خفض للرواتب ورفع فواتير الكهرباء.. المصريون على موعد جديد مع الغلاء

عدد القراءات
2,178
عربي بوست
تم النشر: 2020/07/03 الساعة 10:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/07/06 الساعة 10:48 بتوقيت غرينتش

مع بداية اليوم الأول من شهر يوليو/تموز الجاري، بدأت الحكومة المصرية تطبيق مشروع الموازنة العامة الجديدة لعام 2020-2021، والتي تستهدف من خلاله جمع إيرادات تقدر بنحو 1.288 تريليون جنيه (نحو 79 مليار دولار) مقابل 1.134 تريليون جنيه بموازنة العام المالي الماضي 2019 -2020.

ومع تطبيق الموازنة الجديدة بداية من يوم الأربعاء الماضي يكون المصريون على موعد جديد ومتواصل مع موجة جديدة من غلاء أسعار السلع والخدمات، وزيادة الإيرادات الضريبية، ورفع فواتير المياه والكهرباء والرسوم الحكومية، بل وسيشهد العام الجديد زيادات في أسعار المواصلات العامة مثل القطارات والمترو والنقل العام بحجة زيادة تكلفة التشغيل على الرغم من استمرار تهاوي سعر النفط والمشتقات البترولية من نفط وبنزين وسولار، وهذه المشتقات تمثل التكلفة الأكبر من مصروفات النقل والمواصلات.

وهناك خطة حكومية بتعديل الأنظمة الخاصة بالضريبة على القيمة المضافة والجمارك تمهيداً لفرض ضرائب على الخدمات الرقمية والتجارة الإلكترونية والتجارة عبر الإنترنت، وكذا التوسع في تسجيل أصحاب المهن الحرة لفرض الضرائب عليهم، وكذا فرض ضرائب على المشروعات الصغيرة والمتوسطة. على الرغم من إعفاء معظم دول العالم في هذه المشروعات من الضرائب لتشجيعها على التوسع وخلق فرص عمل جديدة.

الزيادة المتوقعة في الأسعار تأتي على الرغم من تفاقم الأعباء المعيشية التي تتعرض لها أغلب الأسر المصرية، بسبب تداعيات تفشي فيروس كورونا الخطيرة على الاقتصاد مع حدوث قفزات غير مسبوقة في معدلات الفقر والبطالة، بسبب الإجراءات الحكومية المطبقة خلال السنوات السبع الأخيرة، والتي نجم عنها حدوث قفزات في أسعار السلع والخدمات، وسعر البنزين والسولار والكهرباء، وتآكل القدرة الشرائية للمواطن، وفقدان الجنيه المصري 70% من قيمته بسبب قرار التعويم في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وفرض ضريبة على السلع والخدمات بنسبة 15%.

زيادة سعر الدولار

زيادة الأسعار المتوقعة في العام المالي الجديد تأتي على خلفية عدة أسباب، أبرزها زيادة سعر الدولار المتوقعة مع تراجع إيرادات البلاد من النقد الأجنبي خاصة من قطاعات حيوية مثل السياحة وتحويلات المغتربين، وهو ما سيرفع تكلفة كل السلع المستوردة، إذ إن مصر تستورد نحو 60% من احتياجاتها الغذائية من الخارج، كما تعد أكبر مستورد للقمح والزيوت في العالم، كما أن فاتورة واردات البلاد فاقت 62 مليار دولار في عام 2019، بل وتجاوزت 70 مليار دولار في بعض السنوات، وبالتالي فإن أي زيادة في سعر العملة الأمريكية تنعكس مباشرة على فاتورة الواردات.

تفاقم أعباء الديون

أما ثاني الأسباب التي ستدفع الأسعار في مصر نحو الارتفاع في العام المالي الجديد الذي يبدأ من يوليو/تموز 2020 وحتى 30 يونيو/حزيران 2021 فيكمن في تفاقم أعباء الديون الخارجية المطلوب من البلاد سدادها في العام الجديد والتي تقدر بنحو 12.7 مليار دولار، ومع توسع الحكومة في الاقتراض الخارجي والداخلي، فإن الحكومة تلجأ إلى زيادة الأسعار وخفض الدعم الحكومي المقدم للسلع الرئيسية كالوقود والكهرباء لتدبير قيمة أقساط الديون المستحقة، وكانت الحكومة قد اقترضت ما يزيد على 13 مليار دولار منذ تفشي فيروس كورونا في شهر مارس/آذار الماضي، كما تخطط للتوسع في الاقتراض الخارجي خلال الفترة المقبلة.

