كيف تصنع وعياً عربياً لا يكره إسرائيل؟ عن السموم التي يقدمها نصير ياسين في “ناس ديلي”

عدد القراءات
5,387
عربي بوست
تم النشر: 2020/08/18 الساعة 15:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/07/31 الساعة 12:05 بتوقيت غرينتش

 ولد في التاسع من فبراير لعام 1992؛ في قرية عرَّابة في الجليل بفلسطين المحتلة، ثم انتقل في ما بعد للدراسة والعيش في الولايات المتحدة الأميريكية، حيث حصل على منحة دراسية من جامعة هارفارد.

في عام 2014 حصل على درجة البكالوريوس في الاقتصاد وعلوم الحاسب، ثم عمل في وظيفة بشركة " باي بال ". لكنه قرر بعد عام واحد فقط الاستقالة من منصبه؛ ليشتري لنفسه كاميرا ويتفرغ للسفر حول العالم بهدف تسجيل مقاطعه اليومية التي يتحدث فيها عن الشعوب وعاداتها وتقاليدها، ويلتقي فيها بمختلف الـ "ناس" حيث سمى صفحته كذلك (ناس ديلي)، إنه "نصير ياسين" الراعي الرسمي للتعايش السلمي وحوار الثقافات وأمور أخرى سنعرفها في هذا المقال.

ياسين ليس كما تظن

الأمر يبدو لحد الآن رائعاً والشاب يستحق التشجيع، ولكن الأمر ليس بهذه البساطة ومشروع الشاب ياسين لن يتوقف عند معرفة الشعوب وعاداتهم، وكأن هذه البداية مجرد تسخينات لما هو أهم من العادات الناس وثقافاتهم ونقصد "التطبيع مع الاستعمار الصهيوني"!.

يقول في أحد تصريحاته العجيبة: "غادر بعض الفلسطينيين، وتعرض بعضهم للقتل، في حين بقي بعضهم على أراضيه. لقد بقي شعبي". بهذه البساطة!

من خلال فيديوهاته التي لا تتعدى الدقيقة وتتجاوز ملايين المشاهدات يحاول ياسين أن يقنعنا بأهمية السلام مع إسرائيل، وفي الحقيقة هو لا يستهدفنا لأنه مدرك أن مثل هذه الحيل لا تنطلي على من تشرب هموم القضية الفلسطينية وشاهد بأم عينه لا سمع، مشهد "محمد الدرة" وهو نائم في حجر والده بعد أن قتلته رصاصات صهيوني غاشم، لهذا فهو يستهدف الجيل القادم الجيل الذي لم يعايش هذه اللحظات؛ فلا عرف الدرة، ولا سمع بـ"نكبة 48″ و"نكسة 67″، ولم يقرأ عن مخيمات اللاجئين وعن حق العودة. هؤلاء من يستهدفهم هذا الفتى الذي لم يتجاوز الثلاثين بعد ولم تمض سوى 34% من حياته كما يحب أن يصور هو.

إن خطورة مقاطع الفيديو القصيرة والصور على فيسبوك شديدة للغاية، وخاصة مع عصر السرعة وانتشار المشاهد عوض المقروء، والقصير الخفيف عوض الطويل المشبع بالأفكار، فإنسان الأكلات السريعة يطبق معيار السرعة على كل شيء بما فيه المعارف، ولكنه بهذا يقع في فخ الصورة. وهذا ما يدركه جيداً نصير ياسين ويركز عليه بشكل واضح، فأخذ صورة لشاب مصري بسيارة آخر موديل وبجانبه فتاة  بلباس صيفي، ثم مقطع فيديو لشرم الشيخ والمصيف، ماذا يمكن أن يفهم منه من لا يعرف الواقع المصري؟ بكل بساطة سيعتقد أن حياة المصريين هي هذه والشباب المصري لا ينقصه شيء، وحين يقرأ عن الفقر في مصر سيظن أن الأمر لا يتعدى 1% أو 3%، فقد أخذ فكرة معلبة جاهزة، دون أن يعرف الحقيقة كما هي. وهذا ينطبق على ما يقدمه ياسين.

ففيديو قصير عن شارع في حيفا أو تل أبيب لا يقدم لك الصورة الحقيقة للمجتمع، ولا يعطيك معلومات مستفيضة عن الوضع السياسي والاقتصادي ولن يقول لك أبداً أن تحت تلك الشوارع وناطحات السحاب جماجم الفلسطينيين، ولن يخبرك أن تحت تلك الشجرة غنى راعٍ فلسيطيني آخر أغنية له قبل أن تأخذه رصاصة صهيوني متعصب.

