قدَّم الأمين العام لنقابة أطباء مصر، الدكتور إيهاب الطاهر، استقالته الأربعاء 19 أغسطس/آب 2020؛ على أثر الجدل الذي صاحب النعي الذي نشرته النقابة لوفاة القيادي في جماعة الإخوان المسلمين عصام العريان، ثم اعتذارها عن ذلك.
حيث قال "الطاهر" في استقالته: "وصلتني معاتبات كثيرة من العديد من الزملاء الأطباء الذين ظنوا أنني (باعتباري الأمين العام) من كنت وراء النعي الذي نُشر على موقع النقابة العامة، للقيادي الإخواني د.عصام العريان، وما ترتب على ذلك من ردود فعل سلبية بين أوساط الأطباء والمواطنين".
اعتذار نقابة الأطباء: أضاف: "فإنني أوكد نفي أن أكون وراء ما تم نشره، كما أنني لم أشارك إطلاقاً في هذا الأمر"، مؤكداً اعتذار مجلس النقابة عما تم نشره بنعي القيادي الإخواني د.عصام العريان.
وأشار إلى أن الأمر كان مقترحاً اندفع خلفه بعض شباب الأطباء بحسن نية، ثم بعد أن تبين لهم الخطأ الذي وقعوا فيه تراجعوا واعتذروا عنه على موقع النقابة، كما يؤكد مجلس النقابة وشباب الأطباء اعتذارهم عما نُشر.
فيما قالت أصوات داخل نقابة الأطباء، لم يتأكد "عربي بوست" من صحتها، أن الدكتور إيهاب الطاهر أُجبر على الاستقالة، بعد الضجة التي صاحبت النعي المنشور للدكتور عصام العريان.
كانت نقابة الأطباء في مصر حذفت تعزيتها في وفاة القيادي بجماعة الإخوان المسلمين عصام العريان، الذي مات في محبسه الخميس 13 أغسطس/آب 2020، وهو ما أثار ردود فعل مصرية، أشارت إلى ضغوط مارستها الحكومة على النقابة، بعد خطوة وُصفت بـ"الجريئة"، حيث تشن السلطات حملة واسعة على جماعة الإخوان منذ وصول الرئيس عبدالفتاح السيسي للسلطة.
حذف التعزية: لم تكتفِ النقابة المصرية بحذف التعزية، بل نشرت ما سمَّته توضيحاً حول نشرها لخبر وفاة العريان، وقدَّمت اعتذاراً في بيان مقتضب نشرته على صفحتها الرسمية في موقع "فيسبوك".
النقابة قالت إنه "نظراً إلى ما أثير حول نشر خبر وفاة الطبيب وعضو مجلس النقابة الأسبق الدكتور عصام العريان من لغط، فقد وجب إيضاح أن النشر لم يتم لأي غرض سياسي تنأى النقابة عن الدخول فيه"، مضيفةً: "تعتذر النقابة عن إثارة مشاعر أسر الشهداء، والأطباء الذين تناولوه بتحفُّظ واستياء ملحوظ".
كانت النقابة قد نشرت تعزية بوفاة العريان، وقالت على صفحتها الرسمية: "توفي إلى رحمة الله، الدكتور عصام العريان، أمين صندوق النقابة الأسبق، خالص العزاء لأسرته، ونسأل الله أن يتغمده برحمته الواسعة".
ردود فعل: وأثار نشر نعي النقابة لوفاة العريان، ثم حذفه، ردود فعل واسعة بين المصريين، وفي البداية أشاد مصريون بما اعتبروه جرأة من النقابة بنعي العريان الذي كان عضواً بمجلس إدارة نقابة أطباء مصر عام 1986، وشغل منصب الأمين العام المساعد، كما تولى أمين صندوق النقابة عدة سنوات.
كان مصريون قد انتقدوا في المقابل نشر نقابة المعلمين لنعي النقابة، مدفوعين بموقفهم السلبي من جماعة الإخوان، التي وضعتها السلطات على لائحة الإرهاب، وسبق ذلك تعرّض أفراد الجماعة للملاحقة والاعتقال والتنكيل، بحسب منظمات حقوقية.
كذلك توالت ردود الفعل بعد حذف النقابة لنعي العريان، وقال مصريون إن السلطات ضغطت على النقابة وأجبرتها على حذف بيانها حول الوفاة.
مغرّد مصري علّق على حذف نعي العريان، وقال على حسابه في تويتر: "حتى مجرد النعي أرعبهم"، فيما قال مغرد آخر إن "تراجع نقابة الأطباء عن نعي د.عصام العريان أحد عمالقة النقابة دليل على أن الجبن الآن هو سيد الموقف".
كذلك علّق مصري آخر بنبرة من السخرية، وقال في تغريدة: "نقابة الأطباء بعد نعي الدكتور عصام العريان رحمة الله عليه، تم إلغاء النعي من تم الإرسال من جهاز سامسونج"، وذلك في إشارة منه إلى أن تعليمات من الحكومة وصلت للنقابة أمرت بحذف النعي.
على الجهة المقابلة، أشاد مصريون بقرار النقابة وحذفها لنعي العريان، وذهب مغردون إلى حد المطالبة بمحاسبة النقابة على نشرها للنعي، مطالبين بمحاسبة المسؤول عن نشرها.
مُحاكمة العريان: عقب انقلاب 3 يوليو/تموز 2013 في مصر، شنّ العريان هجوماً حاداً على أركان الانقلاب وقائده عبدالفتاح السيسي، الذي كان حينها وزيراً للدفاع، فاتُّهم بـ"إهانة القوات المسلحة"، إلى جانب تهم أخرى تتعلق بالتحريض على قتل المتظاهرين.
نجح العريان -وفق مصادر أمنية مصرية- في "الإفلات من الملاحقة الأمنية التي قامت بأكثر من 100 مأمورية ضبط وإحضار فاشلة". وكانت وسيلته للتواصل مع أنصار الجماعة تسجيل رسائل وبثها عبر الإنترنت والقنوات الفضائية.
غير أن سلطات الانقلاب نجحت في القبض على العريان فجر الأربعاء 30 أكتوبر/تشرين الأول 2013، في شقة بالتجمع الخامس بالقاهرة، واعتبرت ذلك ضربة أمنية موجعة للجماعة، التي أصبح أغلب قادتها داخل السجون.
حُوكم الدكتور العريان في قضايا عديدة، وصدرت بحقه أحكام كان من بينها المؤبد، يوم 30 أغسطس/آب 2014، في القضية المعروفة باسم مسجد الاستقامة.
بينما أحالت محكمة جنايات القاهرة، في 16 مايو/أيار 2015، أوراقه إلى المفتي في قضيتي الهروب من سجن وادي النطرون، والتخابر مع حماس، وقضت في اليوم نفسه بإعدامه في القضية الأولى، والسجن المؤبد في القضية الثانية.
كان العريان قد عمل طبيباً في تخصص أمراض الدم والتحاليل الطبية، وحصل على ماجستير الباثولوجيا الإكلينيكية، وسجل للدكتوراه في الطب بجامعة القاهرة، لكنها أعيقت بسبب اعتقاله المتكرر والمضايقات الأمنية من ناحية أخرى.
لم يكتفِ العريان بدراسة الطب، فقد حصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة بتقدير جيد جداً، وليسانس الآداب قسم التاريخ من نفس الجامعة عام 2000، وبنفس التقدير أيضاً، كما درس في الأزهر، ونال الإجازة العالية في الشريعة الإسلامية من تلك الجامعة العريقة، وهو مسجل لنيل درجة الدبلوم في القانون العام بجامعة القاهرة.