ويوم الأربعاء الماضي وافقت لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب على مشروع قانون مقدم من الحكومة بفتح اعتماد إضافي بقيمة 80 مليار جنيه، لصالح باب "سداد القروض" في الموازنة السابقة 2019-2020، والتي انتهت الثلاثاء الماضي.

زيادة أسعار الأغذية عالمياً 

ثالث أسباب زيادة الأسعار المتوقعة في مصر خلال الفترة المقبلة فهو يستند لتوقعات زيادة أسعار الأغذية عالمياً مع استمرار جائحة كورونا، والتي قد تدفع الدول المنتجة للغذاء مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا والهند والبرازيل وكندا وغيرها إلى وضع المزيد من القيود التجارية على صادرات القمح والأغذية والحبوب، أو الميل للتخزين الإجباري في محاولة لحماية أمنها الغذائي. وفي حال حدوث مثل هذا الارتفاع في أسعار الحبوب عالمياً فإن هذا سينعكس على أسعار الأغذية في مصر سواء القمح أو الدقيق، وربما يمتد إلى الأرز والمكرونة وغيرهما.

أما رابع أسباب زيادة الأسعار في العام فيكمن في زيادة فواتير الكهرباء، وربما تحدث زيادات لاحقة في سعر أنبوبة غاز الطهي، وهذه الزيادة تمثل تكلفة إضافية على أصحاب المحال التجارية، وهو ما سيدفعها نحو زيادة الأسعار المقدمة للجمهور.

أما عن الزيادات والرسوم والقرارات المتوقعة في العام المالي الجديد فمن أبرزها.

رفع فواتير الكهرباء 30%

مع بداية يوم الأربعاء 1 يوليو/تموز، رفعت الحكومة فواتير الكهرباء للمواطن بنسبة تتراوح ما بين 16% و30% حسب كمية الاستهلاك على الرغم من تراجع تكلفة إنتاج الطاقة وتوليد الكهرباء بسبب استمرار تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية، في حين سيتم تثبيت أسعار الكهرباء للقطاعين الصناعي والتجاري، والزيادة الجديدة في الكهرباء تعد سابع زيادة منذ العام 2014، وتأتي في إطار خطة لإلغاء الدعم الحكومي المقدم للكهرباء وبيعها للمواطن حسب التكلفة وبالأسعار العالمية، كما تأتي في إطار خطة وزارة الكهرباء الرامية إلى مضاعفة أسعار الكهرباء للاستهلاك المنزلي، بالنسبة للشرائح الأقل استهلاكاً خلال الأعوام الخمسة المقبلة، وهذه الزيادة ستمثل عبئاً جديداً على الأسرة المصرية خاصة الفقيرة ومتوسطة الدخل، إذ إن الزيادة الكبيرة البالغة 30% ستكون من نصيب هاتين الشريحتين.

خفض رواتب الموظفين والمعاشات

بداية من هذا الشهر الجاري ولمدة سنة سيتم خفض رواتب جميع العاملين بالقطاعين العام والخاص بنسبة 1%، و0.5% لأصحاب المعاشات لدعم جهود الدولة في مكافحة فيروس كورونا، وحسب قانون مقدم من الحكومة وأقره البرلمان مؤخراً فإنه سيتم خصم نسبة 1% من رواتب جميع الموظفين في الدولة، سواء من العاملين في القطاع الحكومي أو الخاص، بهدف تدبير نحو 10 مليارات في العام لصالح صندوق مواجهة الأوبئة والكوارث.

ونص القانون على أن "يُخصم شهرياً، اعتباراً من أول يوليو/تموز 2020، ولمدة 12 شهراً، نسبة 1% من صافي دخل العاملين في كل قطاعات الدولة، المستحق من جهة عملهم، أو بسبب العمل تحت أي مسمى، ونسبة 0.5% من صافي الدخل المستحق من المعاش لأصحاب المعاشات، مع إعفاء أصحاب الدخول الذين لا يزيد صافي دخولهم شهرياً على 2000 جنيه".