ثم هل باستطاعة ياسين زيارة مخيم اللاجئين وتصوير معاناتهم؟ هل يستطيع قياس سعادة أسرة فلسطينية طردت من بيتها لتستوطنه أسرة صهيونية؟ هل يستطيع ياسين إجراء مقابلة مع الفلسطينيات المعتقلات في سجون الاحتلال؟ لن يفعل ذلك، وإلا هدم مشروعه من الأساس، فالمشروع قائم على الخداع والمراوغة وإظهار الجزء الضئيل من الصراع الفلسطيني الصهيوني، إنه يظهر بمظهر المحايد كذباً، ويستعمل ما تستعمله وسائل الإعلام المخادعة والذي تحدث عنه "هربرت أ.شيللر" في  كتابه "المتلاعبون بالعقول" ص 16، بقوله:

"إن التضليل الإعلامي يقتضي واقعاً زائفاً هو الإنكار المستمر لوجوده أصلاً. وعلى ذلك فلابد من أن يؤمن الشعب الذي يجري تضليله بحياد مؤسساته الاجتماعية والرئيسي..".

هكذا بدأ مشروعه بالظهور بمظهر المحايد والمحب للإنسانية المبغض للكراهية، ولكنه بذاك يقصد هذا الذي ذكره الدكتور شيللر؛ الحياد يكسب نوعاً من المصداقية، وياسين يراهن على المصداقية، ولهذا انطلق مشروعه بعيداً عن الصراع الفلسطيني الصهيوني ولكنه قريب منه دائماً فهو الغاية النهائية.

ماذا لو ولد نصير ياسين في 1948؟

نصير شاب في مقتبل العمر ولد في فترة ما أسماها مالك بن نبي "فترة ضباب" أي وجد نفسه تحت الاستعمار الصهيوني، وفي هذه الفترة كما ذكرنا في مقال سابق يصبح المرء "قابلاً للاستعمار". فنصير وغيره ممن يعتقدون أن مجرد أن تعيش في واقع يفرض الاستعمار يعني أن تتقبله، وهو لا يقرر هذه الخلاصة على باقي الأشياء، فعوض أن يتقبل واقع يدرس في أحد جامعات فلسطين وجدناه يرحل لهارفرد ويدرس في أعظم جامعات العالم، وعوض أن يبقى حبيس واقعه ينطلق في رحلة حول العالم، إنه لا يعترف بالواقع إلا في علاقته مع الاحتلال الصهيوني.

في سنة 1948 وفي الوقت الذي تئن في دول إسلامية تحت وطأة الاستعمار الأوروبي وتعاني أخرى ويلات ما بعد خروجه التكتيكي، استفردت قوى الصهيونية العالمية بأرض فلسطين وبقدرة قادر تحولت من أرض للعالمين يأتيها المسيحي والمسلم واليهودي إلى أرض يهودية، ومن أجل مشروع كهذا استعملت الصهيونية جميع الأساليب الممكنة فهي في النهاية حركة استعمارية تؤمن بتفوق الجنس الأبيض وتتخذ المبدأ الميكافيللي كشعار لها "الغاية تبرر الوسيلة". وهكذا تأسست ميليشيات الصهاينة بدعم من الإنجليز والاتحاد السوفييتي وفرنسا وطبعا الولايات المتحدة الأمريكية؛ وهكذا استغل الصهاينة الدعم الغربي وبدؤوا يطبقون أفكار حاييم وايزمان وحركة "الصهيونية العملية"، بعد مؤتمر الصهيوني السابع عام 1907 -أي بعد وفاة هرتزل 1904- انقسمت الصهيونية إلى قسمين: الصهيونية السياسية التي كانت تسعى للحصول على تصريح من السلطان العثماني قبل التفكير في العودة إلى فلسطين.. والصهيونية العملية التي عملت على إحياء اللغة العبرية والاهتمام بالناحية الروحية وخلق واقع صهيوني في فلسطين (مذكرات حاييم وايزمان، دراسة وإعداد وتقديم الدكتور: الحسيني الحسيني معدى، دار الخلود للنشر والتوزيع، 2015).

لم يأتِ يوم 14 مايو/أيار 1948 إلا وقد فرضت الصهيونية نفسها على أرض فلسطين، فأعلن بن غوريون قيام دولة إسرائيل، وبعبارات مليئة بالكذب قرر بأن:

"أرض إسرائيل مسقط رأس الشعب اليهودي.. سعوا إلى السلام، لكنهم في الوقت نفسه استعدوا للدفاع عن أنفسهم. لقد جلبوا نعمة التقدم لجميع سكان البلد وتطلعوا للتحرر والاستقلال" (كيث وايتلام، اختلاق إسرائيل الكبرى، ص 178).

