السيسي يتدخل لإنقاذ سمعة العاصمة الإدارية.. فوضى بسوق العقارات بعد منع البيع قبل إنهاء ثلث المشروع

عربي بوست
تم النشر: 2021/11/11 الساعة 13:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/11/11 الساعة 19:46 بتوقيت غرينتش
العاصمة الإدارية في مصر تبلغ استثمارات الصين فيها 85%

اجتماعات "عاصفة"، وغضب مكتوم بين المطورين العقاريين بقطاع التشييد والبناء في مصر، لم يخرج بعد من الغرف المغلقة، بسبب قرار أصدره الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن عدم الإعلان عن تسويق أي مشروع عقاري إلا بعد الانتهاء من بناء 30% من وحداته، وذلك "لضمان حقوق الحاجزين، وجدية المطوّرين"، بحيث لا يُترك المواطن فريسة للتلاعب.

ويخشى خبراء اقتصاديون أن يدفع هذا القرار إلى هزة تؤثر بدورها على الاقتصاد المصري، الذي يُشكل سوق العقارات جزءاً كبيراً منه، ومنذ الإعلان عن القرار وثمة حالة استياء وصل صداها إلى المسؤولين بالدولة، ما اضطرهم إلى عقد لقاء عاجل، في 12 أيلول/سبتمبر الماضي، بين رئيس الوزراء مصطفى مدبولي وكبار المطورين العقاريين، لكنهم لم يتوصلوا لحل يُرضي جميع الأطراف، فضلاً عن عدم الحديث عن إمكانية التراجع عن القرار أو التقليل من نسبة الـ30%.

مصدر حكومي كشف أن هناك ضغطاً شديداً من جانب المطورين العقاريين، خاصة المستجدين على السوق، ودخلوا مؤخراً بنية استثمار أموالهم، على المسؤولين، وأنه سيتم عقد اجتماعات أخرى الأسابيع المقبلة بغية الوصول إلى كيفية تنفيذ قرار الرئيس بدون إلحاق الضرر بالمطور أو المشتري.

المشكلة أن بعض المطورين يشعرون أن الدولة تزاحمهم في "لقمة عيشهم" وتعمل لصالحها، كما قال أحدهم لـ"عربي بوست"، ما سيكون له تبعات سلبية ستنعكس آثارها على السوق العقاري، ولن ينجو من ذلك المطوّرون ولا المواطنون، فهناك حالة من الصدام غير المعلن بين المقاولين (المطورين العقاريين كما يطلق عليهم في العقدين الأخيرين) والدولة، بعد دخولها كشريك ومطوّر ومشرّع في ذات الوقت!

لكن ماذا وراء قرار الانتهاء من 30% من الإنشاءات قبل طرح الوحدات للبيع؟

مصدر بوزارة الإسكان قال لـ"عربي بوست" إن الرئيس تدخّل عندما شعر بالخطر على مشروعه القومي بالعاصمة الإدارية، التي لاحت في أفقها أزمات كثيرة، يقول خبراء إنها قد تعصف باستثمارات شركات التطوير العقاري التي تعمل في مشاريع الإسكان الخاص هناك.

يستكمل المصدر أن هناك تقارير رفعها مسؤولون للرئاسة، تحذر من موجة تعثّر تضرب الشركات العقارية. 

وأن بعض المطورين ممن خُصصت لهم أراض بالعاصمة الجديدة لم يلتزموا بالبنود واستخدام أموال المشترين في غير بناء وحداتهم السكنية، واشتروا أراضي جديدة بدلاً من إنهاء مشاريعهم لتحقيق مكاسب مضاعفة، وشهدت بعض المشروعات مخالفات وتقاعساً في التنفيذ وتهرباً من سداد المستحقات، ما أحدث ضجةً كبيرة داخل العاصمة، وغضباً عارماً بين العملاء المتضررين من التصرفات غير المسؤولة من هؤلاء المطورين، ومن هنا كان شرط إنهاء 30% من الإنشاءات قبل طرح الوحدات للبيع.

