تواجه مدينة مراكش المغربية أزمة غير مسبوقة في القطاع السياحي بعد غياب زوارها الذين يصل عددهم سنوياً عادة إلى مليون سائح، وذلك على خلفية تفشي فيروس كورونا المستجد.
السلطات المغربية فرضت حجراً صحياً على مراكش وسبع مدن أخرى نهاية تموز/يوليو جراء تفشي كورونا، فيما انتشرت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو "لإنقاذ" المدينة وتخفيف القيود على الزائرين، كما نظم ناشطون في القطاع اعتصامات لمطالبة الحكومة بالتدخل لمساعدتهم، نقلاً عما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية.
كورونا ضرب السياحة: بشير، شاب مغربي يعمل نادلاً في مقهى خالٍ من الزبائن في ساحة جامع الفناء الشهيرة، قال لوكالة الأنباء الفرنسية: "قبل كورونا كان ينبغي للشخص أن ينتظر دوره للحصول على طاولة".
أما جار محمد باسير، بائع عصائر، فيقول وهو يقف وراء عربته المزينة بفاكهة بلاستيكية: "هي المرة الأولى التي تكون فيها الساحة خالية إلى هذا الحد، هذا يحزنني جداً".
ساحة الفناء التي تعود للقرن الحادي عشر تعج عادة بالزوار لكنّ مرقّصي الأفاعي وعازفي الشوارع وباعة التذكارات والعرافات هجروها، فيما بقيت سيارات الأجرة وعربات الجياد خالية منذ أعلن المغرب حالة الطوارئ الصحية في منتصف آذار/مارس وأغلق حدوده لمكافحة جائحة كورونا.
أما في أزقة المدينة القديمة المجاورة، فتحولت الأسواق التي ينتشر فيها باعة الأخفاف والحلي والتوابل إلى سلسلة من الدكاكين المغلقة.
"تمضية الوقت": فيما يقول محمد شالا في متجره لبيع العباءات: "أغلق غالبية التجار محالهم، أما الآخرون فيفتحونها لتمضية الوقت، إذ لا شيء يقومون به في المنزل"، مؤكداً أنه لم يعد يبيع أي شيء.
خبير السياحة في مدينة مراكش يقول: "أضر الإغلاق كثيراً بالعاملين في المجال السياحي".
فيما يضيف الخبير، الذي طلب عدم كشف اسمه: "أغلقت الفنادق أبوابها، وأصبح آلاف الموظفين عاطلين عن العمل، وباتت المدينة برمتها مشلولة".
مدينة مراكش استقطبت العام الماضي ثلاثة ملايين من أصل 13 مليون سائح أتوا إلى المغرب، وهي تعوّل عليهم في الجزء الأكبر من إيراداتها.
جليل حبتي إدريسي، الذي يدير وكالة سفر أسست قبل 45 عاماً، قال: "سيكون من الصعب جداً إنعاش الوضع" بعدما انهارت إيراداته.
"مراكش تختنق": وعلى شبكات التواصل الاجتماعي أطلقت الدعوات "لإنقاذ" المدينة وتخفيف القيود على مجيء الزوار. ويقول إدريسي: "ينبغي تعلم التعايش مع هذا الفيروس، ووقف هذا الإغلاق وهذا الخوف".
فيما نظم أطراف ناشطون في القطاع، الأسبوع الماضي، اعتصامات عدة لدعوة السلطات إلى وضع حد لمعاناتهم.
وكُتب على لافتة، الجمعة: "لن يتمكن كورونا من قتلنا فالجوع سيتكفل بذلك قبله".
"بارقة أمل": لكن ثمة بارقة أمل، فقد تجاوبت السلطات مع طلب لاتحاد أصحاب العمل يقوم على السماح للزوار الذين لا يحتاجون إلى تأشيرة دخول بالتوجه إلى المغرب في "رحلات خاصة" تسيرها الشركات الجوية الوطنية، على أن يقوموا بحجز مسبق في فندق ويجروا فحصين سلبيين لفيروس كورونا قبل أقل من 48 ساعة من موعد السفر.
لكن ابتسام جميلي التي تدير فندقاً 5 نجوم يعاني خسائر "هائلة" علقت: "هذا قرار جزئي بالفتح".
وقد لا يستمر ذلك طويلاً، إذ إن المغرب سجل في الأيام الأخيرة أكثر من ألفي حالة يومياً مع ارتفاع جديد في الإصابات في هذا البلد البالغ عدد سكانه 35 مليوناً.
فيما تعتبر مراكش على غرار الدار البيضاء عاصمة البلاد الاقتصادية، من أكثر المناطق تضرراً بالفيروس في المغرب.
بالتزامن مع دعوة الأطراف الناشطين في القطاع إلى إنقاذه يعرب كثير من رواد الإنترنت عن قلقهم من الوضع الصحي واكتظاظ المستشفيات.
كما سجلت في المغرب حتى الآن 86686 إصابة أدت إلى 1578 حالة وفاة. وانتشرت بشكل واسع صور تظهر مرضى يفترشون الأرض في مستشفى مراكش الرئيسي مع وسم "مراكش تختنق".