المتأمل في هذه الكلمات يلمس دون أدنى شك الخطاب الإمبريالي الأوروبي وخاصة مقطع "جلبوا نعمة التقدم.."، فالمعروف لدى الجميع أن الحركة الامبريالية إنما بررت استعمارها للعالم على نفس الأساس "جلب التقدم للأمم البربرية"، وهكذا يقول مؤسسو الكيان ولهذا نؤكد على كون الصهيونية ليست سوى امتداد للحركة الإمبريالية، وفي هذا الصدد يقول الدكتور عبدالوهاب المسيري رحمه الله في كتابه "الصهيونية والحضارة الغربية" ص 31-30:

"… وقد وصف هرتزل الفكرة الصهيونية بأنها "فكرة استعمارية".. أما ناحوم سوكولوف، المؤرخ والزعيم الصهيوني.. قرر: علينا أن نكون صهاينة "في استعمارنا وروحنا وديننا.. والدولة الصهيونية حسب التصور الصهيوني، هي تعبير عن جوهرها الاستعماري المتأصل، فهي ستكون إمبراطورية مصغرة (إنجلترا الصغرى، على حد قول هرتزل)…".

فكون الدولة الصهيونية استعمارية يحظى كما رأينا بدعم مؤسسي ومنظري الدولة الحديثة الأوائل، وأعمال القتل والتصفية الجماعية للشعب الفلسطيني وعمليات إقبار التاريخ الفلسطيني والكنعاني للمنطقة، ومحاولة إيجاد قواسم مشتركة بين سكان المنطقة قديما ويهود اليوم (الذي تدحضه الدراسات الأنثروبولوجية، راجع كتاب "اليهود أنثروبولوجياً" د.جمال حمدان).

كل الأمور تؤكد على العقلية الاستعمارية، وهذا أمر لن ينفيه الفتى ياسين ولا غيره، فالتاريخ وإن حاولوا إغراقه إلا أن حقائق تطفو على السطح دائماً، فهي عصية على يد كل عابث وقد سخر الله لها من يحميها ويذود عنها، مسلمين كانوا أم غير ذلك ممن هم أهل حياد مطلق ولا تهمهم المناصب والإغراءات التي تقدم للمدلسين والمشعوذين في سبيل الكذب باسم الإنسانية والتاريخ المشترك.

الكراهية صناعة صهيونية

روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من أذى ذمياً فقد آذاني".

وتقول المؤرخة والمفكرة البريطانية كارن آرماسترونغ في كتابها "النزعات الأصولية في اليهودية والمسيحية والإسلام":

"كرهوا السامية -اليهود- خطيئة غربية مسيحية.. ولم تنتقل للشرق إلا في القرن التاسع عشر.. لأن محمد مؤسس هذا الدين (الإسلام) لم ينظر لهم (اليهود) نظرة كراهية، فعاملهم بالحسنى والمدنية ولكنهم نقضوا عهده.. يصعب علينا أن نتفهم معاملة محمد لليهود في المدينة، لأنه يبعث مخازينا (مجازر المسيحيين في حق اليهود).. وبلغت ذروتها مع الحملة الصليبية العلمانية النازية…".

 عاش اليهود أزهى أيامهم مع المسلمين في الأندلس وشاركوهم الاضطهاد والتقتيل. وعادوا إلى المغرب وشمال إفريقيا فعمروا لسنوات طوال وهم جزء لا يتجزأ من تاريخ المنطقة، ورغم وجود صراعات بينهما وبين بعض المسلمين فإن هذا لا يشكل سوى الاستثناء، ونحن نعلم أن الصراع والنظرة الدونية للآخر توجد بين المسلمين بعضهم البعض بل حتى بين أفراد البلد الواحد والأسرة الواحدة، لهذا لم يجد اليهود أفضل من بلاد المسلمين للعيش وقد رحب بهم في جميع أقطار الإسلام فاستقبلهم السلاطين العثمانيون "با يزيد الثاني" الذي استقبل يهود السفارديم الذين تم نفيهم من إسبانيا عام 1470، واستمرت العلاقة الطيبة بينهم وبين السلاطين إلى أن ظهرت الفكرة الصهيونية في القرن الثامن عشر لتعكر صفو العلاقة؛ بعد أن اكتشف العثمانيون خاصة السلطان عبدالحميد نية الصهيونية في استعمار فلسطين.

وبالتالي لا يمكن لأي كان أن يركز على مسألة الكره الإسلامي لليهود، فكما قلنا وكما يمكن أن ترى بعينك في بلاد المغرب وتونس واليمن وغيرها من الدول التي يتواجد فيها مواطنون يهود يعيشون بين ظهراني المسلمين دون أدنى مشكل ويتقاسمون المسلمين كل صغيرة وكبيرة. والحقيقة التي يجب أن نؤكد عليها أن اليهود كذلك لا يكرهون المسلمين ولو كانوا كذلك لم ظلوا البقاء معهم رغم إغراءات الصهيونية؟.

