أعلن رئيس الوزراء اللبناني، حسان دياب، الإثنين 10 أغسطس/آب 2020، استقالة حكومته، وذلك على وقع تفجير مرفأ بيروت الذي وقع الثلاثاء الماضي، مخلِّفاً 158 قتيلاً وأكثر من 6 آلاف جريح، والاحتجاجات الشعبية التي تبعت ذلك.
دياب قال في المؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه الاستقالة، إن "منظومة الفساد متجذرة بكل مفاصل لبنان، وهي أكبر من الدولة".
وأضاف: "قاتلنا بشراسة وشرف، لكن هذه المعركة ليس فيها تكافؤ؛ لقد استعملوا كل الأسلحة ضدنا وكذبوا على اللبنانيين" .
وبعد أقل من ساعة على عقد المؤتمر، أعلن الرئيس اللبناني ميشال عون، قبول استقالة الحكومة، وطلب منها الاستمرار في تصريف الأعمال لحين تشكيل حكومة جديدة.
فساد لبنان أكبر من الحكومة: رئيس الوزراء المستقيل قال في المؤتمر، إن "لبنان أمام مأساة كبرى ويُفترض التعاون من أجل تجاوز المحنة".
وأضاف دياب أن "خطراً كبيراً يحيط بلبنان، ولكن البعض لا يهمُّه سوى تسجيل النقاط السياسية والخطابات الشعبوية وهدم ما بقي من مظاهر الدولة".
أشار كذلك إلى أن فساد بعض الأطراف في لبنان أنتج هذه المصيبة المخبأة منذ 7 سنوات، مؤكداً أن المطلوب تغيير من كانوا هُم المأساة الحقيقية للشعب اللبناني.
تحدَّث رئيس الوزراء المستقيل عن دور الحكومة، قائلاً: "قاتلنا بشراسة وشرف، لكن هذه المعركة ليس فيها تكافؤ، بعض الأطراف حاولت تحميل الحكومة مسؤولية الانهيار المالي والاقتصادي، ولكننا رفضنا استدراجنا إلى سِجالات عقيمة، لأننا أردنا العمل في الحكومة وحملنا مطالب اللبنانيين بالتغيير".
وأضاف دياب: "همُّنا الأول العمل على تجاوز تداعيات الزلزال الذي ضرب البلد، والوصول إلى تحقيق عادل وشفاف".
انهيار حكومة دياب: بهذا المؤتمر، وضع دياب نهايةً لحكومته التي كانت صحف لبنانية بارزة تحدثت عن مؤشرات انهيارها منذ صباح اليوم، وذلك على وقع انفجار مرفأ بيروت.
وطرحت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، في مانشيت بعنوان: "أيام الأسئلة الكبرى"، عدة تساؤلات بشأن "استقالة حكومة وهزيمة سلطة وسقوط النظام" على وقع تقديم وزراء استقالاتهم جراء الأزمة المحتدمة التي خلفها انفجار مرفأ بيروت.
قالت الصحيفة: "وقع حسان دياب تحت الضغط الكلي. مشكلته لم تكن محصورة بالقوى المعارضة، بل في حلفائه أيضاً. وهو وجد من تلقاء نفسه، أن اقتراح الانتخابات المبكرة قد يمثل مدخلاً لهدوء يقود إلى حل".
كذلك تابعت: "نسي الرجل (في إشارة لدياب) أن قواعد اللعبة ليست للشارع كما يظن المتوهّمون، بل لمن لا يزال بيده الأمر. فكان القرار بإطاحته مشتركاً".
جهود سابقة لدياب: فيما ألمحت صحيفة "الديار" إلى أن جهود دياب لمنع استقالة الوزراء، قائلة: "كاد نصف الحكومة أن يستقيل لولا جهود رئيسها حسان دياب الذي أفشل هذا السقوط".
وأوضحت أن "انفجار 4 أغسطس/آب الجاري الذي دمّر نصف العاصمة بيروت تسبب بشلل حكومي ونيابي، أدّى إلى الاستقالات".
كما سطرت صحيفة "الشرق" اللبنانية، مانشيتاً بعنوان "استقالات وزارية ونيابية.. والثوار احتلوا 3 وزارات"، نقلت فيه عن مصادرها: "احتمال استقالة الحكومة جمعاء إذا ما توالت استقالات الوزراء تباعاً، وإن لم يكن غداً (الثلاثاء) فربما في الأيام المقبلة".
استقالة وزيرة العدل: وفي وقت سابق الإثنين، قدمت وزيرة العدل اللبنانية ماري كلود نجم، استقالتها الخطية من الحكومة إلى رئيس الوزراء حسان دياب، لتكون الثالثة التي تتخلى عن حقيبتها الوزارية بعد وزيرة الإعلام منال عبدالصمد، ووزير البيئة والتنمية الإدارية دميانوس قطار.
ثالث استقالة وزارية: وهذه ثالث استقالة لوزراء في الحكومة اللبنانية، على خلفية كارثة انفجار مرفأ بيروت، بعد إعلان وزيرة الإعلام منال عبدالصمد، ووزير البيئة ديميانوس قطار، استقالتهما، الأحد.
في السياق ذاته، قدم عضو كتلة اللقاء الديمقراطي هنري حلو، الإثنين، استقالته من مجلس النواب اللبناني، لينضم إلى 6 نواب تقدموا، في وقت سابق، باستقالاتهم على خلفية الانفجار.
