تبادلت كل من مصر وإثيوبيا الاتهامات في مجلس الأمن الدولي، مساء الخميس 8 يوليو/تموز 2021، حول مَن المسؤول عن إفشال مفاوضات سد النهضة التي وصلت لطريق مسدود في الأسابيع القليلة الماضية.
إذ أبلغ وزير الخارجية المصري سامح شكري، مجلس الأمن، الخميس 8 يوليو/تموز 2021، أن الجهود التي يقودها الاتحاد الإفريقي بشأن "سد النهضة" الإثيوبي "وصلت إلى طريق مسدود".
جاء ذلك في إفادة الوزير المصري خلال جلسة مجلس الأمن المنعقدة مساء الخميس حول السد، وهي الثانية من نوعها بعد أولى جرت العام الماضي، لتحريك جمود المفاوضات بين الدول الثلاث.
اتفاق ملزم
قال شكري: "ما تريده مصر هو اتفاق ملزم قانوناً يحمي مصالحنا (..) ونحن جئنا إلى مجلس الأمن بحثاً عن حل سلمي ولكي نتجنب العواقب الوخيمة التي قد تنجم في حال عدم التوصل لاتفاق".
كما طالب بأن "يضطلع المجلس بمسؤولياته ويتخذ الإجراءات اللازمة لضمان انخراط الأطراف في تفاوض فعال يُفضي إلى اتفاق يحقق المصالح المشتركة".
شكري أردف: "نحن نطرح عليكم قراراً سياسياً ومتوازناً وبنّاء، يتمثل في إعادة إطلاق المفاوضات بقيادة الاتحاد الإفريقي وبما يمكّن الأمم المتحدة من استخدام خبراتها ذات الصلة". وتابع: "في حال تضررت حقوقنا المائية فلا يوجد أمام مصر بديل إلا أن تصون حقها الأصيل في المحافظة على الحياة".
بدورها، أفادت وزير الخارجية السودانية مريم المهدي، بأن بلادها "دعمت بناء سد النهضة منذ البداية، بشكل يحفظ حقوق الدول الثلاث، خاصةً أنه سيحمي السودان في مواسم الفيضان".
الوزيرة السودانية أضافت في إفادتها خلال الجلسة: "دون اتفاق على قواعد تعبئة السد فإن فوائده ستتحول لمخاطر على نصف سكان كل من مصر والسودان".
كما شددت على أهمية "التوصل لاتفاق ملزم؛ لحماية الأمن البشري والاستراتيجي لبلادنا"، مضيفة: "إثيوبيا اتخذت خطوات منفردة أضرت بمصالحنا وعطلت قدراتنا الزراعية".
بدء الملء الثاني لسد النهضة
جدير بالذكر أن إثيوبيا أخطرت دولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان، ببدء عملية ملء ثانٍ للسد بالمياه، من دون التوصل إلى اتفاق ثلاثي، وهو ما رفضته القاهرة والخرطوم، باعتباره إجراءً أحادي الجانب.
من جانبه قال سيليشي بيكيلي، وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي، إن خزان سد النهضة أصغر بمرتين من خزان السد العالي في مصر. وأضاف خلال كلمته أمام جلسة مجلس الأمن الدولي بشأن سد النهضة، أن سد النهضة في المكان الصحيح، وهدفه تحسين حياة سكان المنطقة.
كما أوضح أن اليوم يتم التدقيق بمجلس الأمن في تشغيل سد لتوليد الطاقة وهو أمر غير مسبوق.
كذلك قال وزير الري والطاقة والمياه الإثيوبي، في مجلس الأمن الدولي: "إننا نبني خزاناً لتوليد الكهرباء أقل من السد العالي".
الوزير الإثيوبي قال إن مناقشة أزمة سد النهضة في مجلس الأمن تضيّع وقته ومجهوده، كما تضيّع وقت وموارد الأمم المتحدة، موضحاً أن بلاده شاركت في المفاوضات بحسن نية برعاية الاتحاد الإفريقي، لكن مصر ترفض أي حلول مقترحة ، على حد وصفه.
كما أشار وزير الري الإثيوبي إلى دور دولة جنوب إفريقيا لتيسير مفاوضات سد النهضة، مثنياً على جهود جمهورية الكونغو الديمقراطية، الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، في ظل هذه الظروف العصبية.
في ختام كلمته طالب وزير الري الإثيوبي بإعادة ملف سد النهضة إلى الاتحاد الإفريقي، وطالب القاهرة والخرطوم بالدخول في مفاوضات جادة، من أجل الوصول إلى حل عادل للدول الثلاث.
تشجيع جهود الأمم المتحدة
من جانبه قال السفير نيكولا دو ريفيير رئيس الدورة الحالية لمجلس الأمن ومندوب فرنسا لدى المجلس، إنه يشجع الأمم المتحدة على مواصلة جهودها للتوصل لاتفاق لأزمة سد النهضة، وكذلك التوصل لاتفاق ملء وتشغيل سد النهضة.
