لا يزال الجدل قائماً حول مصير شركة جهينة المصرية للصناعات الغذائية، المملوكة جزئياً لرجل الأعمال صفوان ثابت، المحبوس بتهمة تمويل الإرهاب، وذلك بعد صدور قرار من البورصة المصرية يوم 25 مايو/أيار بإدراج الشركة في قائمة الشركات المحتمل شطبها.
ويأتي قرار البورصة بعد أسابيع قليلة من حملة احتجاز عشرات من سيارات النقل الخاصة بالشركة بسبب ما قيل إنه مخالفات مرورية، واحتجاز عدد من السائقين بتهم قيادة سيارات دون ترخيص.
قرار البورصة وما سبقه من أحداث على الشركة التي تستحوذ على قرابة 40% من سوق الألبان في مصر، يثير تساؤلات عن الهدف من هذه التضييقات ومن هي الجهة التي تقف وراء هذا الأمر، ولصالح من؟
مصادر خاصة لـ"عربي بوست" ذكرت تفاصيل وكواليس ما يحدث بين شركة جهينة وبين الحكومة المصرية، ودور الإنتاج الحربي في هذا الصراع القائم.
كثير من الغموض بين الشركة والدولة
الأزمة بين جهينة والدولة المصرية قديمة كما يقول باحث اقتصادي مطلع رفض التصريح باسمه لحساسية الوضع، مضيفاً أن الجانب الأكبر من تفاصيلها غامض وغير مفهوم ولا يعرفه أحد، سواء في الأجهزة الأمنية أو داخل شركة جهينة نفسها.
وأضاف أن التناقضات في مواقف الدولة من جهينة ومؤسسها تبدو عصية ليس فقط على الفهم ولكن على التصديق أيضاً، فقد رأينا كلنا صفوان ثابت وهو يجلس بجوار الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في حفل الإفطار الشهير في فندق الماسة عام 2014، وهو الحفل الذي تبرع فيه ثابت -الذي يمتد نسبه لأمه الى حسن الهضيبي المرشد الثاني لجماعة الإخوان المسلمين، الذي تولى منصبه عقب مقتل مؤسس الجماعة حسن البنا- بمبلغ 50 مليون جنيه لصالح صندوق تحيا مصر.
لكن الوضع تغير، كما ذكر موقع مدى مصر في 20 أغسطس/آب من 2015، عندما قررت لجنة حصر وإدارة أموال جماعة الإخوان المسلمين التحفظ على أموال صفوان ثابت الشخصية السائلة والمنقولة والعقارية، مبررة ذلك بأنه "عنصر إخواني وكادر في التنظيم"، وليس "متعاطفاً أو له أقارب بالجماعة كما يقال"، وأن التحريات أثبتت دعمه للمظاهرات الإخوانية التي أعقبت 30 يونيو/حزيران من عام 2013.
وفي فبراير/شباط 2016، أعلنت لجنة التحفظ على أموال جماعة الإخوان التحفظ على 7.2% من أسهم "جهينة" التي يمتلكها ثابت بطريقة غير مباشرة، حيث كانت 40% من أسهم الشركة قد طُرحت في البورصة للمرة الأولى في 2010، وقبلها كانت أسرة ثابت (الأب والأم وثلاثة أبناء) تمتلك 51.2% من "جهينة" عبر ملكيتها لشركة SBSMH للاستثمارات المحدودة وعبر ملكية مباشرة في "جهينة"، مقابل باقي الأسهم التي تمتلكها مجموعة من المستثمرين المصريين والعرب، وبعد الطرح، أصبحت 50.8% من الأسهم في يد شركة فرعون للاستثمارات المحدودة، التي تمتلك أسرة صفوان ثابت أكثر من 72% من أسهمها.