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام (رسمية)، بأن النائب حلو قدم كتاب استقالته من مجلس النواب إلى الأمين العام للمجلس عدنان ضاهر.
وسبق حلو، استقالة 3 من نواب حزب الكتائب اللبنانية، بحسب تصريح رئيسه سامي الجميل، إلى جانب النواب بولا يعقوبيان، ومروان حمادة، وميشال معوض، فيما تراجع النائب، نعمة إفرام، عن استقالة أعلنها، الأحد، بهدف "إعطاء فرصة لمجلس النواب لإصدار قانون لتقصير ولايته".
وفي 4 أغسطس/آب قضت العاصمة اللبنانية ليلة دامية، جراء انفجار ضخم في مرفأ بيروت، خلف 158 قتيلاً وأكثر من 6 آلاف جريح، ومئات المفقودين، بحسب أرقام رسمية غير نهائية.
ووفق تحقيقات أولية، وقع الانفجار في عنبر 12 من المرفأ، الذي قالت السلطات إنه كان يحوي نحو 2750 طناً من "نترات الأمونيوم" شديدة الانفجار، كانت مصادرة ومخزنة منذ عام 2014.
ويزيد انفجار بيروت من أوجاع بلد يعاني منذ أشهر، تداعيات أزمة اقتصادية قاسية، واستقطاباً سياسياً حاداً، في مشهد تتداخل فيه أطراف إقليمية ودولية.
احتجاجات في قلب بيروت: يذكر أن محتجين، أصيبوا مساء الأحد، خلال اشتباكات بين قوات الأمن ومئات المحتجين، وسط بيروت، في ثاني أيام احتجاجات تطالب باستقالة الحكومة ورئيس الجمهورية، على خلفية كارثة انفجار مرفأ العاصمة اللبنانية.
حيث أفاد مراسل الأناضول بأن عناصر من قوات الأمن استهدفت المحتجين بالرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع من أجل منعهم من الوصول إلى مبنى مجلس النواب (البرلمان)، مما أدى إلى جرح العديد من المحتجين.
وقال الصليب الأحمر، عبر "تويتر"، إن 11 فرقة تابعة له تعمل على إسعاف ونقل الجرحى.
ويطالب المحتجون باستقالة حكومة حسان دياب ورئيس الجمهورية، ميشال عون، محملين السلطة الحاكمة مسؤولية انفجار المرفأ في 4 أغسطس/آب الجاري.
دعم مالي لمواجهة الأزمة: كانت دول عربية وأجنبية أعلنت عن مساعدات مالية وعينية طارئة، إلى لبنان بأكثر من 295 مليون دولار، لتخفيف الأضرار الإنسانية الطارئة التي تواجهها البلاد، عقب تعرض أكبر مرافئها إلى انفجار أتى على مناطق واسعة من العاصمة بيروت.
حيث قالت الرئاسة الفرنسية في بيان، مساء الأحد، إن القيمة الإجمالية "للمساعدة العاجلة" المقدمة إلى لبنان، تبلغ 252.7 مليون يورو (295 مليون دولار).
يأتي ذلك، مع إطلاق فرنسا خلال وقت سابق الأحد، مؤتمراً عاجلاً للمانحين، بمشاركة الولايات المتحدة ودول عربية والاتحاد الأوروبي، لحشد دعم مالي وعيني للبنان.
وفي بيان لها، قالت الأمم المتحدة، إن لبنان بحاجة إلى مساعدات طارئة بقيمة 117 مليون دولار، لمواجهة التبعات الناجمة عن انفجار مرفأ بيروت.
فرنسا: أعلنت عن تقديم 30 مليون يورو (35.1 مليون دولار) بهدف توفير المساعدات الطارئة للبنان.
قطر: أعلن الأمير تميم بن حمد مساهمة بلاده بمبلغ 50 مليون دولار لمساعدة لبنان ومواجهة الأزمة التي يعيشها؛ مناشداً المجتمع الدولي تقديم مساعدات مالية عاجلة.
الكويت: أوردت وكالة الأنباء (كونا)، استعداد الكويت تقديم دعم للبنان، بالتزامات سابقة على الصندوق الكويتي للتنمية يعاد تخصيصها، بقيمة 30 مليون دولار، يضاف لها مساعدات طبية وغذائية بقيمة 11 مليون دولار.
ألمانيا: أعلن وزير الخارجية هايكو ماس، أن بلاده ستقدم دعماً إضافياً إلى لبنان بقيمة 20 مليون يورو (23.4 مليون دولار) إلى جانب 11 مليون دولار أعلنت عنها خلال وقت سابق الأحد، تخصص لدعم الاحتياجات الطارئة في البلاد.
المملكة المتحدة: تعهدت بتقديم حزمة مساعدات بقيمة 20 مليون جنيه إسترليني (26 مليون دولار) لبيروت، لمساعدة المتضررين من انفجار المرفأ.المفوضية الأوروبية: رفعت المفوضية، الأحد، مساعداتها المالية العاجلة الموجهة للبنان، إلى 63 مليون يورو (73.71 مليون دولار) مقارنة مع 33 مليوناً كانت أعلنت عنها الجمعة، بهدف تخفيف الاحتياجات الطارئة للبلد العربي.