كلام المصدر يتوافق مع العديد من الأخبار التي انتشرت على مدار الأشهر الماضية، ولم تجد نفياً رسمياً أو تأكيداً لها، وجميعها تراوحت ما بين شركات متعثرة ولا تستطيع سداد الأقساط، وكان يتم التعتيم عليها خوفاً من إلحاق الضرر بمبيعات "عاصمة الرئيس".

 على سبيل المثال كانت قائمة متداولة تضم أسماء 8 شركات تم توجيه إنذارات بالسحب لها، من بينها جمعيات إسكان وشركات أخرى ذات ملاءة مالية قوية، وأخرى عجزت عن سداد أقساطها، ومطور يهرب للخارج بأموال المستثمرين، وشركة فتحت البيع في برجها المطل على البرج الأيقوني وباعت الوحدات التي تطل على منطقة الأبراج المركزية وفشلت تسويقياً في بيع باقي وحدات المشروع، وأخرى تم استقطاع جزء من المساحة المخصصة لها، ورابعة تبحث عن مشترٍ يأخذ مكانها.

تلقّى أحمد، وهو صحفي بإحدى الصحف الخليجية، عرضاً مبهراً من نقابة الصحفيين، للحصول على وحدة سكنية بالعاصمة الإدارية في مشروع "ذا سيتي" The city، ودفع أقساطاً وصلت إلى مليون و900 ألف جنيه، ومنذ عام تقريباً علم بتعثر المطور العقاري المالك للمشروع، وكانت الطامة عندما أبلغته شركة العاصمة بعدم مسؤوليتها عن هروب المطور.

يقول الصحفي إنه ومعه مغتربون كُثر اشتروا بالمشروع، لأن هناك 3 جهات تشرف على متابعة معدلات التنفيذ في المدينة، هي شركة العاصمة الإدارية والهيئة الهندسية للقوات المسلحة وهيئة المجتمعات العمرانية، مع العلم أن الحاجزين ملتزمون بسداد الأقساط في موعدها بشيكات بنكية يتم سحبها من رصيدهم، لكنهم تفاجأوا أن المطور العقاري لم يسدد أقساط الأرض لشركة العاصمة، فسحبت منه الأرض وطردت العاملين بالموقع وضمنت حقها، بينما لا يوجد من يضمن لنا حقنا. 

ويوضح أنه الآن يعرض وحدته للبيع بعدما عاد العمل بالمشروع بعد تدخل الجهات المختصة وفتح حساب مقيد تحت إشراف جهاز العاصمة، لكي تذهب أموال العملاء لصالح الإنشاءات، لكن الصحفي المصري فقد الثقة في جهاز العاصمة، مشيراً إلى أن الشراء بات مثل أي مكان آخر، بل أسوأ، لأن الأرض مرتفعة السعر على المطور، وبالتالي نسبة فشله أكبر.

حالة مشروع "ذا سيتي" لم تكن حالة التعثر الوحيدة، ومع توالي ظهور تلك الحالات تعالت أصوات استغاثة الحاجزين، بين تأخر مقلق في التسليم، ومشاريع لم تسلَّم أصلاً وتبخرت معها أموال الملاك.

ذكرت مصادر أن هناك تخوفات من العملاء من الحجز في مشروعات أخرى، مثل المشروع المُقام على مساحة 35 فداناً، حيث تم تخصيص مساحة نسبتها حوالي 20% من المساحة الإجمالية للمشروع والأبنية، والباقي 80% تم تخصيصه للمساحات الخضراء واللاند سكيب وباقي الخدمات الترفيهية.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2020، أكد اللواء أحمد زكي عابدين، رئيس شركة العاصمة الإدارية الجديدة، سحب أراضٍ من 4 شركات عقارية داخل العاصمة، بسبب تقصيرها في تنفيذ الجدول الزمني الذي وضعته شركة العاصمة الإدارية لتنفيذ المشروعات.

وأضاف اللواء أحمد زكي عابدين، في تصريحات صحفية، أن قرار سحب الأراضي جاء بعد أكثر من إنذار تم توجيهه لهذه الشركات، موضحاً أن مشروع العاصمة الإدارية مشروع دولة، ولن نسمح لأي أحد بأن يستغل المشروع لتحقيق مصالح مادية وتسقيع الأراضي.

