ظل طيار يوناني عالقاً أزيد من 16 ساعة داخل غرفته في أحد أفخم الفنادق بعاصمة أفغانستان كابول، والذي تعرض لهجوم من مقاتلي طالبان ، أودى بحياة أكثر من 40 شخصاً في 20 يناير/كانون الثاني 2019.
يروي الطيار اليوناني فاسيليوس فاسيليو، لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، كيف استطاع الخروج حياً من هجوم، تبادلت فيه القوات الدولية ومسلحي طالبان، القذائف وطلقات الرشاشات، وكيف نجا من رصاصة قناص ورشاش "إرهابيين".
عشاء مبكر على غير العادة
منذ ما يربو على عام، نزل الطيار اليوناني فاسيليوس فاسيليو في فندق فخم على قمة إحدى تلال كابول. كان فندق الإنتركونتننتال يتمتع بشعبية بين الزوار الأجانب، وهو السبب الذي من أجله اقتحم من قبل مقاتلي طالبان في 20 يناير/كانون الثاني 2019، فقتلوا ما لا يقل عن 40 شخصاً. وهنا يشرح فاسيليوس كيف نجا.
كنت قد قررت الذهاب لتناول العشاء مبكراً، في الساعة السادسة، مع صديقي، وهو طيار آخر يدعى مايكل بوليكاكوس. وكانت تلك هي المرة الأولى التي أفعل فيها ذلك منذ أن وصلت إلى هذا الفندق قبل ثلاثة أو أربعة أشهر، إذ عادة ما كنت أتناول عشائي في نحو الساعة 8:30 مساءً.
انتهينا من تناول العشاء في نحو الساعة السابعة والنصف، ثم صعدت إلى غرفتي التي تحمل رقم 522، في الطابق العلوي، لإجراء بعض المكالمات. في الساعة 8:47 كنت على الهاتف أتحدث إلى أثينا، عندما سمعت انفجاراً ضخماً في الردهة.
خرجت إلى الشرفة، واستطعت رؤية رجل على الأرض مضرجاً بالدم، واستطعت سماع صوت إطلاق النار القادم من داخل الفندق وخارجه. وأدركت مدى حظي، إذ لم أكن بالمطعم في هذه اللحظة، وقلت لنفسي: "حسناً يا فاسيليوس، ينبغي أن تفعل شيئاً لكي تنجو".
طيارٌ مدربٌ على إدارة الأزمات واتخاذ القرارات
تركت باب الشرفة مفتوحاً وأحكمت إغلاق باب غرفتي. كان هناك سريران في الجناح الذي كنت أنزل فيه، لذا فقد أخذت إحدى المراتب ووضعتها في مواجهة الباب لحماية نفسي من القنابل اليدوية، ثم جمعت بعض ملاءات السرير، والمناشف والملابس وصنعت حبلاً يمكنني استخدامه للوصول إلى الدور الرابع إذا ما تطلب الأمر.
ولأني طيارٌ ومدربٌ، فقد درست إدارة الأزمات واتخاذ القرارات لسنوات، لذا فحتى لو كنت ذاهباً إلى المطعم أو قاعة السينما، فإنني أفكر تلقائياً في الجلوس بجانب الباب، أو قريباً من مَخرج الطوارئ، صار الأمر بديهياً بالنسبة لي.
بدأت في التفكير فيما سأفعله بعد ذلك. لم تكن لدي أي فكرة عن عدد المهاجمين من مقاتلي طالبان أو مكانهم في المبنى، ولم يكن القفز من الدور الخامس تصرفاً حكيماً، لذا فقد قلت لنفسي: "فاسيليوس، ابق في الداخل وحاول أن تفعل ما تستطيع لحماية نفسك".
ولسبب ما، لا يمكنني شرحه، فقد كنت هادئاً بشكل غير متوقع.
جعلت السرير ذي المرتبة يبدو غير مرتب بعض الشيء، والسرير الآخر، الذي أزلت المرتبة من فوقه، يبدو مرتباً. أطفأت النور وقررت الاختباء خلف الستائر الثقيلة والأثاث في الظلام.
