تحدث الشاب الفلسطيني شريف العزب، البالغ من العمر 17 عاماً، عن اللحظات الصعبة التي خيمت على الأجواء عقب إطلاق النيران على الصحفية الراحلة شيرين أبو عاقلة من قبل جيش الاحتلال في جنين يوم 11 مايو/أيار الجاري.
العزب كان من أوائل الذين وصلوا إلى المكان الذي قُتلت فيه أبو عاقلة، وقد حاول إنقاذها إلى جانب الصحفية الفلسطينية شذى التي كانت برفقتها.
لم يكن يتوقع ابن الـ17 عاماً أن يكون جزءاً من قصة اغتيال صحفية مخضرمة مثل شيرين أبو عاقلة، وحين خرج من منزله في الصباح لم يخطر بباله أن يشهد حدثاً نقلته وسائل الإعلام ومنصات التواصل حول العالم.
"في إصابة.. بدنا إسعاف"
استدعى الشاب العزب من ذاكرته بعضاً من تفاصيل اللحظات المرعبة خلال لقاء مع "رويترز" الثلاثاء 24 مايو/أيار، وقال: "صباح هداك اليوم كنت نازل على الشغل.. سمعنا صوت إطلاق نار وناس بتصيح في إصابة (هناك إصابة).. في إصابة.. بدنا إسعاف. فرجعت أنا هالصوت طبعاً (عدت إلى المكان الذي يصدر منه صوت الاستغاثة)..".
يتابع قائلاً: "رجعت هالصوت وقفنا عند هون يعني قبل الشارع إللي صار إطلاق النار. فنزلت أنا من السيارة.. حاولت.. شفت شيرين.. الأخت شيرين كانت متضاربة (مصابة) وكانت عالأرض. والأخت شذى (صحفية من جنين كانت برفقة شيرين أبو عاقلة) كانت تحاول تساعد فيها بس كان من إطلاق النار إنه فش حدا قادر يقرب".
في مقطع فيديو نشرته قناة الجزيرة عقب مقتل أبو عاقلة على الفور، يمكن سماع إطلاق نار في الثواني القلائل الأولى قبل أن يصرخ رجل مردداً اسمها "شيرين، شيرين" و"سيارة إسعاف".
ثم تتحرك الكاميرا لتظهر أبو عاقلة منكفئة بوجهها على الأرض. وشوهد صحفيون آخرون يبحثون عن ساتر للاختباء، وظهر العزب وهو يحاول الاقتراب وسُمع صوت إطلاق نار مرة أخرى.
"تعرضت لإطلاق نار"
أضاف الشاب الفلسطيني العزب متحدثاً في المكان الذي اغتيلت فيه الصحفية الفلسطينية على يد قوات الاحتلال: "حاولت أقرب (أقترب) طبعاً، جيت بدي أقطع الشارع شفت جيش الاحتلال كان قاعد وحامل سلاح ومتمركز باتجاهنا، يعني السلاح علينا، فأنا رجعت ما قدرتش إني أكمل أقطع الشارع. كنت لابس جاكيت (سترة)، رجعت حطيتها بالسيارة عأساس أني معيش ولا أشي. فقطعت الشارع… لفيت من ورا إللي هو مصنع البلوك، ونطيت عن الجدار تبعه فحاولت إني أروح إني أساعد شيرين، فصار علي إطلاق نار (تعرضت لإطلاق النار)، فهون اتخبيت (اختبأت) وراء الشجرة، جنب السور".
وتابع بالقول: "حاولت أساعد الأخت شذى لما صار علينا إطلاق نار، إني أوصلها منطقة آمنة، فش خطر (لا خطر فيها)، يعني تكون منطقة ما فيها إطلاق نار، فرجعت أسحب الأخت شيرين، رحمها الله، إني أسحبها… إطلاق النار ما يوصلك النقطة إللي هي فيها، فسحبتها لوراء الشجرة، إنه نتخبى عن إطلاق النار وأطلعتها وأخذناها على مستشفى ابن سينا".
من جانبها وصفت الصحفية الفلسطينية شذى حنايشة التي كانت مع طاقم الجزيرة حين اغتيال شيرين أبو عاقلة، ما فعله العزب بأنه شيء "بطولي".
شيء بطولي
وقالت: "شريف كان له محاولتين خلينا نحكي لإنقاذي وإنقاذ شيرين.. المرة الأولى حاول يقترب بشكل مباشر. هو كان موجود على مفترق طرق وحاول ييجي. وقتها أنا حاكيتله ما تيجي لأنه شفت أنه في رصاص بشكل كثيف علينا بتوجه علينا".
وتابعت شذى: "بعديها شريف فكر شلح جاكيته ولف من الشارع الرئيسي وإجا قفز عن السور وحاولت أنا وهو نسحب شيرين فرجع إطلاق نار بشكل كثيف وكان الإشي الساتر خلينا نحكي أو الحامي لنا هو فقط الشجرة يعني".
وأضافت: "بس لما حاول يقترب بالبداية أنا خفت كتير عليه يعني كونه مدني ويعني إحنا لابسين درع وما حمانا فما بالك هو يعني.. فهو بطولي أكيد إحنا ما بنقدر نحكي إلا أنه بطولي يعني إللي عمله هو شيء بطولي بس هو أكيد خطر عحياته يعني وكان ممكن يتصاوب.. ممكن يستشهد خلال عمله هاد بس ما منقدر نحكي إلا أنه هو بطل لأنه هو أنقذني وأنقذ شيرين أو قدر يسحب شيرين…".
ومثل شريف العزب هناك كثير من الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس لم يكونوا يعرفون أبو عاقلة شخصياً وما زالوا يشعرون بالأسى ويعربون عن غضبهم لمقتل الصحفية البارزة.
كانت شيرين أبو عاقلة قد قُتلت الأربعاء 11 مايو/أيار الجاري، خلال تغطيتها أحداث اقتحام الجيش الإسرائيلي لمخيم جنين في الضفة الغربية، قبل أن تتلقى رصاصة في رأسها، وأثار اغتيالها غضباً واسعاً وانتقادات دولية للاحتلال.