وأقرّ العميد الحسيني، المتحدث الرسمي باسم شركة العاصمة الإدارية الجديدة، بأن هناك مشكلة بالفعل مع عدد من المطورين العقاريين، ممن حصلوا على أراضٍ داخل العاصمة.

عضو بشعبة الاستثمار العقاري بجمعية رجال الأعمال المصريين، يقول لـ"عربي بوست"، إن هناك عدداً كبيراً من الشركات العقارية العاملة في العاصمة الإدارية دخلت هذا النشاط حديثاً، وليست لديها خبرات كافية في هذا المجال، وحصلت على مساحات صغيرة، وبالتالي انفرط عقدها، خاصة أن ساحة الاستثمار بالعاصمة الإدارية تشهد حرب تكسير عظام، ومستويات الأسعار باتت مقلقة، في ظل تراجع القدرة الشرائية، وعدد الشركات الكبير الذي يسعى للتواجد على الساحة من باب الاستثمار في المدينة الجديدة.

فوضى السوق العقاري 

"بيتنا هيتخرب وأسر كثيرة هتتشرد".. بهذه الكلمات عبر عرفان إبراهيم (مدير إدارة المبيعات بإحدى الشركات العقارية)، موجزاً ما يحدث تلك الفترة بسوق العقارات المصري.

لا ينكر المقاول أن السوق العقاري تعتريه الفوضى، وأن مشترين كثيرين فقدوا أموالهم أو جزءاً منها، نتيجة عمليات نصب تعرضوا لها، وتلاعب من بعض المطورين، لكن الحل لا يمكن أن يكون بخلط الحابل بالنابل ووضع الفاسدين مع المنضبطين في سلة واحدة، بإلزامنا بنسبة الـ30% التي تريدها الدولة.

يستكمل عرفان ويعمل أيضاً كعضو في مجالس إدارة عدد من الشركات العقارية لـ"عربي بوست"، أن القرار كارثي، ومن شأنه أن يُوقف عجلة قطاع التشييد والبناء عن الدوران تماماً، خاصة أنه يتزامن مع حالة ركود في عملية الشراء، فضلاً عن الزيادة اللافتة في أسعار عدد من مواد البناء في الأسابيع القليلة الماضية، حيث تصدّر الحديد والأسمنت قائمة المنتجات التي شهدت زيادة بنسبة وصلت إلى 30%، وتوقع المطور أن ترتفع بالتبعية أسعار العقارات خلال عام 2022، مؤكداً أنها سترتفع بنسبة لا تقل عن 15% إلى 25%.

يوضح أن معظم المطورين لا يمتلكون سيولة كافية لتنفيذ 30% من المشروع قبل البدء في البيع، ولا حتى 20%، فالجميع يعتمد على سمعته السوقية، وليس على قدرته التمويلية، وقرارٌ كهذا من شأنه أن يتسبب في خروج مطورين كُثر من ساحة المنافسة الشرسة، محذراً من أن ذلك سينعكس سلباً على قطاعات أخرى تعتمد على سوق العقارات.

ويبدو أن تطبيق نسبة الـ30% ستضر بالعملاء على المدى البعيد، فتوفير السيولة المطلوبة لبناء تلك النسبة مقدماً لن يجعل المطور يبيع المتر بنفس السعر قبل بناء النسبة المقررة، فضلاً عن أنه لن يوفر للمشتري نظام تقسيط مريحاً كما يفعل الآن لجمع ما أنفقه من أموال.

المقاولون ممنوعون من قروض البنوك

يوافقه في الرأي محمد إسماعيل، صاحب إحدى شركات المقاولات، مشيراً إلى أن ما يحدث اليوم في سوق العقارات يخالف ما اعتاد عليه المقاولون (المطورون العقاريون)، شارحاً أنه منذ ثلاثة عقود كانوا يحصلون على قروض من البنوك بضمان الأراضي، ثم يسددون تلك القروض بعد الانتهاء من البناء، وتسليم الوحدات السكنية للمُلاك.

لكن الأمر اختلف منذ سبتمبر/أيلول 1995، حيث أصدر البنك المركزي المصري قراراً بمنع البنوك من إعطاء قروض للمقاولين بضمان الأراضي، وذلك بعد القضية المشهورة إعلامياً بـ"نواب القروض"، الذين استولوا على المال العام بضمانات أراضٍ قيّم سعرُها بأرقام كبيرة، على عكس الأسعار الحقيقية، واستولوا على ما يقارب 900 مليون جنيه مصري.

