بنظرة واثقة وحديث عربي سليم اختارت الطالبة شيماء دلالي الحديث مع "عربي بوست" عن تجربة دخولها غمار الانتخابات الجامعية، بجامعة جامعة لندن سيتي، التي تدرس بها القانون.
شيماء دلالي، الشابة المسلمة التي قدمت إلى بريطانيا سنة 2000، تمسّكت بحجابها فمارست به جميع حقوقها داخل المجتمع، واستطاعت الظفر بمنصب رئيسة اتحاد طلبة الجامعة، وهو منصب لم تسبقها إليه مسلمة محجبة من قبل.
وُلدت شيماء لأب تونسي وأم سودانية، هذا الخليط جعلها تفتخر بأصولها العربية وبدينها الإسلامي، وأيضاً بانتمائها لمجتمع غربي يحترم حريتها وعقيدتها.
الحجاب لا يمنع الأحلام
"أعتبر نفسي بنت هذا البلد، فحياتي كلها عشتها هنا بعدما قدمت رفقة أسرتي في سن صغيرة"، بهذه الجملة بدأت شيماء حديثها مع "عربي بوست"، مؤكدة أن اختياراتها لم تكن يوماً عائقاً أمامها.
تقطن شيماء منذ صغرها بالعاصمة البريطانية لندن، التي قدمت إليها مع أهلها سنة 2000، وبعد سنوات اختارت دراسة القانون في أكبر جامعات المدينة، هذه الشعبة التي وجدتها الخيار الأمثل لتحقيق أحلامها وشغفها.
تقول شيماء في لقاء خاص مع "عربي بوست": "فخورة جداً بحصولي على دعم طلبة الجامعة لقيادة الاتحاد، خاصة أنني محجبة، ولم يسبق أن حصل أمر مشابه في بريطانيا بأكملها".
وعبّرت شيماء في حديثها عن فخرها بأن نائبي الرئيس نساء، وأن الفريق الذي سيقود الاتحاد يتكون من ثلاث نساء محجبات من أصول مهاجرة.
وترى شيماء أن ما حققته وما تريد تحقيقه في مسارها الدراسي لن يقف أمامه خلفيتها المهاجرة أو حجابها أو دينها، مؤكدة: "فخورة بثقة زملائي الذين وثقوا بي وببرنامجي الانتخابي ومنحوني أصواتهم".
وعن الحياة الطلابية في بريطانيا، وداخل جامعتها، تقول شيماء إن "الطالب المسلم يمارس حياته مثل أي طالب آخر، وهناك قوانين تحميه وتحمي حقوقه، خاصة المتعلقة بحرية التعبير والتدين".
ومن مظاهر ذلك -حسب المتحدثة- أن "لدينا أماكن خاصة للصلاة، ونصلي جماعة يوم الجمعة داخل الجامعة، وهناك أكل حلال، عموماً هناك جو من الحرية والتعايش وتقبل الآخر، وداخل الجامعة هناك شابات محجبات ومنتقبات لا يعانين من مشاكل".
منغصات لا تفقدها عزيمتها
كل هذا الجو الإيجابي لا يخلو من منغصات، فمن بين الصعوبات التي يواجهها الطلبة المسلمون في بريطانيا، حسب شيماء "الإسلاموفوبيا، خاصة بعد تصاعُد اليمين المتطرف بعد إعلان اتفاق بريكست، وهذا يؤثر على الحياة الجامعية، وخاصة الطالبات المحجبات".
ومن مظاهر التأثير بعض المواقف المحرجة التي تتعرض لها المحجبات، والتي اضطرت شيماء أن تعيشها مرغمة، فخلال امتحانات الماجستير تعرضت شيماء لموقف محرج بسبب حجابها، فقد طُلب منها وهي تستعد لإجراء امتحان عن بُعد بسبب الأوضاع التي فرضتها كورونا أن تزيل حجابها، ليتأكد المراقبون مما يوجد تحته، ويتأكدوا من أنها لا تغش.
"كان الأمر بمثابة صدمة كبيرة، فلم يسبق أن تعرَّضتُ لمشكلة مماثلة طيلة مسيرتي الدراسية في المملكة المتحدة"، تقول شيماء التي اضطرت لتأجيل امتحاناتها لشهر ديسمبر/كانون الأول، بعدما رفض مراقبو الامتحانات السماح لامرأة بتفقدها عبر الكاميرا بعد نزع الحجاب.
تلقت شيماء، حسب قولها، رسائل من إدارة الجامعة وأساتذتها يعلنون فيها تضامنهم معها، ويؤكدون لها أنهم ما كانوا ليُعرّضوها لهذا الموقف المحرج لو أنهم كانوا المسؤولين عن حراسة الامتحانات.
"حقوق الطلبة محفوظة داخل الحرم الجامعي"، بحسب ما تحكيه الطالبة المسلمة التي ستقود اتحاد الطلبة، كما أن الجامعة "تأخذ أمور الطلبة المسلمين بشكل جدي، وفور تعرُّض أحد الطلاب لأي تمييز تفتح تحقيقات في الأمر".
مسلمو المملكة
وعن حال المسلمين الموجودين ببريطانيا، اعتبرت شيماء في حديثها مع "عربي بوست" أن "الشارع البريطاني أصبح يفهم أن الناس لم يأتوا من بلدانهم تاركين وراءهم كل شيء إلا خوفاً على حياتهم، وهرباً من الدمار الذي لحقهم، والشارع البريطاني أصبح يُطالب باستمرارٍ بوقف الأدوار التي تلعبها بريطانيا في هذه الحروب".
وعن الأوضاع العامة في بريطانيا ومعيشة المسلمين فيها، خاصة الطلبة، قالت المتحدثة إن "هناك تأثيرات سلبية لتزايد أعداد المهاجرين واللاجئين المتوافدين على بريطانيا، ورغم محاولة المجتمع البريطاني تقبلهم فإن تصاعُد شعبية أفكار اليمين المتطرف يؤجج الشارع ضدهم، وهو ما ينعكس سلباً على حياة الطلاب المسلمين أيضاً".