زيادة الضرائب

على الرغم من الأعباء الصعبة التي تواجه الاقتصاد المصري وقطاعاته التجارية والمالية والقطاع الخاص بسبب تفشي وباء كورونا وتوقف أنشطة رئيسية محركة للاقتصاد مثل السياحة، إلا أن الحكومة تخطط لزيادة حصيلة الضرائب في العام المالي 2020-2021، وهو ما يمثل إرهاقاً إضافياً للشركات والممولين وموظفي الدولة الذين يعتبرون الممول الأول للضرائب في مصر، حيث تقتطع الضريبة من مرتباتهم من المنبع، وحسب خطة وزارة المالية، فإنها تستهدف زيادة الإيرادات الضريبية بنحو 12.6٪ خلال هذا العام لتصل إلى 964.777 مليار جنيه مقابل 856.616 مليار جنيه في موازنة السنة المالية الماضية والتي انتهت يوم الثلاثاء الماضي.

زيادة أسعار السجائر

من الأبواب السريعة التي تلجأ إليها الحكومة لزيادة إيرادات الدولة زيادة الرسوم المفروضة على السجائر من وقت لأخر، خاصة أن المصريين يستهلكون كميات ضخمة من الدخان سنوياً، وحسب الأرقام فقد بلغ استهلاك المصريين للسجائر خلال العام المالي 2017 – 2018، حوالي 83 مليار سيجارة، تقدر تكلفتها بـ73 مليار جنيه، في حين وصل استهلاك تبغ المعسل، المستعمل في الشيشة، إلى 50 ألف طن سنوياً، بقيمة 3 مليارات جنيه. وحسب الأرقام الحكومية فإن الحكومة تستهدف زيادة الإيرادات من ضريبة السجائر والتبغ (الدخان) نحو 13.3٪ في موازنة 2020-2021 لتصل إلى 74.6 مليار جنيه، وهو ما يعني أن "أصحاب الكيف" باتوا على موعد مع زيادة جديدة في أسعار السجائر والمعسل.

زيادة تذاكر النقل العام

من المتوقع زيادة تذاكر النقل العام في العام المالي الحالي، هذه التوقعات تستند إلى عدة معطيات، منها تلميح أكثر من مسؤول في الدولة بأن مرفق مترو الأنفاق يتعرض لخسائر رغم تراجع تكلفة التشغيل بسبب تهاوي أسعار البترول، وكذلك إعلان رئيس هيئة النقل العام بالقاهرة، اللواء رزق علي مصطفى يوم 10 يونيو/حزيران الماضي تقدمه بدراسة إلى محافظة القاهرة لتحرير الدعم عن وسائل النقل العام في العاصمة خلال ثلاث سنوات، وزيادة قيمة تذكرة الباصات المملوكة للدولة لتصل على التكلفة الحقيقية، وفي حال حدوث ذلك فإن الحكومة ستتوقف عن دعم المواصلات العامة، وهو ما يعني زيادة قيمة التذاكر.

الزيادة المرتقبة في أسعار أتوبيسات النقل العام والقطارات ومترو الانفاق ستشكل عبئاً جديداً على ملايين المواطنين البسطاء، الذين يرتادون وسائل النقل العام يومياً للوصول إلى أماكن عملهم، كما يرتادها ملايين من طلاب الجامعات والمدارس.

زيادة الرسوم لجمع 15 مليار جنيه

خلال العام المالي الجديد ستتوسع الحكومة في سياسة زيادة الرسوم التي يتم جمعها من المواطن داخل المؤسسات الحكومية مثل المرور والأحوال المدنية والشهر العقاري ومصلحة الجوازات وغيرها من الجهات التي تقدم خدماتها للجمهور، وتسعى الحكومة من خلال فرض رسوم جديدة داخل المصالح الحكومية إلى جمع 15 مليار جنيه من جيوب المواطن.

من بين تلك الرسوم الجديدة مثلاً فرض 100 جنيه رسماً سنوياً على كل سيارة بها "راديو" عند ترخيص المركبات، بدلاً من الرسم الحالي البالغ 14 قرشاً، كما سيتم رفع ضريبة السجائر والمخبوزات والمنظفات من 5% إلى 14%، وفرض رسوم جديدة على أجهزة المحمول ومستلزماتها بواقع 5% من قيمتها، وفرض رسوم بنسبة 2.5% من قيمة فواتير الإنترنت للشركات والمنشآت ورسوم على التبغ الخام. وذلك بجانب حزمة من الرسوم في القطاعات المختلفة شملت الرياضة، والحفلات والأماكن الترفيهية، والتبغ الخام والمصنع والحديد.