يتذكر الرجل حين لجأ ومعه مقاولون آخرون إلى فكرة البيع على الخريطة، وحققوا من وراء ذلك أرباحاً طائلة، حيث حصلوا على أراضٍ من هيئة المجتمعات العمرانية (جهة حكومية مختصة بتوزيع الأراضي في المدن الجديدة)، ودفعوا من مالهم الخاص ربع قيمتها كمقدم، ولم يُخفِ المقاول أنه كان يتحصل عليها بسعر شراء يقل عن قيمتها السوقية، ويبيع المشروع السكني للجمهور على "ميني ماكيت" قبل الشروع في البناء. 

بعدها كان يتم تخصيص وحدات للمشترين، ومن أموالهم يسدد باقي ثمن الأرض على سنوات، طبقاً للاتفاق المبرم مع الهيئة، ويبني المشروع ويسلم الوحدات المخصصة، ويتبقى لهم وحدات مميزة يطلقون عليها "بيع الغناوة"، بمعنى أنها إن لم تُبَعْ فلن يضرهم شيء، ويتم تسقيعها "وهي كلمة تطلق على العقارات حين يتم تركها بدون بيع حتى غلاء سعرها"، ثم تَطَوَّر الأمرُ لبناء الكمبوندات والمنتجعات السكنية بأرباح خيالية، ودخل على الخط صغار المستثمرين الذين ضاربوا أيضاً في أراضٍ فازوا بها من هيئة المجتمعات العمرانية.

الدولة تتحرك لتحصل على حصتها 

يلتقط أحد المطورين العقاريين طرف الحديث قائلاً: إن الأرباح الضخمة التي حقَّقها المطورون العقاريون والأموال المتدفقة في قطاع الأراضي والتشييد، أغرت المسؤولين وتحركوا للحصول على حصتهم، خاصةً أن هناك أرباحاً يتحصل عليها مشترو الأرض، ومنهم مواطنون عاديون، بعد تسلّم إيصال التخصيص من هيئة المجتمعات وإعادة البيع بأصفار كثيرة.

لذلك رفعت الدولة سعر التخصيص، وتوسَّعت في طرح الأراضي، وقامت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بطرح ما يقرب من 58 ألف قطعة أرض عام 2016، ما نتج عنه حدوث تشبّع نسبي في السوق، لدرجة أنه في 2018 باعت 17% فقط مما طرحته في إحدى المدن الجديدة.

ويشير المطوّر إلى أن دخول الدولة أدّى إلى تجاوز المعروض في ذلك القطاع الطلبَ بعدة أضعاف، ما دفعه إلى تغيير نظام البيع، وأتاح للمشتري الحصول على وحدة مقابل سداد 20% وتقسيط الباقي بفوائد على سنوات.

واستكمالاً لحرب تكسير العظام بين المطور والدولة، بدأت الحكومة تحل أدوارهم، وقامت ببناء مشروعات خاصة بها لمختلف الطبقات، فهناك الإسكان الاجتماعي، حيث الوحدات الصغيرة التي لا تتجاوز مساحتها 80 متراً مربعاً، وتناسب محدودي الدخل، ومشروع "سكن مصر" الذي وُجه للطبقة الوسطى، بمتوسط سعر من 600 إلى مليون جنيه، وهناك "دار مصر"، الذي يخاطب الطبقة الوسطى العليا، بوحدات متوسط قيمتها مليون و200 ألف جنيه، فضلاً عن حضور الجيش بقوة كشريك ومنظم في العاصمة الإدارية والمدن الجديدة.

ملاذات آمنة لتحويل الأموال من الخارج

وبالرغم من الركود الحاصل في سوق العقارات، الذي طال مشاريع الحكومة، نتيجة لوفرة المعروض المتزامن مع ارتفاع الأسعار (متوسط سعر المتر في مناطق بالقاهرة الجديدة والشيخ زايد وغيرها يتعدى العشرة آلاف جنيه) فإنه كان هناك طلب على العقارات من قبل ملايين المصريين في الخارج، الذين لا يجدون ملاذات آمنة لمليارات الدولارات التي يحولونها سنوياً سوى العقارات. 

