يتداول كثير من رواد الشبكات الاجتماعية أسماء شركات ومنتجات تدعم إسرائيل، لكن كان بينها شركات غربية، لا علاقة لها من قريب أو بعيد بإسرائيل، وعندما يحتد نقاشٌ بين شخصين عن علاقة شركة بإسرائيل من عدمها، يبحثون عن القول الفصل لدى حركة مقاطعة إسرائيل "BDS".
ما هي حركة مقاطعة إسرائيل "BDS"؟
تعرّف الحركة نفسها على موقعها الإلكتروني بأنها "حركة فلسطينية المنشأ عالمية الامتداد، تسعى لمقاومة الاحتلال والاستعمار-الاستيطاني والأبارتايد الإسرائيلي، من أجل تحقيق الحرية والعدالة والمساواة في فلسطين وصولاً إلى حق تقرير المصير لكل الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات".
تشمل وقف التعامل مع إسرائيل، ومقاطعة الشركات الإسرائيلية وكذلك الدولية المتواطئة في انتهاكاتها لحقوق الفلسطينيين، ومقاطعة المؤسسات والنشاطات الرياضية والثقافية والأكاديمية الإسرائيلية.
تسعى الحركة إلى عزل النظام الإسرائيلي أكاديمياً وثقافياً وسياسياً، وإلى درجة ما اقتصادياً، إذ يتمثل مطلب الحركة الرئيسي في تحقيق طموح وحقوق كافة مكونات الشعب الفلسطيني التاريخية من فلسطينيي أراضي عام 1948 إلى قطاع غزة والضفة الغربية، وضمنها القدس، إلى المخيمات والشتات.
تعتبر إسرائيل الحركة من أكبر "الأخطار الاستراتيجية" المحدقة بها، رغم أنها ليست مؤسسة تابعة لحكومة، إذ أنشئت الحركة أساساً في 2005 من منظمات مجتمع مدني فلسطيني (170 جسماً من اتحادات شعبية ونقابات وأحزاب ولجان شعبية ومؤسسات أهلية)، انطلاقاً من "فشل الحكومات والمجتمع الدولي وأصحاب القرار في وقف الاضطهاد الإسرائيلي المركّب ضد الشعب الفلسطيني"، كما تصف حركة BDS.
من أين جاء اسم الحركة "BDS"؟
حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات تُعرف بالإنجليزية Boycott, Divestment and Sanctions، لذلك تُعرف اختصاراً بالأحرف الأولى من الكلمات الثلاث BDS.
حركة مقاطعة؛ لأنها تنادي بوقف التعامل مع إسرائيل، ومقاطعة الشركات الإسرائيلية أو المتعاونة معها، وكذلك مقاطعة المؤسسات والنشاطات الرياضية والثقافية والأكاديمية الإسرائيلية.
سحب الاستثمارات؛ لأنها تسعى إلى سحب الاستثمارات والضغط على المستثمرين والمتعاقدين مع الشركات الإسرائيلية والدولية المتعاونة معها، سواء كانوا مستثمرين أو متعاقدين أفراداً، أو مؤسسات، وصناديق سيادية، أو صناديق تقاعد، كنائس، بنوك، مجالس محلية، جهات خاصة، جمعيات خيرية، أو جامعات.
فرض العقوبات؛ المقصود بالعقوبات (العسكرية والاقتصادية والثقافية) الإجراءات العقابية التي تتخذها الحكومات والمؤسسات الرسمية والأممية ضد دولة أو جهة تنتهك حقوق الإنسان، بهدف إجبارها على وقف هذه الانتهاكات.
نوع العقوبات التي تسعى الحركة إلى تطبيقها، يشمل وقف التعاون العسكري، أو وقف اتفاقيات التجارة الحرة، أو طرد إسرائيل من المحافل الدولية.
ما هي مطالب حركة مقاطعة إسرائيل "BDS"؟
تتمثل مطالب الحركة في 3 أمور رئيسية، وهي:
- إنهاء احتلال إسرائيل واستعمارها كافة الأراضي الفلسطينية والعربية، وتفكيك الجدار العازل.
- إنهاء كافة أشكال الفصل العنصري ضد الفلسطينيين، واعترافها بالحق الأساسي بالمساواة الكاملة لفلسطينيي أراضي 48.
- احترام وحماية ودعم حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم التي هُجروا منها واستعادة ممتلكاتهم، كما نص على ذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 194.
ما مدى انتشار الحركة في فلسطين؟
أيدت كافة القوى والأحزاب السياسية الفلسطينية الرئيسية، واتحادات نقابات العمال، وجمعيات حقوق اللاجئين، والاتحادات الأكاديمية، ومنظمات المزارعين، وشبكات المنظمات الأهلية، واتحادات المرأة والمعلمين والكُتاب والحركات الشبابية وغيرها، الحركة عند إنشائها في 2005، ما يجعلها أوسع الأنشطة المتبناة والتي تحظى بدعم كافة الأطياف والمناطق (غزة، والضفة الغربية، ومن ضمنها القدس، وأراضي 48، والشتات).