في انتظار وصول المسلحين من مقاتلي طالبان
مرت نحو ساعة ونصف الساعة، وعلى الرغم من أنني لم أعرف ذلك حينها، فقد كان المهاجمون من مقاتلي طالبان قد قتلوا بالفعل جميع الموجودين في الردهة والمطعم والطابقين الأول والثاني بالفندق.
وسارعوا إلى الطابقين الثالث والرابع وصولاً إلى الطابق الخامس، وكان بإمكاني سماعهم يجرون على السطح فوق رأسي، حيث كانوا يتدبرون أمر إبعاد المروحيات التابعة للقوات الدولية.
سمعت صوت إطلاق النار في الرواق القريب، وفجأة انقطعت الكهرباء تماماً في الفندق.
كانت الغرفة الأولى التي دخلها المهاجمون في الدور الخامس هي تلك التي تحمل رقم 521، وكانت المجاورة لغرفتي، وأصبحت فيما بعدُ مركز عمليات مقاتلي طالبان طوال فترة الحصار التي استمرت الليل كله. سمعت إطلاق النار على باب غرفتي وقلت لنفسي: "هذا ليس وضعاً جيداً".
نزلت على الأرض، وذهبت تحت السرير الذي كان ما يزال محتفظاً بمرتبته؛ في محاولة لحماية نفسي. كنت أمسك هذا السرير بقبضتي وأطراف أصابع قدمي، لتدعيم وزن السرير.
كان بإمكاني أن أرى قليلاً، لأن السرير كان مرفوعاً نحو 10 سنتيمترات إلى الهواء. أطلقوا النار على القفل مباشرة، وضربوا الباب بمطرقة ثقيلة، ثم دخل رجال أربعة إلى غرفتي. جرى أحدهم مباشرة إلى الشرفة، لأنهم رأوا بابها مفتوحاً.
كأن الأمر "حفلة كبيرة"!
سمعت صوت إطلاق نار من مسدس، كانت طلقة واحدة، واعتقدت أنني -على الأرجح- سوف أموت في الثواني القليلة القادمة. فكرت في أُسرتي ووجوه أطفالي، واللحظات الجيدة والسيئة في حياتي.
تُرك الباب مفتوحاً وكان المسلحون من مقاتلي طالبان يدخلون ويخرجون طول الوقت. ثم بدأوا في فتح أبواب أخرى بالدور الخامس.
في الجهة المقابلة لي بالممر، كان يقطن مضيف جوي وبعض الطيارين الآخرين الذين كنت قد عملت معهم. أحياناً كنت أسمع صراخهم قبل إعدامهم. وأحياناً لم أكن أسمع شيئاً.
أعتقد أنَّهم فتحوا كل باب من أبواب الدور الخامس وقتلوا كل من وجدوه. كنت أسمع الصراخ والرصاصة، كانت دائماً رصاصة واحدة فحسب، وبعد ذلك كانوا يقتحمون الباب التالي. كل مرة كانوا يضحكون بعدها، كأنَّهم كانوا يلعبون فحسب، أو كأنَّ الأمر حفلة كبيرة أو شيء من هذا القبيل!
في نحو الساعة الثالثة صباحاً، افتعلوا حريقاً كبيراً في الدور الخامس، ثم غادروا، لأنَّ الدخان كان كثيفاً. ولنحو 20 إلى 25 دقيقة، لم يكن ثمة أي إطلاق نار، لذا قررت الخروج من تحت السرير.
عندما خرجت أدركت أنَّه في حين كنت مختبئاً أسفل أحد السريرين، أطلق المسلحون النار على السرير الآخر ثم رفعوا قاعدته الخشبية، ليروا إذا ما كان أحدهم مختبئاً هناك. قلت لنفسي: "هذه هي المرة الثانية التي أنجو فيها بحياتي اليوم".
كيف نجا الطيار اليوناني من رصاصة قناص؟
وقبل مرور وقت طويل، بدأ بعض الدخان في الدخول إلى غرفتي. كان عليّ أن أفعل شيئاً، لذا فقد خرجت إلى الشرفة. كان بإمكاني رؤية النار من الجانب الأيسر، وكانت النيران كثيفة، وأدركت أنَّها لو وصلت غرفتي فلن أنجو.