ولتنشيط السوق ظهرت فكرة "التمويل العقاري"، وطرح البنك المركزي المزيد من الإغراءات كمبادرة الـ3%، ومبادرة الـ8% للتخفيف عن المواطنين، لكن كما يقول المطور كلها تخدم المشروعات الحكومية ولا تخدم شركات التمويل العقاري.

هايدي محمد، تعمل بمخاطر الائتمان بأحد الفروع البنكية بالمهندسين، تشير إلى أن التمويل العقاري فكرة ليست جديدة، لكن تقابلها عقبات كثيرة بالنسبة للشركات الخاصة والمطورين العقاريين، منها أنهم كبنك يشترطون تسجيل الوحدة السكنيّة التي سيتم التعامل عليها، وهناك أوراق مطلوبة كسند الملكية والرخصة ونموذج 19 تصرفات عقارية، للكشف عما إذا كان على العقار مخالفات أم لا.

تستكمل السيدة أن 86% من الملكيات في مصر غير مسجلة، وبذلك تكون مبادرات البنك المركزي للتمويل العقاري متاحة للجميع نظرياً فقط، لكن عند التطبيق العملي فإنها تخدم فقط المشروعات الحكومية، شارحةً أن جواب التخصيص في المدن الجديدة يُغني عن سند الملكية والرخصة ونموذج 19 تصرفات عقارية، المطلوبة للتعامل مع أي وحدة سكنية.

البيان الكارثة

في ظل تردد تلك الوقائع داخل العاصمة الإدارية الجديدة، وحالة القلق التي تنتاب الراغبين في الحجز والاستثمار بالمشروعات، هناك تساؤل يطرح نفسه على الساحة، حول مستقبل مستحقات العملاء حال تعثر الشركة، وضمان استرداد تلك المستحقات لأصحابها مرة أخرى.

المفاجأة أن شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية بدلاً من طمأنة العملاء قامت بإصدار بيان صحفي، زاد من قلق الحاجزين أو الراغبين في الحجز، حيث نَص على أن العاصمة الإدارية تهيب بجميع المواطنين عدم حجز أو شراء أي من الوحدات، سواء (سكني، إداري، تجاري) من أي مطور إلا بعد التأكد من صدور القرار الوزاري "المخطط العام المعتمد للمشروع"، أو صدور الرخص البنائية للمبانى بأنواعها المختلفة "سكني، إداري، تجاري"، وطالبت شركة العاصمة الإدارية بالتأكد من بدء المطور في التنفيذ، طبقاً للبرنامج الزمني الخاص بكل مشروع، بجانب متابعة التنفيذ أولاً بأول، مع توالي دفع المواطن للأقساط، مؤكدة أن حجز الوحدة علاقة ثنائية بين المواطن والمطور وليس للشركة أي دخل.

تسبب البيان في حالة من الذعر والخوف والقلق بين المواطنين. يقول محمد شريف (طبيب)، إنه اشترى بالفعل في العاصمة الإدارية وحدتين؛ سكنية وإدارية، وإنه ومن معه أقبلوا على الشراء ليس لأنه كباقي المشروعات العقارية، ولكن لأنه مشروع قومي يتبنّاه الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتبنّته الدولة بكل أجهزتها وعلى كل المستويات، ما أدى إلى طمأنة المواطنين والعاملين بالداخل والخارج، ودفعهم لضخ مليارات، سواء بالجنيه أو الدولار كاستثمارات في شراء الوحدات العقارية، وبعد مضي أكثر من 4 سنوات على بداية المشروع القومي ترفع شركة العاصمة يدها عن حماية المواطنين.