وفي يناير/كانون الثاني 2017 تم إدراج اسم صفوان ثابت على قائمة الإرهابيين إلى جانب قيادات الجماعة لمدة ثلاث سنوات بحكم قضائي من محكمة الجنايات، أيدت خلاله المحكمة اتهامه و1533 آخرين بعدة اتهامات منها تمويل الجماعات الإرهابية واحتكار الشركات والمؤسسات للبضائع بهدف الإضرار بالاقتصاد الوطني.
ورغم كونه تحت التحفظ وقائمة الإرهاب، تبرع ثابت مجدداً بمبلغ 15 مليون جنيه عام 2018 لصالح حملة القضاء على فيروس سي، وحصل نجله سيف، على درع التميز من هيئة الشؤون المالية للقوات المسلحة، واللواء محمد أمين إبراهيم، أمين صندوق تحيا مصر.
الأمر الغريب هنا -كما يقول الباحث- أن صفوان ثابت من ناحيته لم يقم بأي محاولات للضغط على الدولة أو الاستقواء بالخارج في مواجهة حملات ترهيبه، مثلما لم يحاول تهريب أمواله أو الهرب خارج مصر، أو حتى تهريب أحد من أفراد أسرته، وكأن هناك سراً ما يحكم العلاقة بين الطرفين أو استناداً على جهاز سيادي أو أمني ما يجعل صفوان ثابت مطمئناً على مصيره مهما ظهر تجني الدولة عليه!
تكليف السيسي يغير كل شيء
لكن هذه العلاقة تغيرت بشكل واضح منذ أعلن الدكتور طارق سليمان، رئيس قطاع تنمية الثروة الحيوانية والداجنة، أنه ولأول مرة يصدر قرار وزاري بتنظيم تراخيص مراكز تجميع الألبان طبقاً للمواصفات القياسية، والتعاون مع وزارة الإنتاج الحربي لتصنيع معدات تجميع الألبان محلياً.
هذا القرار جاء بعد شهر تقريباً من توجيه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بسرعة الانتهاء من إنشاء 200 مركز متطور لمراكز تجميع الألبان في جميع أنحاء البلاد. ولم يكد يمر أسبوعان على تلك القرارات حتى تم القبض على صفوان ثابت.
يقول مصدر مسؤول بشركة جهينة، إنه "كان من الممكن أن نصدق أن القبض عليه بسبب شائعات تمويله لجماعات الإخوان، لو لم يتزامن القبض عليه مع مشروع مراكز الألبان، والأهم من ذلك هو التضييق على الشركة من قبل الجهات الأمنية مما يعني أن المقصود هو شركة جهينة نفسها".
هيمنة الإنتاج الحربي على السوق
أوضح أحد رجال الأعمال المطلعين على سوق الألبان، أن الإنتاج الحربي هي المسؤولة عن كل الآلات التي يتم توريدها لمراكز تجميع الألبان الجديدة التي تم افتتاحها في محافظات مختلفة، ويشير إلى أنه تم توقيع بروتوكول تعاون بين وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي ووزارة الإنتاج الحربي للبدء فى تطوير عدد من مراكز تجميع الألبان وتقوم شركة حلوان للصناعات الهندسية (مصنع 99 الحربي) بتصنيع وتركيب المعدات والمستلزمات.
وبحسب مصدر بوزارة الإنتاج الحربي، فقد صدرت أوامر إسناد للبدء فى إنشاء 12 مركزاً تابعة للقطاع الحكومي (وزارة الزراعة) و59 مركزاً تابعة للقطاع الخاص (المستثمرين) ليصبح العدد الإجمالي 71 مركزاً بمختلف المحافظات. يأتي هذا كخطوة أولى بهدف الوصول إلى 205 مراكز لتجميع الألبان كمرحلة أولى للمشروع القومي لمراكز تجميع الألبان.