رأيت بعض أسلاك التلفاز متدلية من السقف وتتجه مباشرة إلى الأرض. مددت يدي لجذبها، لمعرفة إذا ما كانت ستتحمل وزني، وإذا ما كان بإمكاني استخدامها للنزول، لكنني في تلك اللحظة سمعت صوت طلقات مرت بجانبي مباشرة.
إحدى هذه الرصاصات مرت على بُعد نحو 20 سنتيمتراً من كتفي اليسرى، والأخرى على بُعد نصف متر مني. تركت الرصاصتان ثقبين في زجاج النافذة خلفي مباشرة.
كان ذلك -على الأرجح- أحد قناصي القوات الدولية رآني عبر كاميرات الرؤية الليلية خارجاً من الغرفة 522، وافترض أنني واحد من الأشرار. لا يخطئ القناصون أبداً من هذه المسافة، لكن في الجزء من الثانية الذي أطلقوا فيه النار كنت قد حركت جسدي للإمساك بالسلك، وهكذا أخطأتني الرصاصة.
قررت الذهاب إلى الداخل. ذهبت إلى الحمام، ببطء شديد للغاية، لكي لا أُحدث أي ضوضاء. كان معي مقص أظافر من بين أشيائي، فأخذته وعدت تحت السرير، وباستخدام المقص الصغير فتحت ثقباً في المادة البلاستيكية التي كانت تغطي الجانب التحتي من القاعدة الخشبية للسرير. كانت هناك مساحة كافية لكي أزحف داخلها.
أخذت زجاجتي مياه وبعض الحليب وقميصاً قصير الأكمام. قطعت القميص إلى قطع صغيرة ووضعت بعضها في أنفي لتنقية الدخان. ووضعت قطعة أخرى من القميص حول فمي، ووضعت الكثير من الحليب والمياه فيها، لتعمل بمثابة مرشح مزدوج، وهو شيء تعلمته من التدريب مع قسم مكافحة الحرائق في مطار أثينا الدولي.
"لن أموت هذا اليوم"
وفي اللحظة التي كنت فيها داخل السرير تقريباً، كانوا قد عادوا. دخل أحدهم وجلس على السرير الذي كنت بداخله. كان بإمكاني رؤية رِجليه، واستمر في البصق على الأرض. كان يعطي الأوامر للرجال الآخرين، ويخبرهم ماذا يفعلون، وما زلت أتذكر صوته حتى الآن.
وبعد ذلك دخل الحمام، ثم خرج إلى الشرفة وأطلق عدداً من مخازن سلاح AK-47. لم يكن باستطاعتي المخاطرة وإحداث أي ضوضاء على الإطلاق؛ لأنَّه حين توقف إطلاق النار ساد صمتٌ مطبق.
في تلك اللحظة حدّثني صوت في عقلي بأنني لن أموت هذا اليوم. كنت قد نجوت عندما لم أذهب لتناول العشاء في ميعادي المعتاد. ونجوت عندما جاء أولئك الرجال أولاً إلى غرفتي وأطلقوا النار على السرير الآخر، لا السرير الذي كنت تحته. ونجوت عندما أخطأتني رصاصات القناصة. والآن أنا مختبئ بشكل جيد.
ظننت أنَّ القوات الدولية سوف تتولى الأمر بطريقة ما، لذا فقد اعتقدت أنني لو ظللت في مكاني ولم أفعل شيئاً فسوف أكون على ما يرام.
رغم قصف الدبابات لغرف الفندق
لكن في وقت مبكر من الصباح بدأت القوات الدولية في إطلاق النار من دبابة باتجاه الغرف. ركزوا على الغرفة رقم 521 المجاورة لغرفتي، لكنهم أيضاً أطلقوا النار صوب بعض الغرف الأخرى، لأنَّ المسلحين كانوا يتحركون ويطلقون النار عليهم من أماكن أخرى أيضاً.
في كل مرة كانت البنادق الثقيلة المثبتة على الدبابة تطلق النار كان الفندق بأكمله يهتز. وقد رأيت لاحقاً الضرر الذي أحدثوه إذ استحال جميع الأثاث إلى رماد وانفتحت ثقوب في الأسقف. ومرة أخرى شعرت بأنني محظوظ؛ لأنني ما زلت على قيد الحياة.