هل تحظى بدعمٍ دولي؟
تقول الحركة إن "حملات المقاطعة ضد النظام الإسرائيلي ومؤسساته والشركات المتورطة في جرائمه تحظى بدعم الاتحادات والنقابات والمنظمات والكنائس والحركات الشعبية التي تمثل ملايين الناس في كل قارة، كما تلعب المنظمات اليهودية التقدمية المناهضة للصهيونية دوراً مهماً في حملات المقاطعة وسحب الاستثمارات، خاصة في أمريكا الشمالية".
كما تحظى حركة المقاطعة بتأييد شخصيات عالمية، مثل رئيس الأساقفة الجنوب إفريقي الأسبق المطران ديزموند توتو، والكاتبة الكندية ناعومي كلاين، والأكاديمية الأمريكية أنجيلا دافيس، والفيلسوفة الأمريكية جوديث بتلر، والفيزيائي الفلكي الأمريكي ستيفن هوكينغ، والأديبة المصرية أهداف سويف، والشاعر المصري مريد البرغوثي، والفنانين اللبناني مارسيل خليفة، واللبنانية أميمة الخليل، والأمريكي روجر ووترز، والبريطاني براين إينو.
موقف إسرائيل من حركة مقاطعتها
تحارب إسرائيل الحركة المنادية بمقاطعتها، ففي يونيو/حزيران 2016، أعلن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، أن حركة مقاطعة إسرائيل "BDS" تشكل "خطراً استرايتجياً"، وكلف وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية بمحاربة نشاطاتها، وفق صحيفة Haaretz الإسرائيلية. كما اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك، أنها باتت تقارب نقطة تحول خطيرة لإسرائيل.
في 2017 نشرت صحيفة Times of Israel الإسرائيلية خبراً عن موافقة الحكومة الإسرائيلية على خطة تخصص 72 مليون دولار لمحاربة حملة المقاطعة، في أكبر استثمار نقدي من الحكومة في محاربة نشاطات الحركة.
مقاطعة الشركات الإسرائيلية والمتعاونة مع إسرائيل
كما ذكرنا فإن المقاطعة تشمل مقاطعة سياسية وأكاديمية، لكن التركيز الشعبي كثيراً ما ينصبُّ على المقاطعة الاقتصادية للشركات. فإلى أي درجة كانت حملات المقاطعة ناجحة؟
أحصت حركة مقاطعة إسرائيل "BDS" نتائج حملاتها ضد الشركات الإسرائيلية أو الداعمة لها في:
- انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 46% سنة 2014 مقارنة بالسنة السابقة، ويشير تقرير للأمم المتحدة، إلى أن نشاطات الحركة كانت عاملاً رئيسياً في انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر في الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 46% سنة 2014، مقارنة بسنة 2013. ونسب البنك الدولي جزئياً انخفاض الواردات الفلسطينية من الشركات الإسرائيلية بنسبة 24% إلى حملات المقاطعة.
- انسحاب شركة فيوليا Veolia الفرنسية وأورانج Orange الفرنسيتين وسي آر إتش CRH الأيرلندية، من الاقتصاد الإسرائيلي. وذكرت الحملة أن شركة فيوليا باعت استثماراتها الإسرائيلية وأنهت دورها في مشاريع البنية التحتية بالمستعمرات الإسرائيلية غير القانونية بعد ضغط نشطاء حملات المقاطعة حول العالم على المجالس المحلية لإلغاء عقودها مع الشركة، والتي فاقت قيمتها 20 مليار دولار.
- سحب مستثمرون دوليون استثماراتهم من شركات متورطة في الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي، وكانت من بينهم الكنيسة المشيخية في الولايات المتحدة والكنيسة المنهجية، وصندوق التقاعد الهولندي PGGM وحكومات النرويج ولوكسمبورغ ونيوزلندا، وبنوك أوروبية مثل نوريدا ودانسكي، وأثرياء من ضمنهم جورج سوروس وبيل غيتس.
- الشركات الإسرائيلية تأثرت أيضاً حسب حركة المقاطعة، إذ قامت شركة "أجريكسكو" Agrexco، التي كانت أكبر شركة تصدير زراعي إسرائيلية، بتصفية نفسها سنة 2011 بعد حملة مقاطعة ضخمة ضدها، حيث اضطر المزارعون إلى تصدير منتجاتهم من خلال شركات أخرى. كما اضطرت شركة "صودا ستريم" إلى وقف أعمالها في المستعمرات الإسرائيلية، بعد أن أدَّت حملات المقاطعة ضدها إلى إزالة الموردين بضائع الشركة من رفوفهم.