وكشف المصدر أن وزارة الإنتاج الحربي ستورد لتلك المراكز مستلزمات مكاسبها تصل إلى المليارات، منها ماكينات حلب آلي متنقلة مزدوجة، وأجهزة لفحص اللبن المجمع واختباره، وأقساط ستانلس ستيل ذات سعات مختلفة ومصنعة من الستيل، وتانكات استقبال مستديرة مزود بمصفاة ستانلس، ومواتير لسحب اللبن وضخه وفلاتر لتنقيته، ومواسير ستانلس، وأجهزة تبريد سريع للألبان، وغلايات وتنكات سعة خمسة أطنان لحفظ الألبان مبردة، فضلاً عن وحدة غسيل وتنكات نقل محمولة سواء على عربات أو تروسيكلات.
وبالعودة إلى رجل الأعمال، فقد ذكر أنه كان يفكر في الدخول إلى هذه السوق عبر امتلاك أحد هذه المراكز، لكن جاءته نصائح بالابتعاد عنها كون بعض الشخصيات النافذة في الإنتاج الحربي وبعض الجهات الأمنية هي التي بدأت في امتلاك تلك المراكز من الباطن على أن تكون واجهته شخصية مدنية.
لماذا يتم استهداف جهينة؟
أوضح المصدر ذاته أن استهداف شركة جهينة يأتي كونها تهيمن على نسبة كبيرة من سوق توريد الألبان من مراكز التجميع إلى شركات الإنتاج. وعندما دخلت تلك الشخصيات النافذة إلى السوق، بدأ يدور صراع كبير حول الأمر.
فهناك مراكز لتجميع الألبان في معظم القرى المصرية ومهمتها شراء اللبن من الفلاحين بأسعار معلومة ومتفق عليها ثم توزيعها بالحصص على المعامل والشركات، ومنها جهينة التي تستحوذ على نسبة كبيرة من تلك الحصص، والتي كانت تسدد بنظام شيكات يتم تحصيلها خلال شهرين من تاريخ التسليم.
وعندما دخلت المراكز الجديدة في السوق، بدأت بالمضاربة، بمعنى أنه إذا كانت المراكز القديمة تأخذ كيلو اللبن بستة جنيهات، فالمراكز الجديدة تغري الفلاح بسعر أعلى لكي يبيع لها وليس للمراكز الأخرى، ليكون التعامل من خلالها فقط. والضرر هنا سيقع على المستهلك بالتأكيد نتيجة ارتفاع الأسعار، وهو ما حدث بالفعل بعد احتكار التوزيع في بعض المحافظات مثل البحيرة وكفر الشيخ.
عملية المضاربة هذه أضرت بالشركات التي تأخذ من منافذ التوزيع مثل جهينة لأنها مضطرة للأخذ من مراكز التجميع الجديدة ذات السعر العالي، إضافة إلى أن المبالغ المستحقة عليهم تضاعفت وعليهم الدفع بشكل فوري بدلاً من الشيكات بعد شهرين، وكل تلك الأسباب جعلت صفوان ثابت يقف ضد ما يحدث ويبدي اعتراضه دفاعاً عن مصالحه، بحسب المصدر.
ونتيجة رفض الشركة التعامل بهذه الشروط والأسعار، أصبحت الشركة بمثابة "شوكة" في حلق الموجودين في الحقل ذاته لأن قرارها يؤثر على سوق الألبان بأكمله، ومن الممكن غلق عدد كبير من المراكز الجديدة نتيجة لاعتراض الشركة.
ظهر هذا بالفعل سابقاً، حيث تقدمت الجمعية المصرية لمنتجى الألبان "المزارع" ببلاغ إلى جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية تتهم فيه شركة "جهينة" بارتكاب ممارسات احتكارية يعاقب عليها القانون وأنها رفضت من قبل تسعيرة جديدة لشراء الألبان وتم تقديم بلاغ في الشركة كونها تستحوذ على 60% من إنتاج المزارع، وعندها الاتفاق كان سبباً في إغلاق العديد من المراكز لكن تم تبرئتها من جانب حماية المستهلك، وبالتالى فإن أى قرار كانت ستتخذه في ظل وجود مراكز الألبان الجديدة من شأنه التأثير على قرارات باقي المصانع والتأثير في سوق الألبان كلها.