بدأت جولة ثانية من إطلاق النار في حوالي الساعة السادسة صباحاً، خارج غرفتي مباشرة. كنت قد سمعت الرجال وهم يجمعون بعض الملابس من خزانتي، ثم أخذوا السجاجيد وصبوا الكثير من وقود الديزل عليها. وأحرقوا غرفتهم أيضاً، تلك الغرفة رقم 521.
كانت النيران قريبة منّي للغاية وعرفت أنني في هذا الدخان والحرارة الكثيفة سوف أتمكن من البقاء على قيد الحياة لنحو 15 إلى 20 دقيقة فحسب، ربما نصف ساعة بحد أقصى. كنت أتنفس من الأرضية، لأحصل على آخر كمية أكسجين من الهواء البارد الثقيل القادم إلى غرفتي من باب الشرفة المفتوح.
لم تكن رائحة الدخان تشبه الرائحة المعتادة التي تشمها من نيران الخشب أو السجاد. لم تكن رائحة جيدة. كانت رائحة أجساد بشرية محترقة.
إلى أن وصلت القوات الدولية
ولما لم يكن باستطاعتي سماع صوت أي شخص حولي، فقد قررت الخروج. لكن ما إن خرجت حتى سمعت صوت تحطم نوافذ. كان الصوت قادماً من الغرفة رقم 521، ثم بدأ الشيء ذاته في الحدوث في غرفتي وكان عليّ محاولة حماية نفسي بسرعة شديدة.
كانت القوات الدولية بالخارج تطلق نفثات من المياه المضغوطة في الغرف لإطفاء النيران، وكانت هذه هي ما حطم النوافذ. وسرعان ما خمد الحريق لكنني كنت قد أصبحت منقوعاً في مياه باردة في غرفة بلا نوافذ أو أبواب، في ليلة باردة من ليالي كابول، عندما كانت درجة الحرارة في الخارج حوالي 3 درجات مئوية تحت الصفر. وهكذا فسوف أصاب قريباً بهبوط حاد في درجة الحرارة.
في الساعة 9:25 صباحاً سمعت صوت إطلاق نار من آخر الرواق القريب من المصاعد، بدا صوت النار مختلفاً، لذا فقد خمنت أنَّ هذه لا بد أنَّها القوات الدولية. كان أحد المسلحين في الغرفة رقم 521 يرد على إطلاق النار هذا ببندقية كلاشنكوف.
كانت القوات الدولية، بين الساعة 9:30 حتى الساعة 11:15، تطلق قنابل يدوية كثيرة، وكنت أسمع هذه القنابل وهي تتدحرج على الأرض. أحياناً كانت القنابل تستقر في الغرفة 521 وأحياناً كانت تنفجر خارج الباب المفتوح لغرفتي. وما تزال لديَّ حقيبة سفر انبعجت بفعل واحدة من هذه القنابل اليدوية، وقد احتفظت بها لتكون تذكاراً.
التي سيطرت على الموقف بعد قتل آخر عنصر من مقاتلي طالبان
وبحلول الساعة 11:30 تقريباً، بدا أنَّ مسلحاً واحداً فحسب لا يزال بالقرب منّي، وهو أحد مقاتلي طالبان الذي كان موجوداً في الغرفة 521. سمعت أصوات النار التي كان يطلقها تتحول من الكلاشنكوف إلى المسدس. كانت ذخيرته قد نفدت. ثم حاول إشعال نار جديدة باستخدام موقد لحام، لكنه سرعان ما نفد منه الغاز.
كنت متحمساً للغاية ويغمرني الأدرينالين إلى درجة أنني وضعت يدي على فمي تحسباً لاستغراقي في الضحك. لكن أحد مقاتلي طالبان اختفى بعد بضع دقائق.
كنت متعباً للغاية؛ إذ كان عليّ أن أسافر بالطائرة في وقت متأخر من الليلة السابقة قبل أن يبدأ كل هذا، ثم لم أنم اليوم أو الليلة السابقين، لذا فقد كنت مستيقظاً لأكثر من 35 أو 40 ساعة.
بعد ذلك بوقت قصير بدأت في سماع ضوضاء أخرى وأشخاص يسيرون باتجاه غرفتي، لكنني لم أستطع رؤية إذا ما كانوا أشراراً أو طيبين.
