أيّدت محكمة التمييز البحرينية، الإثنين 28 يناير/كانون الثاني 2019، حكماً بالسجن المؤبد بحق زعيم المعارضة الشيعية الشيخ علي سلمان واثنين من مساعديه، بتهمة "التخابر" لصالح قطر، على ما أفاد به مصدر قضائي بحريني.
والحكم الصادر عن محكمة التمييز نهائي ولا يمكن الطعن به.
وصدر في حزيران/يونيو 2018 حكم أوّلي ببراءة سلمان ومساعديه، لكن النيابة العامة قامت باستئناف الحكم، لتصدر محكمة الاستئناف في نوفمبر/تشرين الثاني حكماً بالسجن المؤبد بحقهم.
وقال المصدر القضائي إن محكمة التمييز قامت "برفض الطعن المقدّم" من سلمان على الحكم الصادر بحقه من قِبل محكمة الاستئناف.
وبحسب بيان للنيابة العامة البحرينية، الإثنين، فإن التهم الموجهة إلى سلمان شملت "التخابر مع دولة أجنبية" في إشارة إلى قطر، "لارتكاب أعمال عدائية ضد مملكة البحرين، وبقصد الإضرار بمركزها السياسي والاقتصادي وبمصالحها القومية بغية إسقاط نظام الحكم في البلاد".
وحُكم على مساعدي سلمان، وهما علي الأسود وحسن سلطان، غيابياً. والرجلان نائبان سابقان في البرلمان موجودان خارج البحرين.
وأوقف زعيم المعارضة الشيعية في 2014، وحُكم عليه في يوليو/تموز 2015 بالسجن أربعة أعوام لإدانته بتهمة "التحريض" على "بُغض طائفة من الناس" و "إهانة" وزارة الداخلية خلال أحداث عام 2011.
وقررت محكمة الاستئناف زيادة مدة العقوبة إلى تسعة أعوام بعدما أدانته أيضاً بتهمة "الترويج لتغيير النظام بالقوة"، قبل أن تقرر محكمة التمييز في خطوة نادرة خفض العقوبة إلى أربع سنوات.
وأدّت عملية توقيف سلمان إلى تظاهرات واحتجاجات عمت المملكة الصغيرة، وإلى إدانات وانتقادات للسلطات من قِبل منظمات حقوقية ومن قِبل الولايات المتحدة، حليفة البحرين.
"انتقام سياسي"
منذ 2011، تلاحق السلطات معارضيها وخصوصاً من الشيعة، ونفذت أحكاماً بالإعدام رمياً بالرصاص بحق ثلاثة من الشيعة أُدينوا بقتل ثلاثة رجال أمن، بينهم ضابط إماراتي في مارس/آذار 2014.
وأُحيل عشرات المعارضين البحرينيين إلى القضاء، ومن بينهم الناشط البارز نبيل رجب، وصدرت ضدهم أحكام قاسية بالسجن لدعوتهم إلى إسقاط الحكومة. وفي أغلب الأحيان، أرفقت الأحكام بإسقاط الجنسية عن المدانين.
وقال "مركز البحرين للحقوق والديمقراطية" في بيان، تعليقاً على الحكم بسجن سلمان: "إنه انتقام سياسي وإهانة للعدالة".
تتّهم البحرين وإلى جانبها السعودية ودولة الإمارات ومصر، قطر بتمويل "الإرهاب" والتدخل في شؤون دول الخليج، وهو ما تنفيه الإمارة الصغيرة.
وكانت الدول الأربع قطعت علاقاتها مع قطر في يونيو/حزيران 2017 على خلفية هذه الاتهامات. وفرضت مقاطعة اقتصادية على الدوحة، ومنعت الطائرات القطرية من عبور أجوائها والشركات القطرية من العمل على أراضيها، بينما حظرت السعودية والإمارات والبحرين على مواطنيها السفر إلى قطر.
وفي أغسطس/آب 2017، اتهم الإعلام الرسمي البحريني قطر بمحاولة الإطاحة بالحكومة البحرينية. وبث تلفزيون البحرين تقريراً تضمن ادعاءات بأن قطر كانت وراء التظاهرات ضد الحكومة.
وأورد التقرير أنه في 2011، أجرى رئيس الوزراء القطري السابق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني اتصالاً بعلي سلمان الذي كان حينذاك زعيم جمعية "الوفاق"، طالباً منه دفع المتظاهرين إلى الشوارع لتشديد الضغوط ضد المملكة.
وأعلنت النيابة العامة البحرينية حينها بدء تحقيقاتها بشأن هذه المحادثة الهاتفية، في وقت نفت فيه قطر أي تدخل في السياسات البحرينية.
السلطات تحاول التضييق على الجمعيات المناهضة
إلى جانب ملاحقة معارضيها، تحاول السلطات تضييق الخناق على الجمعيات السياسية التي تتبنى سياسية مناهضة لها.
وفي يوليو/تموز 2016، حلّ القضاء البحريني جمعية "الوفاق" الشيعية المعارضة التي كانت لديها أكبر كتلة نيابية قبل استقالة نوابها في فبراير/شباط 2011، وكذلك جمعية "وعد" العلمانية المعارضة.
ومنعت الجمعيتان أيضاً من المشاركة في الانتخابات البرلمانية التي جرت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وقالت "الوفاق" التي لا تزال ناشطة خارج البحرين، في بيان، إن الحكم ضد سلمان "جاء لأسباب سياسية انتقامية وإن استخدام القضاء والمحاكمات ليس سوى واجهة للنظام الدموي الاستبدادي في البحرين"، معتبرة أن "كل القضية ارتكزت على فبركة وتدليس متهالك".
ورأت أن "الحراك في البحرين مستمر ولن يتوقف أو يتراجع بل سيزداد قوة ومنعة، وأن الغالبية العظمى من شعب البحرين متمسكة بضرورة التحول من النظام الاستبدادي الدموي إلى نظام ديمقراطي معتدل".
والبحرين مقر الأسطول الخامس الأمريكي وحليفة لواشنطن. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خفّف من القيود المفروضة على بيع الأسلحة إلى هذا البلد منذ تسلمه الحكم في يناير/كانون الثاني 2017.