الشركة تقاوم
هنا، بدأت تظهر مطالبات بالفعل للتحفظ على الشركة من صحفيين مقربين من الحكومة.
لكن ما أعاق مخطط الاستحواذ أو محاولة "تأميم" الشركة، هو أنها قامت بتعيين الشريك السعودي رجل الأعمال عبدالله الدغيم في منصب رئيس مجلس الإدارة مكان صفوان ثابت، وكان ذلك سبباً في فشل إمكانية الاستيلاء الكامل عليها.
وكان المخطط، بحسب مصدر أمني مطلع لـ "عربي بوست"، يبدأ بتعيين حارس قضائي، لكن السيناريو فشل. لذلك اتجهت الجهات الأمنية إلى أساليب أخرى.
سحب تراخيص السيارات.. بداية التضييقات
منذ عدة أسابيع، ظهرت أزمة سحب عدد من تراخيص سيارات الشركة، وهو ما تسبب في جدل كبير حول سببه وسر القيام به بهذه الطريقة. وذكر بيان أصدرته الشركة أن "عدد سيارات النقل التي تم سحب رخصها 132 سيارة، منها 94 سيارة بيع و12 سيارة نقل ثقيل، كلها مملوكة لشركة جهينة، بالإضافة إلى 26 سيارة نقل ثقيل تابعة لمقاولي النقل، مما أدى لامتناع بعض مقاولي النقل عن التعامل مع الشركة".
حاول "عربي بوست" التواصل مع مسؤولين في شركة جهينة للتعليق على الأزمة ومعرفة تفاصيلها. وبعد أن قوبل طلبه لتوضيح أسباب الأزمة بالرفض من أكثر من مسؤول بداعي الخوف من التحدث للإعلام عن المشكلة حتى لا يتضرر شخصياً من ذلك، تحدث أحدهم مشترطاً عدم ذكر اسمه، فقال إن الأزمة الحالية مختلفة بالكامل كما يبدو لهم.
وقال إن ما جرى مؤخراً يشير إلى أن تعامل الأجهزة المعنية مع الشركة "غير نزيه"، بدليل قيام شرطة المرور بسحب رخص أغلب سيارات النقل التابعة للشركة في الأسابيع التي تلت القبض على صفوان ثابت، ورفض إدارة مرور الشيخ زايد تجديد رخص السيارات المنتهية، أو الإفراج عن الرخص السارية مقابل سداد المخالفات المزعومة التي عليها.
هذا بخلاف أنه من غير المنطقي و"لم نره في حياتنا من قبل" أن يرابط كمين مروري على بعد أمتار من مقر الشركة لاصطياد أي سيارة تدخل أو تخرج منها وسحب رخصها.
وأضاف المسؤول بشركة جهينة أن الأمر تفاقم حين قامت عدة كمائن مرورية بتوقيف عدد من سائقي شاحنات نقل بضائع الشركة، واتهامهم بحيازة إيصالات مزورة (المقصود هي الإيصالات التي يعطيها شرطي المرور للسائق حين يسحب رخصته ليتمكن من السير لمدة معينة حتى يدفع المخالفة ويسترد الرخصة).
وأوضح أن المفارقة هنا أن هذه الكمائن تم تنفيذها "بالصدفة" مساء يوم الخميس، وبالتالي تم توقيف سائقين لحين العرض على النيابة، وباعتبار أن هذا اليوم كان الخميس فلا توجد نيابة يوم الجمعة، فكان لزاماً التحفظ على السائقين حتى صباح السبت حيث أفرجت عنهما النيابة فوراً، "لكن بعد أن تم الغرض من الأزمة كلها، وهو تناثر الشائعات حول الشركة"، على حد تعبيره.