وحوالي الساعة 11:40، نادى شخص ما قائلاً: "شرطة.. شرطة!" بلكنة أفغانية، لكنني قررت عدم الخروج في حالة كان واحداً من الأشرار.
ثم بعد 10 أو 20 ثانية سمعت أشخاصاً يتحدثون بلكنة إنجليزية يصرخون أيضاً: "شرطة!" وكنت سعيداً للغاية لدرجة أنني بدأت في الصراخ والخروج زحفاً من تحت السرير. كان من الصعب الخروج وكنت بالكاد أستطيع التنفس، إذ كان صدري يؤلمني كثيراً من بقائي داخل السرير، في موضع واحد لفترة طويلة.
كنت مسوداً من الدخان، لذا فلم يتمكنوا من رؤية وجهي وكان جنود الكوماندوز الأربعة يصرخون: "ابق منبطحاً.. ابق منبطحاً" بينما كانوا يصوّبون بنادقهم تجاهي. همس أحدهم: "لا بد أنَّه شبح!".
كنت متجمداً من البرد، لكنني نجحت في أن أقول: "أنا طيار من شركة طيران Kam. رجاءً، لا تطلقوا النار".
وكانت دهشتهم كبيرة عندما "رأوني على قيد الحياة"
لم يستطيعوا تصديق ما كانوا يرونه. سألوني كم ساعة بقيت هناك. قلت لهم إنني بقيت هناك الوقت بأكمله. نظروا إلى السرير وسألوني كيف تمكنت من البقاء على قيد الحياة؟
قال لي أحدهم: "حسناً، سوف آخذك إلى الأسفل، ولكن اسمع، ينبغي أن ألتقط صورة معك قبل أن نذهب"، فقلت له: إنني، أود التقاط صورة، أنا أيضاً، لأتذكر هذه اللحظة.
كنت آخر من خرج من الفندق؛ إذ كانوا قد أخذوا جميع الناجين إلى القاعدة البريطانية في كابول. ولما رأيت زميلي مايكل هناك كنت سعيداً للغاية. لم أصدق ذلك. ولم أعرف إذا ما كان عليّ أن أضحك أو أبكي.
لكن كان ثمة مشاعر مختلطة. كنا قد فقدنا الكثير من الأصدقاء، الكثير من الناس الذين اعتدنا العمل معهم، من طيارين، وموظفين تنفيذيين ومهندسين.
كانت وزارة الخارجية قد أخبرت أسرتي أنَّهم أخلوا جميع الناجين من الفندق، ولكنهم لم يجدوني، لذا فقد ظنت أسرتي أنني لم أنجُ. لا يمكنك تخيل سعادتهم عندما اتصلت بهم، بعد ذلك بثلاث أو أربع ساعات، لأخبرهم أنني على ما يرام.
لطالما كنت شخصاً إيجابياً، لكنني هذه الأيام أصبحت حتى أكثر إيجابية. أستمتع بكل لحظة من لحظات الحياة وأشعر بالامتنان بما لديَّ. الحياة هدية وينبغي لنا الاستمتاع بها إلى نهايتها.
أتعلم، عندما كنت أجلس على الشاطئ في اليونان مع الأصدقاء، كنت أسمع الناس يشتكون؛ لأنَّه بسبب الأزمة المالية التي نعاني منها، فإنهم يفتقدون بعض وسائل الراحة التي اعتادوها. أما أنا فأقول: "بالله عليكم.. تمتعوا بحياتكم وصحتكم. أنتم تأكلون السردين وتشربون مشروب الأوزو على الشاطئ. نحن أحرار، ولدينا أصدقاء جيدون حولنا ونضحك – هذا ما ينبغي للناس فعله".
لا تركز فحسب على العمل والأمور المجهدة والسيئة في حياتك. ركز بدلاً من ذلك على اللحظات الحلوة التي يمكنك عيشها وعلى أن تكون بجوار الناس الطيبين؛ لأنَّ الحياة جميلة للغاية.
أدرك حقاً، بعد ما مررت به في كابول، أنَّ الحياة جميلة للغاية. وصدقني فأنا أستمتع بكل لحظة.