأخضر، التي تستخدمها "شرطة الأخلاق" الإيرانية لمراقبة الآداب العامة والتزام النساء بقواعد الزي الإسلامي واعتقال المخالِفات منهن، من شوارع العاصمة طهران خلال الأيام الماضية، وفق ما ذكرته صحيفة The Financial Times البريطانية، الأربعاء 28 سبتمبر/أيلول 2022.
حسب الصحيفة، فإن السيارات التابعة لشرطة الأخلاق لم تعد تظهر حتى أمام مقرها الواقع وسط العاصمة الإيرانية.
احتجاجات دموية
يأتي ذلك فيما أعلن تلفزيون إيران الحكومي عن مقتل 41 متظاهراً على الأقل، وذكرت وكالات محلية أن مئات الأشخاص، منهم ناشطون سياسيون وصحفيون، اعتقلتهم السلطات ضمن حملتها لمواجهة الاحتجاجات التي اشتعلت بعد وفاة الشابة مهسا أميني التي اعتقلتها شرطة الأخلاق في وقت سابق من سبتمبر/أيلول الحالي.
بدوره، قال سعيد ليلاز، الصحفي الإصلاحي الإيراني، إن السلطات "ستسحب دوريات التوجيه من الشوارع في الغالب. بينما ستواجه الجمهورية الإيرانية انتكاسة كبيرة لمساعي فرض الحجاب، ولن يكون أمامها خيار آخر سوى إعطاء المزيد من الحرية الاجتماعية لشباب الطبقة الوسطى في المناطق الحضرية".
كانت المظاهرات شهدت تدفق المتظاهرين الشباب، وكثير منهم في عمر أميني، على شوارع البلدات والمدن في جميع أنحاء البلاد لأكثر من أسبوع، وترديدهم شعارات مناهضة للنظام الإيراني، مثل: "الموت للمستبد".
في الوقت ذاته، قال عالم الاجتماع الإيراني عماد أفروغ، لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (IRNA)، إن دوريات شرطة الأخلاق كانت قد أصبحت مثل شرارة تشعل نار الغضب بين شباب البلاد الذين يعانون تحت وطأة مصاعب اقتصادية هائلة، مثل الفقر وعدم المساواة.
وأضاف أفروغ: "لقد نشرنا شيئاً ليس له أي مبرر إنساني ولا أخلاقي ولا منطقي ولا حتى قانوني. والطريقة التي تلقي بها (شرطة الأخلاق) النساء في سياراتها طريقة غير إنسانية وغير إسلامية".
جدل داخل النظام الإيراني
على أثر انتخاب إبراهيم رئيسي، المحسوب على التيار المتشدد في إيران، رئيساً للبلاد العام الماضي، عاد هذا التيار إلى التمدد داخل جميع أذرع الدولة، وعززت السلطات فرضها لقواعد الزي الإسلامي.
لكن جلال رشيدي كوشي، النائب بالبرلمان الإيراني، يقول إن "الشرطة تضررت من دوريات التوجيه. وهي لا تعود بفوائد، بل بخسائر على البلاد".
تفرض شرطة الأخلاق على النساء اللواتي يُعتقلن تقديم تعهدات كتابية بعدم انتهاك قوانين الزي الإسلامي مرة أخرى، وحضور دروس في الأخلاق.
كما يتلقى أصحاب السيارات أيضاً رسائل نصية للذهاب إلى مركز شرطة الأخلاق إذا التقطت الكاميرات صور نساء بدون حجاب في سياراتهم، وتُحجز السيارات لمدة تصل إلى شهرين.
خامنئي يكتفي بالصمت
أما المرشد الأعلى لإيران، آية الله علي خامنئي، فلم يعلق إطلاقاً على الاحتجاجات الجارية، لكنه دافع قبل شهرين عن وجوب ارتداء الحجاب، وقال إن الحجاب ليس معوقاً لتقدم المرأة الإيرانية في المجتمع؛ مستدلاً على ذلك بأن النساء يشغلن نصف مقاعد الجامعات في إيران.
من جهة أخرى، حثَّت مؤسسات محافظة على استبعاد شرطة الأخلاق من المشاركة في تطبيق قواعد الزي الإسلامي، واستنكرت رئاسة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الإيرانية دور الشرطة، بالقول: "كيف يمكن لقوةٍ مسؤولة عن حفظ النظام والأمن أن تتولى تنظيم دروس للحث على ارتداء الحجاب؟".
وقال نوري غزلجة، النائب الإصلاحي بالبرلمان الإيراني، إن "المعتقدات الدينية لا تنتشر بالهراوات والاعتقالات ودوريات التوجيه. لا يمكن إجبار الناس على شيء بدعوى إدخالهم الجنة"، مبدياً رفضه أيضاً لفرض غرامات على المخالفين، وقال: "كأن المرء بإمكانه أن يقرر أيدخل الجنة أم النار بالمال".