ولكن، الذي يجب أن يفهم وهو أن بقاء دولة الصهاينة يتغذى على فكرة كره العرب عامة والمسلمين خاصة، وهذا يمكن أن نكتشفه من خلال الثقافة التي تزرع في أطفال الصهاينة هناك، ثم أليست الأمور في كون "الكيان الصهيوني دولة لليهود فقط" قد حسمت! كيف إذا سيقنعنا نصير ياسين وغيره بالتعايش؟!

الكراهية تزرع في عقول الصغار في الدولة الصهيونية، ولا نجد هذا في المدارس الإسلامية والعربية، ولهذا حين أراد نصير ياسين أن يقدم نفسه لرجل وشقيقته في القدس على كونه عربياً فلسطيني-إسرائيلي منفتحاً تلقى صفعة قوية، فحين أخبر الرجل شقيقته البالغة من العمر 15 عاماً بأنّ نصير فلسطيني، سألت: "ولماذا يفخر بذلك؟". تعليق دقّ ناقوس الخطر عند ياسين لأنّ "في قلبها كمية كبيرة من الحقد على العرب وهي تقطن على بعد كيلومتر واحد فقط منهم". عجيب فعلاً! وحين تباغته الصبية بالسؤال "لماذا تقتلوننا؟"، يجيب: "أنا لا أقتل أحداً. هناك الملايين ممن لا يقتلون أحداً"، فيأتي الرد: "لو كان الأمر بيدي، لما سمحت لأي عربي بالدخول إلى هذه المنطقة.. لا يوجد عربي أو فلسطيني غير إرهابي".

حسبنا هذا الموقف وهذه الاستشهادات على كون الكراهية تنبع من الفكر الاستعماري الصهيوني، وفي الحقيقة نحن نتفهم هذا الكره وهذا الحقد فبقاء الفلسطينيين المتشبثين بأرضهم يقض مضجع الصهاينة فكل هذا الخراب الصهيوني مبني على فكرة نفي الوجود الفلسطيني-العربي وفرض التواجد اليهودي، وهذا بالضبط ما يحاول نصير ياسين زرعه في فكر الجيل الصاعد؛ إن رسالته واضحة "الواقع صهيوني والماضي يجب أن ننساه". ولكننا نقول "الواقع والماضي والمستقبل فلسطيني وشجرة الكرم شاهدة؛ غصن الزيتون وكل حجر من الأقصى شاهد".

نهاية لابد منها

يقول نصير "لأنه يوجد في الحياة أمور أفضل وأكبر وأكثر أهمية للتركيز عليها، بدلاً من الخلاف على اسم قطعة من أرض"!

نصير ياسين ليس أول شخص ينشر روح الهزيمة والاستسلام ويطالبنا بأمور أشبه بالخيال، فالتعايش والسلام مع غاشم يأخذ أرضك ويستبيح عرضك وينال من كرامتك كنكتة سمجة، لا يراها نصير كذلك ببساطة لأن نصير ولد غنياً وعاش مترفاً في بلاد العام سام، لا هجر أهله ولا استشهد شقيقه ولا رمى بحجر على قوات الصهاينة ولا فعل شيئاً، إنه فتى جامعة هارفارد ومسقفها وطعامها المعلب، فتى حياة اللذة والترف الأمريكية، لا يعرف عن الآلام سوى فقدان حبيبته أو تحطم شاشة هاتفه الجديد، ولربما تفويت رحلة سياحية، نظرته للوضع سطحية، وتحليله عقيم عقم فكره؛ الذي ارتبط بالحاسوب بالمعلوميات ولا فتح كتاباً للتاريخ ولا يعرف عن المجتمعات الهامشية سوى ما يسمعه من الإعلام.

لهذا نكرر نصير ياسين ضحية وفيديوهاته تستهدف ضحايا آخرين؛ لا أقل ولا أكثر، ومشروعه فاشل لا بسبب ذكائنا بل بسبب أن الصهيونية وإن دعمته فهي تسخر من كلامه في الخفاء، فأي تعايش؟ وأي شيء يسمى "فلسطيني-إسرائيلي"؟

 فلو كان الصهاينة يعرفون هذا ويؤمنون به لما استعمروا أرض غيرهم وهجروا شعباً بأسره، وزوروا التاريخ وشوهوا الحاضر.

إن القضية يا ياسين أكبر من مقطع فيديو وصورة سيلفي، إنها قضية شعب مضطهد وأرض مسلوبة.. إنه تاريخ أمة بأكملها.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علي الرباج
كاتب مغربي
كاتب مغربي
تحميل المزيد