كشف تقرير نشرته الوكالة الفرنسية أن اتفاق تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل ربما يفتح البابَ واسعاً أمام شركات إسرائيلية، للعمل على أعتاب الجمهورية الإيرانية، مع توقعات بعدم الإضرار بالعلاقات الاقتصادية المتينة بين الإمارات وإيران.
بحسب محللين تحدّثوا مع الوكالة الفرنسية، في تقرير نُشر الأحد 23 أغسطس/آب 2020، فإن تلك الخطوة قد تؤدي إلى منافسة اقتصادية مباشرة بين تجار إيرانيين وآخرين إسرائيليين في الدولة الخليجية الثرية، أو حتى إلى خلق فرص لأعمال مشتركة، مع التركيز على المنافع الاقتصادية بدلاً من السياسة.
العلاقات الاقتصادية ودور إيران: قالت تشينزيا بيانكو، الباحثة المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط في معهد "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية"، لوكالة فرانس برس، إن الأمر سيستغرق "فترة من الوقت"، قبل أن يجد الإيرانيون في الإمارات أنفسهم وجهاً لوجه مع الإسرائيليين.
كما أوضحت "من المهم التأكيد هنا على أن معظم الإيرانيين الذين تربطهم علاقات وطيدة بالجمهورية الإسلامية، إمّا طردوا أو رحّلوا في السنوات الماضية".
فيما أضافت بيانكو "أولئك الذين بقوا في دبي أو الإمارات بشكل عام هم رجال الأعمال البراغماتيون جداً، الذين يرفضون الانخراط في السياسة، لذا يرى بعض هؤلاء في هذا الاتفاق (التطبيع) فرصة، وليست تحدياً".
علاقات علنية مع إسرائيل: والإمارات الغنية بالنفط هي أول دولة خليجية تقيم علاقات علنية مع إسرائيل، في اتفاق جاء وسط تصاعد للتوترات مع إيران، المتّهمة من قبل جيرانها بزعزعة استقرار المنطقة.
فيما تتّهم أبوظبي طهران باحتلال ثلاث جزر إماراتية منذ عام 1971. وفي 2016 خفّضت العلاقات مع إيران، في ظل احتدام التنافس الإقليمي بين السعودية، حليفة الإمارات، والجمهورية الإسلامية التي تستهدفها عقوبات اقتصادية أمريكية صارمة ومؤلمة.
لكن وعلى الرغم من التوتر بين الإمارات وإيران، الواقعة على بعد 70 كلم فقط عند مضيق هرمز الاستراتيجي، حافظت الدولتان على القنوات الدبلوماسية، وحمتا العلاقات الاقتصادية التاريخية التي تولّد مليارات الدولارات سنوياً لكلا الجانبين.
محاصرة التوتر: من جانبها، ترى إلين آر والد، الباحثة في مركز الطاقة العالمي التابع لمعهد "المجلس الأطلسي"، أنّ "طهران ليست في وضع يسمح لها بالتخلي عن علاقاتها الاقتصادية مع أي دولة، لاسيما الجارة الإمارات".
كما قالت لفرانس برس إنّ "إيران لها كذلك علاقات وثيقة مع دول مثل الصين تتعامل مع إسرائيل".
لكن بعد يومين من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المفاجئ عن الاتفاق، حذّر الرئيس الإيراني حسن روحاني الإمارات من "فتح أبواب المنطقة لدخول الكيان الصهيوني".
من جانبها، استدعت أبوظبي القائم بالأعمال الإيراني للاحتجاج على "التهديدات"، لكنها عادت وشدَّدت في اليوم التالي على أن الاتفاق "ليس موجهاً إلى إيران".
أزمة في هرمز: لكن التوتر تصاعد فجأة في مضيق هرمز الاستراتيجي، ما استدعى مسارعة الدولتين إلى احتوائه.
فقد أعلنت إيران، الخميس، أنها احتجزت سفينة إماراتية، واستدعت القائم بأعمال الإمارات بعد مقتل اثنين من صياديها في حادث إطلاق نار، قبل أن تؤكّد وزارة خارجيتها أنّ الحكومة الإماراتية أعلنت عن "استعدادها للتعويض عن أي أضرار تسبب بها" الحادث.
في حين تقدّر قيمة المبادلات التجارية بين الإمارات وإيران بمليارات الدولارات، بينما تعتبر دبي تاريخياً مركزاً للأعمال الإيرانية الخارجية.
كذلك بلغت قيمة التبادل بين الدولتين المنتجتين للنفط 8,3 مليار دولار العام الماضي، وفقاً لإحصاءات إماراتية رسمية، مقارنة بـ15,2 مليار دولار في 2018، وذلك قبل أن تصل العقوبات الأمريكية إلى ذروتها، في مايو/أيار 2019.
من ناحية أخرى، يشتكي رجال أعمال إيرانيون وشركات من أن هذه العقوبات تؤدي إلى تعليق حساباتهم المصرفية أحياناً، لكنها تعجز عن وقف تدفق الهواتف المحمولة والسيارات واللحوم المجمدة والملابس، وغيرها من البضائع بين البلدين بشكل متواصل.
آلاف الشركات الإيرانية: يعمل أكثر من 8 آلاف شركة إيرانية و6 آلاف تاجر إيراني في جميع أنحاء الإمارات، ما يزيد من احتمال تعاملهم مع الموجة المتوقعة من التجار والمستثمرين الإسرائيليين.
من جانبها، قالت والد "الإيرانيون في الإمارات ليسوا في وضع يسمح لهم بالشكوى من العلاقة بين إسرائيل والإمارات، لكن هناك القليل من الدلائل على أن الإيراني العادي سوف ينزعج من هذا الأمر".
فضلاً عن العلاقات الاقتصادية العميقة مع إيران تعد الإمارات أيضاً موطناً لعشرات آلاف الإيرانيين، الذي يمتلكون مئات العقارات، وقد استثمروا بكثافة في البنية التحتية للبلاد منذ توحيدها في عام 1971.
في حين تقدِّر وسائل الإعلام الإماراتية أعداد المغتربين الإيرانيين بعشرات الآلاف، بينما يقول مسؤولون إيرانيون إنّ العدد يقارب النصف مليون، ويزور حوالي 350 ألف إيراني الإمارات سنوياً.
كما تعود أصول العديد من العائلات الإماراتية إلى إيران، ويعمل بعض أعضائها في الحكومة في مناصب بارزة، من بينهم وزراء.