تباينت قراءات قوى المعارضة الجزائرية لحزمة القرارات التي أعلنها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، الإثنين الماضي، رداً على حراك شعبي رفض ترشحه لولاية رئاسية خامسة.
لكن تلك القراءات التقت في مجملها حول وجود محاولة لـ"الالتفاف على مطلب التغيير"، و"تمديد غير دستوري للولاية الرابعة".
بوتفليقة، الذي يحكم منذ 20 عاماً، أعلن في رسالة إلى الجزائريين سحب ترشحه، وتأجيل الانتخابات (إلى أجل غير مسمى)، بعد أن كانت مقررة في 18 أبريل/نيسان المقبل، وذلك تحت وطأة احتجاجات شعبية تطالب منذ أسابيع برحيله.
كما قرر إدخال "تعديلات جمّة (واسعة) على الحكومة، وإطلاق حوار يشمل مختلف القطاعات، بهدف الوصول إلى صيغة لدستور جديد يُعرض لاستفتاء شعبي، قبل انتخابات رئاسية لا يعتزم الترشح فيها.
وجاءت أبرز ردود أفعال المعارضة بشأن قرارات بوتفليقة (82 عاماً) كالتالي:
ناشطو الحراك
شهد وسط الجزائر العاصمة، صباح الثلاثاء 12 مارس/آذار 2019، احتجاجات جديدة للطلبة بالدرجة الأولى، تعبيراً عن رفضهم للقرارات الرئاسية.
وردد المحتجون هتافات، من أبرزها "لا للتمديد" لبوتفليقة، الذي يعاني متاعب صحية منذ سنوات.
ويتم تداول دعوات إلى الاحتجاج، يوم الجمعة المقبل، ضد ما يقول منتقدون إنه تمديد غير دستوري للولاية الرابعة.
وقال المحامي مصطفى بوشاشي، أحد أبرز ناشطي الحراك، للأناضول: "هذه المقترحات أو القرارات تحمل في طياتها بقاء الرئيس خارج الأحكام الدستورية، وهو تمديد الولاية الرابعة (2014-2019)، والإبقاء على الحكومة، التي خدمت التزوير والفساد لعشرية كاملة (2009: 2019)".
وأضاف أن "الشارع الجزائري يعتبر أن تلك القرارات التفاف على مطالبه المشروعة، ولن يقبلها".
ورأت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان (أبرز تنظيم حقوقي غير حكومي)، في بيان، أن "ورقة الطريق، التي تضمنها بيان الرئاسة كرد رسمي على الحراك السلمي، جاءت مغايرة لتطلعات الحراك وإرادة الشعب".
وأوضحت أن "فرض تمديد العهدة الرابعة للرئيس المنتهية ولايته، والذي سيفقد كل شرعية بعد 26 أبريل/نيسان 2019، وإدارة المرحلة الانتقالية من قبل النظام التسلطي نفسه الذي يرفضه وبقوة الشعب، تعد مناورة أخرى، وتجاهل صريح لتطلعات الشارع".
أحزاب المعارضة
التقت أيضاً مواقف أحزاب المعارضة حول "عدم دستورية" قرارات بوتفليقة، وأنها "التفاف" على مطالب التغيير.
وطالب أغلب تلك الأحزاب، في اجتماعات تنسيقية في السابق، بسحب ترشح بوتفليقة، وتأجيل الانتخابات، مع الذهاب إلى مرحلة انتقالية تتولى فيها هيئة مستقلة من شخصيات وطنية السلطة، حتى إجراء انتخابات جديدة.
وقال رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس (2000-2003) إن "البلاد شهدت الإثنين تعدياً بالقوة على الدستور، بالإعلان عن تمديد الولاية الرابعة للرئيس بوتفليقة".
وأردف أن "هذا الاستيلاء على مركز القرار كان مبرمجاً بولاية خامسة، فأصبح بالتمديد للرابعة، بدون مباركة من الشعب".
كما رأت حركة مجتمع السلم (أكبر حزب إسلامي) أن خارطة طريق بوتفليقة تمثل "التفافاً على مطالب التغيير الحقيقية للشعب، ويقصد بها تفويت الفرصة التاريخية للانتقال بالجزائر نحو تجسيد الإرادة الشعبية والتخلص نهائياً من النظرة الأحادية الفوقية".
ودعت الحركة جميع الأطراف إلى "تغليب لغة الحوار، الذي لا يقصي أحداً في الطبقة السياسية والمجتمع المدني، ويشمل شباب الحراك الشعبي، بما يجسد التوجه الوطني الصادق نحو ما يحقق الانتقال الديمقراطي السلس المتفاوض عليه".
كانت ستؤدي إلى التهدئة!
اعتبر حزب العمال، بقيادة لويزة حنون، في بيان، أن "هذه القرارات كانت ستؤدي إلى التهدئة لو لم يتمد تمديد ولاية الرئيس بوتفليقة، لكن وقوع ذلك هو التفاف على مطالب الشعب في تغيير النظام".
ودعا الحزب إلى "تنصيب حكومة كفاءات مستقلة تشرف على إدارة البلاد في المرحلة الانتقالية حتى تنظيم انتخابات جديدة نزيهة وشفافة".
على الخط نفسه، قال حزب جبهة العدالة والتنمية، بقيادة المعارض الإسلامي عبدالله جاب الله: "رفضنا فرض خريطة الطريق، التي وضعت بمنطق فرض الأمر الواقع بمعزل عن الشعب، وبعيداً عن أي حوار معه أو إشراك له فيها".