إذ دعا ريفيير خلال الجلسة العامة لمجلس الأمن لمناقشة أزمة سد النهضة بين مصر وإثيوبيا والسودان، إلى التعاون من أجل حل المشاكل العالقة، في إطار المفاوضات.
من جانبها قدمت المكسيك مقترحاً لإنهاء أزمة سد النهضة الإثيوبي، بين كل من مصر والسودان وإثيوبيا، بتشكيل لجنة ثلاثية من الدول الثلاث لإدارة السد، وإدارة النيل الأزرق.
فخلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي بشأن سد النهضة، قال المندوب المكسيكي إنه يمكن إنشاء لجنة لإدارة مياه النيل الأزرق بين الدول الثلاث على غرار اللجنة المكونة بين المكسيك والولايات المتحدة لإدارة الأنهار المشتركة بينهما، مؤكداً أنه يجب إيجاد اتفاق ملزم يضمن حقوق الأطراف الثلاثة.
دعوات للتعاون المشترك
من جانبها دعت الأمم المتحدة، الخميس، مصر وإثيوبيا والسودان إلى التعاون والعمل معاً للتوصل إلى "اتفاق مثالي" بشأن سد النهضة.
جاء ذلك وفق المبعوث الخاص الأممي للقرن الإفريقي بارفيه أونانغا أنيانغا والمديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إنغر أندرسن في إفادتيهما خلال جلسة مجلس الأمن الدولي المنعقدة حالياً بالمقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك حول "سد النهضة" الإثيوبي.
قال أونانغا أنيانغا: "كل الدول التي تتشارك في الأنهار العابرة للحدود تتمتع بحقوق وعليها واجبات"، داعياً الدول الثلاث إلى "التعاون فيما بينها وتفادي أي تصريحات تزيد من التوتر".
بدورها أكدت أندرسن، أنه "من الممكن أن تحرز الأمم المتحدة مع الأطراف المعنية تقدماً على نحو سلمي والتوصل إلى اتفاق مثالي". وشددت على أن "الأمم المتحدة مستعدة وموجودة لتقديم الدعم للدول الثلاث".
كما قالت أندرسن: "التوصل لمثل هذا الاتفاق يتطلب إظهار الإرادة من الأطراف المعنية وتجاوز الخلافات فيما بينها".
يُذكر أن مجلس الأمن بدأ، الخميس، جلسة بشأن نزاع السد الإثيوبي، هي الثانية من نوعها بعد أولى جرت العام الماضي، لتحريك جمود المفاوضات بين الدول الثلاث.
من جانبه اعتبر مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبيزيا أن رفع عدد الوسطاء في مفاوضات سد النهضة لن تكون له قيمة، مضيفا "نحن قلقون من تنامي الخطاب التهديدي في أزمة سد النهضة".
كما أكد المندوب الروسي أنه لا حل لتسوية النزاع إلا من خلال القنوات السلمية بمشاركة الدول الثلاث، محذرا مما وصفه بصب الزيت على النار والتهديد باستخدام القوة.
دعوات لتقديم تنازلات
من جانبها دعت مندوبة بريطانيا الدائمة لدى الأمم المتحدة، السفيرة بربارا وودوارد، التي تتمتع بلادها بحق النقض (الفيتو)، الدول الثلاث إلى "تقديم تنازلات من أجل التوصل لاتفاق".
كما أكد المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة السفير فاسيلي نيبيزيا، خلال الجلسة، أنه "لا حل لتسوية النزاع إلا من خلال القنوات السلمية بمشاركة الدول الثلاث"، محذراً مما وصفه بـ"صب الزيت على النار، والتهديد باستخدام القوة، الأمر الذي يجب منعه وتفاديه".
بدورها أكدت مندوبة واشنطن السفيرة ليندا توماس غرينفيلد، خلال الجلسة، أن "الاتحاد الإفريقي هو المكان الأنسب للنظر في قضية سد النهضة"، داعيةً الدول الثلاث إلى "إبداء المرونة لتسوية المسألة بسلام، والامتناع عن أي إجراءات تهدد المفاوضات".
أكدت غرينفيلد التزام واشنطن بالعمل مع الدول الثلاث لضمان استئناف المفاوضات بقيادة الاتحاد الإفريقي.
يُذكر أن إثيوبيا أخطرت دولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان، ببدء عملية ملء ثانٍ للسد بالمياه، من دون التوصل إلى اتفاق ثلاثي، وهو ما رفضته القاهرة والخرطوم، باعتباره إجراءً أحادي الجانب.
وتصر أديس أبابا على تنفيذ ملء ثانٍ للسد بالمياه، في يوليو/تموز الجاري وأغسطس/آب المقبل، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق بشأنه، وتقول إنها لا تستهدف الإضرار بالخرطوم والقاهرة، وإن الهدف من السد هو توليد الكهرباء لأغراض التنمية.
بينما تتمسك مصر والسودان بالتوصل أولاً إلى اتفاق ثلاثي حول ملء وتشغيل السد؛ لضمان استمرار تدفق حصتهما السنوية من مياه نهر النيل.