هبوط أسهم الشركة
هذه الواقعة تسببت في هبوط أسهم الشركة في البورصة ليبلغ في ختام جلسة التاسع من مايو/أيار 5.05 جنيه للسهم منخفضاً من أعلى قيمة له في يوليو/تموز من عام 2020 الماضي عندما سجل نحو 8.24 جنيه، بنسبة انخفاض بلغت 38.7%.
وبسبب هذه الخسائر، اضطرت الشركة لأول مرة منذ عام 2010 (تاريخ إدراجها في البورصة) لتأخير "الإفصاح عن قوائمها المالية" حسب قواعد البورصة.
إذ قالت في بيان لها منذ أسابيع "إن ما يحدث يتطلب زيادة متطلبات ونطاق المراجعة من قبل مراقبي الحسابات نتيجة زيادة المخاطر، وجارٍ إمداد مراقبي الحسابات بجميع البيانات والمستندات المطلوبة".
وعندما سأل "عربي بوست" أحد المحاسبين بالشركة عما وراء البيان، أكد أن القائمين على الشركة يشعرون بأنهم مستهدفون وأن جهة ما تتربص بهم لذلك يريدون مزيداً من الوقت للتدقيق في كل شاردة وواردة خشية أية أخطاء قد يتخذها البعض سلاحاً ضدها، وهو ما أثر على أسهم الشركة في البورصة وأدى إلى تهاوي السهم مجدداً منذ أيام ليصل إلى 4.91 جنيه.
تضييقات عبر البورصة المصرية
آخر هذه التضييقات على ما يبدو، كان قرار لجنة القيد بالبورصة المصرية، بجلستها المنعقدة الثلاثاء 25 مايو/أيار، إدراج وتداول أسهم شركة جهينة للصناعات الغذائية، بالقائمة "د" اعتباراً من بداية جلسة تداول يوم 2 يونيو/حزيران المقبل، حال عدم موافاة الشركة البورصة بالقوائم المالية عن السنة المنتهية 2020، وبحد أقصى قبل بدء جلسة التداول يوم 1 يونيو/حزيران المقبل.
والقائمة "د" هي قائمة فرعية تضاف إلى القوائم الثلاث المعمول بها حالياً والتي تشمل القائمة "أ" للأوراق المالية الأكثر نشاطاً، والقائمة "ب" للأوراق المالية متوسطة النشاط، والقائمة "ج" للأوراق المالية المقيدة والتي لم يتوافر فيها المعايير الكمية والنوعية للإدراج بأي من القائمتين" أ" و"ب".
وتضم القائمة "د" الأوراق المالية المحتمل أن يتم شطبها في حالة عدم توافقها مع قواعد القيد والافصاح، أو التي تعتزم الشطب الاختياري، وهو القرار الذي اعتمدته الهيئة العامة للرقابة المالية.
صمت حكومي يفتح باب التكهنات
في المقابل، ذكر مصدر أمني رفيع المستوى في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست" أن كل ما يقال عن أزمة شركة جهينة قائم على التكهنات، موجهاً اللوم للجهات المعنية في الدولة على التزامها الصمت وعدم توضيح الحقائق، ما فتح الباب ولا يزال واسعاً أمام كل "من هب ودب" للتكهن والإدلاء بفتاواه في الموضوع.
وأضاف أن ما تردد عن أن الهدف من الإجراءات الأخيرة تحجيم جهينة من أجل إفساح المجال لشركة تابعة للجيش المصري دخول سوق تصنيع الألبان في مصر أو احتكاره، يبدو غير منطقي لأنه في نفس توقيت القبض على صفوان ثابت تم السماح لشركة دومتي للأجبان بإنتاج عبوات من اللبن وبالتالي دخول منافس جديد إلى السوق، "هو أمر غير منطقي أنه في الوقت الذي تجيش فيه الدولة قوتها لطرد جهينة من السوق تسمح بدخول منافس جديد معروف على الساحة"، على حد تعبيره.
