التقى مدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز سراً مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مدينة جدة، خلال الشهر الماضي، ضمن جولة إقليمية، حسب موقع The Intercept الأمريكي.
الاجتماع غير المعتاد -الذي كانت صحيفة The Wall Street Journal أول من أخبرت عنه- يعتبر أول لقاء معروف بين كبير جاسوسية الولايات المتحدة والحاكم الفعلي للسعودية.
ووفقاً لثلاثة مصادر مطلعة، كانت هذه أحدث محاولة من مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى لمناشدة السعودية بشأن النفط وسط ارتفاع أسعار الغاز الأمريكي. بينما كشف مصدران، حضرا المباحثات، لموقع إنترسبت، أنَّ الموضوعات المطروحة على الطاولة شملت أيضاً مشتريات أسلحة سعودية من الصين.
علاقة الرياض مع الصين
وأجرى موقع إنترسبت مقابلة من أجل هذه القصة مع مسؤول استخباراتي أمريكي ومصدرين لهما علاقات بمجتمع المخابرات الأمريكية، تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما لمناقشة الأمور الحساسة، فضلاً عن مصدر مقرب من أفراد العائلة المالكة السعودية، ومسؤول بمركز أبحاث.
كان الاجتماع أيضاً فرصة لطرح موضوع يثير قلق واشنطن الشديد؛ وهي علاقة الرياض المتنامية مع الصين.
وبالإضافة إلى طلب بيرنز بشأن النفط، طلب مدير وكالة المخابرات المركزية أيضاً من المملكة العربية السعودية عدم الاستمرار في شراء أسلحة من الصين، وفقاً لمصدرين مقربين من المخابرات الأمريكية.
وكان انفتاح المملكة العربية السعودية تجاه بكين -وعلى الأخص، استكشاف إمكانية بيع نفطها بالعملة الصينية، اليوان- قد تسبّب في إثارة الذعر في واشنطن.
وحذر مدير المخابرات الوطنية أفريل هينز، هذا الأسبوع، في شهادة مجلس الشيوخ، من جهود الصين وروسيا "لمحاولة تحقيق تقدم مع شركائنا في جميع أنحاء العالم"، مشيراً إلى السعودية والإمارات على سبيل المثال.
وقال المصدر المقرب من المخابرات الأمريكية إنَّ ما لم يُعرَف علناً هو أن الحكومة السعودية تخطط لاستيراد صواريخ بالستية في وقت لاحق من هذا الشهر من الصين في إطار برنامج سري أُطلِق عليه اسم "التمساح".
بينما أكد المصدر الآخر المرتبط بالمخابرات الأمريكية أنَّ النقاش يتعلق بمبيعات الأسلحة مع الصين.
الإفراج عن معتقلين من العائلة المالكة
على صعيد آخر، قالت المصادر إن بيرنز طلب أيضاً الإفراج عن العديد من أفراد العائلة المالكة السعوديين البارزين الذين احتجزهم محمد بن سلمان، بمن فيهم ابن عمه، ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف.
وكان محمد بن نايف وريث العرش قبل أن يطيح به ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في عام 2017. ولأنَّ محمد بن نايف هو شريك وثيق للمخابرات الأمريكية، فقد ضغطت إدارة بايدن من أجل إطلاق سراحه وسط مزاعم بالتعذيب.
وبالرغم من أنَّ الاعتماد على مدير وكالة المخابرات المركزية لإجراء مشاركة دبلوماسية رفيعة المستوى من هذا النوع أمر غير معتاد للغاية، لكنه يوفر ميزة كبيرة واحدة على الأقل؛ وهي السرية.
وقال المصدر المقرب من المخابرات الأمريكية إنَّ وجود بيرنز كان بمثابة وسيلة لمحاولة إصلاح العلاقة المشحونة بين محمد بن سلمان ومسؤولين كبار آخرين في إدارة بايدن.
جولة مخابراتية شملت دولاً عربية
من جانب آخر، كشف المصدر أنَّ لقاء بيرنز مع محمد بن سلمان كان واحداً من عدة اجتماعات مع قادة في المنطقة، بما في ذلك في قطر والإمارات وسلطنة عُمان. فقد أكد مسؤول بارز بمركز أبحاث مقرب من إدارة بايدن أنَّ بيرنز كان يسافر في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وردّد بيرنز، في اجتماعه مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، موضوع اجتماعه مع محمد بن سلمان، وحثه على التوقف عن التقرب إلى الصين، وأشار خصيصاً إلى بناء قاعدة عسكرية صينية في الإمارات.
وفي العام الماضي، أُفِيد بأنَّ إدارة بايدن حذرت الإمارات من بناء الصين منشأة عسكرية في ميناء إماراتي وأنَّ بناءه قد يعرض العلاقات بينهما للخطر.
أما عن علاقات الرياض وبكين، فقد قيّمت المخابرات الأمريكية أنَّ البلاد تعمل مع الصين لتصنيع صواريخها البالستية محلياً؛ ما أثار مخاوف بشأن بدء سباق تسلح إقليمي.
وقال المصدر المقرب من المخابرات الأمريكية "الشيء المختلف في هذا هو أنَّ السعوديين يتطلعون الآن لاستيراد صواريخ كاملة".