وهناك رسم بقيمة 5 جنيهات سيتم فرضه خلال العام الجاري على كل وعاء من الأوعية الخاضعة لضريبة الدمغة النوعية، ورسم على أغذية الكلاب والقطط والطيور الأليفة للزينة، بواقع 25% من الفاتورة للأغراض الجمركية، مضافة إليها الضريبة الجمركية، والضريبة على القيمة المضافة، وغيرها من الضرائب والرسوم.

وتشمل الرسوم الجديدة فرض نسبة 12% من المبالغ المدفوعة لصالح الحفلات والخدمات الترفيهية التي تقام في الفنادق، والمحال العامة السياحية، أو غيرها من المحال العامة.

وحسب الأرقام الرسمية، فإن وزارة المالية تستهدف جمع إيرادات من رسوم تنمية موارد قيمتها 31.2 مليار جنيه، خلال العام المالي الجاري 2020-2021، بزيادة 106.6% على الحصيلة المستهدفة للعام المالي الماضي البالغة 15.5 مليار جنيه. وهذه القفزة المتوقعة لرسم تنمية الموارد سيتم تحميلها للمواطن في شكل رسوم جديدة سيدفعها عند تعامله مع المصالح الرسمية بالدولة.

تطبيق ضريبة الوقود

في حال زيادة سعر البترول في الأسواق الدولية ستبدأ الحكومة تطبيق قانون تم إقراره مؤخراً من قبل البرلمان لكن تم تجميد تطبيقه خوفاً من ردة فعل الرأي العام على القرار، خاصة مع تهاوي أسعار النفط بنسبة 70% خلال الربع الأول من العام الجاري 2020، وهذا القانون ينص على فرض رسوم بقيمة 30 قرشاً عن كل لتر بنزين يشتريه المواطن من محطات الوقود، و25 قرشاً لكل لتر من السولار.

زيادة سعر البنزين والسولار

في حال زيادة سعر النفط خلال العام الجاري عن 61 دولاراً للبرميل في حال إعادة تشغيل الاقتصاديات العالمية والمصانع الكبرى حول العالم، فإن الحكومة المصرية قد ترفع أسعار البنزين والسولار، فوزارة المالية حددت سعر برميل النفط في موازنة 2020-2021 عند 61 دولاراً، مقابل 68 دولاراً في الموازنة الماضية. كما أن الحكومة تستهدف خفض دعم المواد البترولية بنسبة 47٪ خلال العام الجاري ليصل إلى 28.193 مليار جنيه فقط مقابل 52.963 مليار جنيه للعام الماضي.

زيادة رسوم النظافة

في إدراج الحكومة مشروعات قوانين أخرى تستهدف من خلالها زيادة إيرادات الدولة عبر زيادة الرسوم منها مثلاً مشروع قانون مقدم للبرلمان يهدف إلى زيادة رسوم خدمات جمع القمامة بعد فصلها عن فواتير الكهرباء إلى 30 جنيهاً شهرياً عن الوحدات السكنية بدلاً من 4 جنيهات حالياً، وإلى 100 جنيه بدلاً من 30 جنيهاً بالنسبة للوحدات التجارية المستقلة، والمستخدمة كمقار للمهن والأعمال الحرة، مع إعفاء دور العبادة من الرسوم.

وكان وزير الكهرباء، محمد شاكر، قد أعلن قبل أيام استمرار تحصيل رسوم النظافة من خلال فواتير الكهرباء لمدة عام إضافي، نظراً لعدم الانتهاء من الآلية الجديدة لتحصيل مستحقات الدولة من رسوم جمع القمامة، مضيفاً أن الوزارة تراجعت عن قرارها بطباعة فواتير الكهرباء من دون رسوم النظافة اعتباراً من الشهر الجاري.

أعباء المصريين في العام الجديد ستكون أكبر، خاصة مع بحث الحكومة عن موارد لسداد الديون الخارجية التي بلغت قيمتها نحو 124 مليار دولار بنهاية يونيو/حزيران الماضي، وسداد 1.2 تريليون دولار التزامات مستحقة عليها للدائنين في الداخل والخارج، علماً بأن هذا الرقم يعادل إيرادات الدولة طوال العام المالي الحالي 2020-2021.

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
مصطفى عبد السلام
كاتب متخصص في الشأن الاقتصادي
تحميل المزيد