قال وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، الثلاثاء 23 أغسطس/آب 2022، إن إسرائيل تتعهد بالتأثير على الاتفاق النووي الذي قد تتكلل مفاوضات إحيائه بين إيران والقوى الغربية بالنجاح، محذراً من أنه "سيضخ 250 مليار دولار في خزائن النظام الإيراني وأذرعه الإقليمية".
وأوضح غانتس في تصريحات للصحفيين، أن تل أبيب "على اتصال بشركائها الأمريكيين وبدول المنطقة المهددة من إيران بشكل لا يقل عنا"، مضيفاً: "كما أننا نركز على قدراتنا على الدفاع عن أنفسنا وضمان أمن إسرائيل لسنوات عديدة قادمة"، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية.
تفاؤل أمريكي أزعج إسرائيل
تصريحات الوزير الإسرائيلي تأتي بعد يوم من إعلان الخارجية الأمريكية أن الاتفاق النووي مع طهران بات "أقرب الآن منه قبل أسبوعين"، مشيرة إلى أنها تعمل "بأسرع ما يمكن" لإعداد رد مناسب على تعليقات طهران على مسودة نص قدمها الاتحاد الأوروبي.
في السياق، قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، في مؤتمر صحفي يومي، الإثنين 22 أغسطس/آب، إن "واشنطن تفاءلت بتخلي إيران عن بعض مطالبها مثل إلغاء تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية"، لكنه أضاف أنه لا تزال هناك قضايا عالقة يتعين تسويتها.
وقال برايس: "هذا جزء من سبب اقتراب الصفقة الآن مما كانت عليه قبل أسبوعين. لكن نتيجة هذه المناقشات الجارية لا تزال غير مؤكدة، حيث لا تزال هناك فجوات".
يشار إلى أن إسرائيل تمتلك ترسانة نووية "غير خاضعة للرقابة الدولية"، فيما تنفي إيران صحة اتهامات لها بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية وتقول إن برنامجها مصمم للأغراض السلمية، ولا سيما إنتاج الكهرباء.
وتعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها.
إسرائيل تطالب أمريكا بعدم التوقيع على الاتفاق
من جانب آخر، شدد وزير الدفاع الإسرائيلي غانتس، في التصريحات نفسها، على أن تل أبيب "ليست طرفاً في الاتفاق، لكن سنفعل كل ما في وسعنا للتأثير عليه، وسنعرف كيف نحافظ على حريتنا في العمل طالما كان ذلك ضرورياً".
فيما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت، في تغريدات الثلاثاء: "أدعو الرئيس (الأمريكي جو) بايدن والإدارة الأمريكية، حتى في هذه اللحظة، في الدقيقة 90، إلى الامتناع عن توقيع الاتفاق مع إيران".
وأضاف أن "هذا الاتفاق سيضخ حوالي ربع تريليون دولار في خزائن النظام الإرهابي الإيراني وأذرعه الإقليمية، وسيسمح لإيران بتطوير وتركيب وتشغيل أجهزة الطرد المركزي بلا حدود تقريباً خلال عامين فقط".
كما لفت إلى أنه "على مدى عام حتى عندما بدا الأمر وشيكاً، تمكنا من إقناع أصدقائنا في البيت الأبيض بتجنب الاستسلام للمطالب الإيرانية، وآمل أن يكون هذا هو الحال الآن أيضاً".
وعلى غرار تصريحات غانتس، شدد بينيت على أن تل أبيب "ليست طرفاً في الاتفاق، وليست ملزمة بأي قيد بموجب الاتفاق المتبلور، وستستخدم كل الوسائل لمنع التقدم في البرنامج النووي الإيراني".
نجاح الاتفاق متوقف على الرد الأمريكي
تتزامن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين مع إعلان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في وقت الثلاثاء، أنه من الممكن التوصل لاتفاق مع إيران هذا الأسبوع.
وقال بوريل، في تصريح متلفز، إن إيران ردت على المقترح الأوروبي الأسبوع الماضي و"وافقت عليه مع إجراء تعديلات". لافتاً إلى أن "غالبية" الدول المعنية في مفاوضات إحياء الاتفاق وافقت على التعديلات الإيرانية.
والآن يتوقف نجاح الاتفاق المتبلور على الرد الأمريكي الذي قال بوريل إن الاتحاد الأوروبي يتوقعه هذا الأسبوع.
ومنذ شهور، يتفاوض في فيينا دبلوماسيون من إيران والولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا بشأن صفقة لإعادة التزام طهران بالقيود على برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها.
وتوصف المحادثات بأنها "غير مباشرة" ومتقطعة بين واشنطن وطهران، وتمت من خلال تناوب مسؤولين أوروبيين بين الجانبين. لكن لم يتم الإفصاح علناً عن مضمون المقترح الأوروبي.
العرض النهائي لإحياء الاتفاق النووي
في السياق، لفت بوريل إلى أنه كمنسق لهذه المفاوضات؛ فقد قدم "اقتراحاً يقول: (هذه هي المعادلة التي توصلنا لها، ولا أظن أن بمقدورنا تحسينها من جانب أو آخر)… وهناك رد من إيران اعتبرته معقولاً".
وأضاف: "تم نقله إلى الولايات المتحدة التي لم ترد رسمياً بعد.. آمل أن يضع الرد حداً للمفاوضات".
كذلك قال مسؤول في الاتحاد الأوروبي من قبل، إن المقترح هو "العرض النهائي" للتكتل لإحياء الاتفاق المعلق منذ 2018، بسبب انسحاب الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب منه، حسب رويترز.
يُذكر أن هناك أموراً كثيرة على المحك؛ إذ من شأن الإخفاق في المحادثات النووية أن يحمل في طياته خطر نشوب حرب إقليمية جديدة، مع تهديد إسرائيل بالقيام بعمل عسكري ضد إيران إذا فشلت الدبلوماسية في منع طهران من تطوير قدراتها إلى حد امتلاك الأسلحة النووية.
وأنذرت إيران بردٍّ "ساحق" على أي هجوم إسرائيلي، وتنفي منذ أمدٍ أي طموح لها في امتلاك أسلحة نووية. وفي وقت سابق من الإثنين، اتهم المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، الولايات المتحدة بأنها "تماطل" في المفاوضات.
وفي مايو/أيار 2018، أعاد الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب فرض العقوبات على طهران، بعد إعلانه الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم معها عام 2015 في عهد سلفه باراك أوباما.