وإذا كان الهدف هو تمكين الجيش من السيطرة على سوق تصنيع الألبان في مصر كما يقال، فلماذا تم استهداف شركة جهينة فقط التي تحتكر 40% فقط من حجم المبيعات، وترك الشركات الأخرى في السوق وهي التي تحتكر الـ60% الباقية؟ في حين أن الطبيعي أن تجري مضايقة كل الشركات العاملة في هذا المجال لإخراجها من السوق وتركه شاغراً أمام الجيش.
لماذا جهينة دون غيرها؟
وعندما سألنا رجل الأعمال ومصادر في شركة جهينة لماذا جهينة وليس "المراعي" أو شركة "بيتي" قالوا إنه من الضروري أن يكون التركيز على جهينة، لأنه في الوقت الذي كانت الشركات تغلق أبوابها بسبب أزمة كورونا، ارتفعت أرباح الشركة إلى 383.7 مليون جنيه خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2020، بنسبة نمو 32% مقارنة بالفترة المقارنة من 2019.
وأشاروا إلى أن شركة جهينة هي شركة ثقيلة ولها وزنها في سوق الألبان في مصر ورأس مالها المصدر حوالي مليار جنيه، ومبيعاتها السنوية تصل لحوالي 7.8 مليار جنيه بحسب أرقام 2019، ومنتجاتها متنوعة وتصل إلى 200 منتج توزع في مصر وتصدر لأسواق أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا وتمتلك أسطولاً ضخماً من سيارات التوزيع يقدر بـ1200 سيارة.
وتمتلك الشركة التي تأسست عام 1983 نحو 5 آلاف رأس من الأبقار الحلوب، و38 مركز توزيع رئيسياً، و136 ألف منفذ بيع، و4500 موظف، و4 مصانع، و51% من شركة "أرجو" بالشراكة مع شركة "أرلا فودز" الأوروبية المتخصصة في صناعة الألبان والأجبان، وحصدت الشركة الكثير من الجوائز بعضها في عهد الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، طبقاً لموقع الشركة.
وضع الشركة والموظفين الحالي
وعن حالة الموظفين في الوقت الحالي تحت إدارة السعودي محمد الدغيم وهو أحد كبار حاملي الأسهم في شركة جهينة، بمساعدة 10 مديرين تنفيذيين، قال مصدر مسؤول في الشركة نفسها، إن أمور العاملين في الشركة مستقرة نسبياً في الوقت الحالي، حيث يتقاضون رواتبهم في مواعيدها ويحضرون إلى العمل يومياً كما اعتادوا، لكن من المؤكد أن أحداً منهم لا يشعر بالاطمئنان على مستقبله في ظل الغيوم التي تحيط بالشركة وترك المسؤولين في الدولة الفرصة أمام تناثر الشائعات حول مستقبل الشركة، دون أن يخرج مسؤول واحد ليوضح الحقائق أمام الناس ويكشف عن نية الدولة في التعامل مع صرح كبير في مجال الصناعات الغذائية.
وختم المصدر قوله: "نحن لا ندافع عن صفوان ثابت ولا أحد من عائلته، ولا نزكي أحداً في الشركة مهما كبر منصبه على الدولة، وسنكون أول من ندين الرجل إذا ثبتت عليه التهم الموجهة إليه، لكن مشكلتنا كعاملين في الشركة شاركنا في تأسيسها قبل سنوات طويلة، أننا لا نفهم ما يجري ولا نعرف الهدف من ورائه"، فإذا كان الهدف نقل ملكية الشركة من عائلة ثابت فليكن، وإذا كان الهدف بيعها فليكن أيضاً، لكن ما نرجوه أن يكون التعامل بشفافية ووضوح أكبر لأن هناك مصائر 4500 عائلة معلقة على القرارات التي ستتخذ في مستقبل الشركة.