يطرح ماهر إسماعيل -أحد المشترين بالعاصمة، ويعمل مهندس بترول بالسعودية وتعذّر سفره إلى مصر لسنوات حتى يسدد الأقساط الكبيرة المطلوبة- عدداً من الأسئلة من خلال "عربي بوست"، فكيف له أن يتابع بناء المنشآت بشكل دوري؟ وكيف أن العلاقة بين العاصمة والمطور لا شأن للمواطنين بها، أي أنه ليس هناك علاقة تربط بين شركة العاصمة والمواطنين المنتفعين، ولماذا المواطن يتحمل مشكلات العلاقة بين شركة العاصمة والمطور؟ لماذا لا يتحمل كل طرف مسؤولياته فقط؟ وكيف يشتري المواطن من مطور ليس هو الطرف الوحيد في العلاقة، وأن هناك طرفاً خفياً على المواطن (العاصمة) هو شريك للمطور، إلى أن تنتهي شروط عقده بالكامل هندسياً ومالياً، أيّ عاقل يمكن أن يشتري بهذه العلاقة غير المترابطة، وكيف يشتري المواطن بعد التأكد من ترخيص بنايته وهو يشتري في مشروع مخطط له بشكل عام طبقاً للقرار الوزاري؟

الحقنا يا ريس

يقول المهندس إن بيان شركة العاصمة سيؤثر على المواطنين، ويدفعهم إلى التردد في شراء الوحدات العقارية في المشروع القومي للعاصمة، خصوصاً مع قرب الافتتاح والتشغيل الرسمي، ما يؤثر بصورة مباشرة على القطاع العقاري بالنسبة للمطورين واستثماراتهم المهددة بالانهيار، في ظل تراجع عمليات الشراء، كما سيؤدي إلى تراجع الاستثمارات على كل المستويات، من أدناها إلى أعلاها، بداية من المواطنين ومروراً بالمطورين، ووصولاً إلى المستثمرين العرب والأجانب، الذين تستهدفهم الدولة لجذب الاستثمارات. 

وعندما بدأت وسائل إعلام، غير محلية، تهتم بالقضية مع تعالي أصوات استغاثة الحاجزين في المشروعات المتعثرة على هاشتاغ #إلحقنا_ياريس_العاصمة_الإدارية، وبسبب فزع المشترين المقبلين على الشراء في المشروع الذي بات يمثل مستقبل السكن والاستثمار، ودرة تاج الجمهورية الجديدة: "العاصمة الإدارية"، وكثرة الشكاوى، قررت الدولة أن تتدخل لإنقاذ سمعة العاصمة.

 قرّر السيسي التدخل خوفاً على حلمه، مُصدراً قراره الأخير بمنع المطورين العقاريين من الإعلان عن تسويق أي مشروع إلا بعد الانتهاء من بناء 30% منه، وذلك لضمان حقوق الحاجزين، ولتأخر العديد من شركات التطوير العقاري في تسليم مشروعاتها للعملاء، لعل تلك القرارات تُسهم في ضبط وتصحيح هذا الأمر في العاصمة الإدارية وغيرها من المشروعات التي عانى عملاؤها لعقود من احتيال الشركات.

القرار لصالح الشركات الحكومية والمشترين

عضو في جمعية رجال الأعمال المصريين يشير إلى أن قرار الرئيس كان لصالح المشتري والشركات الحكومية ورجال الأعمال الأثرياء، الذين يستطيعون تنفيذ إنشاءات بنسبة 30% قبل طرح المشروع للبيع، أو لديهم وحدات راكدة بالفعل لم يتم بيعها، وكان الأولى حماية استثمارات المواطنين والمطورين معاً.

يُسمح للمطور العقاري بالإعلان عن مشروعه والبيع على "الميني ماكيت"، وتقوم الدولة بفتح حساب بنكي لكل مشروع عقاري يوضع فيه أموال المواطنين ويكون تحت رقابة وإشراف الدولة، ولا يسحب المطور من هذه الأموال إلا بموافقة المراقب الحكومي، ووفقاً لخطة سير الإنشاءات بالمشروع، ومتابعة مستمرة للشركات، والإعلان بشفافية عما يحدث في المشروعات، وهو أمر سيدعم وبشدة الشركات الجادة، وسيُحفّز الشركات المتراخية على سرعة الإنجاز، ولن يستطيع أحدهم النصب والتلاعب بأموال الحاجزين، وفي نفس الوقت لن يتعطل السوق أو يرتبك، أما أن يترك الحابل يختلط بالنابل ويطبق القرار بإلزامنا بإنشاءات قبل البيع، فهذا ظلم للشركات الجادة، وتحميل عبء مالي على الراغبين في الشراء.

تحميل المزيد