ذكرت مصادر غربية وعربية وسعودية، على صلة بالديوان الملكي السعودي، أن المستشار بالديوان الملكي سعود القحطاني الذي أقيل من منصبه فيما له صلة بمقتل الصحفي جمال خاشقجي لا يزال يتمتع بنفوذ ضمن الدائرة المقربة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وكان القحطاني عُزل من منصبه كمستشار لولي العهد، الحاكم الفعلي للمملكة، في أواخر أكتوبر/تشرين الأول، بعدما ذكرت مصادر بالمخابرات في المنطقة أنه أشرف على عملية قتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، بأن أعطى الأوامر للقتلة عبر تطبيق سكايب.
سعود القحطاني لا يزال "يتصرف نيابة عن الديوان الملكي"
قال مسؤول سعودي رفيع المستوى في ذلك الحين، إن عزل سعود القحطاني مستشار محمد بن سلمان السابق "قرار سياسي… بسبب التقصير في أداء الواجب والاشتراك في تسلسل الأحداث" التي أفضت إلى واقعة القتل. بعد ذلك بأسابيع، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على القحطاني بسبب دوره.
لكن ستة مصادر قالت لرويترز إن القحطاني لا يزال يتصرف نيابة عن الديوان الملكي. وقال مصدران منهم إنه لا يزال على اتصال بولي العهد بينما قال ثلاثة آخرون إنه يواصل توجيه تعليمات لمجموعة صغيرة من الصحفيين السعوديين، بشأن ما ينبغي أن يكتبوه عن سياسات المملكة.
وعندما كان رئيساً للمركز الإعلامي الخاص بالديوان الملكي حتى إقالته، كان سعود القحطاني مسؤولاً عن وحدة إعلامية إلكترونية مكلفة بحماية صورة المملكة، وتملي النهج الرسمي بشأن قضايا مختلفة من النزاع مع قطر وصولاً إلى الأمن وحقوق الإنسان.
وتقول المصادر إن الحصانة التي يتمتع بها القحطاني على ما يبدو تثير مخاطر تقويض التعهدات السعودية بمحاسبة المسؤولين. وكان ينظر إلى القحطاني على أنه الذراع اليمنى لولي العهد.
ونفى مسؤول سعودي أن يكون القحطاني لا يزال يمارس أي دور في الديوان الملكي، وقال إنه لم يقم بأي عمل منذ عزله، ولا يزال رهن التحقيق وممنوعاً من السفر.
وأحال المسؤول رويترز إلى تصريحات المتحدث باسم النائب العام في العام الماضي، بأنه تم احتجاز 21 سعودياً فيما يتصل بقضية خاشقجي، تم توجيه الاتهام إلى 11 منهم، وأحيلوا إلى المحاكمة. ولم يتسن لرويترز الاتصال بالقحطاني منذ إقالته.
أبرز متهم في جريمة قتل جمال خاشقجي "حر ومرضيّ عنه"
قالت مصادر مطلعة في الحكومة إن سعود القحطاني كان يتحكم في الاتصال بولي العهد محمد بن سلمان ، وكثيراً ما كان يتحدث نيابة عنه قبل عزله. ولم يتم الإعلان حتى الآن عن بديل رسمي له.
وذكر خمسة من المصادر أن القحطاني واصل الظهور بشكل متكرر في الديوان الملكي، رغم أنه لم يتضح بأي صفة كان ذلك. وطلبت كل المصادر عدم الكشف عن أسمائها للموافقة على مناقشة أمور داخلية حساسة.
وقال أحد المصادر الأجنبية "لا يزال حاضراً وحراً ومرضياً عنه. ولي العهد لا يزال متمسكاً به ولا يبدو مستعداً للتضحية به".
وأفاد مصدر مطلع على مناقشات بين ولي العهد وزواره بأن الأمير محمد بن سلمان نفسه أبلغ زواراً بأن سعود القحطاني لا يزال مستشاراً، بينما أكد لهم أن بعض الصلاحيات قد سُحبت منه. ولم يخض المصدر في التفاصيل.
وذكرت ثلاثة من المصادر أن القحطاني لا يزال يملي النهج الرسمي للديوان الملكي على كتاب الأعمدة وكبار الصحفيين الذين يرى أنهم قادرون على التأثير في الرأي العام، وذلك رغم تركه مجموعة كان يديرها لهذا الغرض على واتساب.
وأوضحت المصادر الثلاثة أنه يوجه الرسائل، بدلاً من ذلك، إلى الأفراد مباشرة، متضمنة التعليمات بشأن ما ينبغي كتابته أو عدم التطرق إليه.
وقالت مصادر بالمخابرات إن مشاركة القحطاني في قتل خاشقجي شملت إصدار الأوامر عبر سكايب إلى فريق داخل القنصلية. وغذى ضلوع القحطاني في القتل تكهنات بأن ولي العهد هو من أمر به. وقال مسؤولون سعوديون إن ولي العهد لم يكن يعلم شيئاً عن الأمر.
وقال النائب العام إن القحطاني أصدر توجيهات لفريق سعودي قبل مهمة لإعادة خاشقجي إلى المملكة. ورفض مسؤولون سعوديون الكشف عما إذا كان القحطاني بين المقبوض عليهم.
بينما صدرت أوامر له بأن "يتوارى عن الأنظار مؤقتاً"
وقال مصدر مطلع على تقارير وتحليلات الوكالات الحكومية الأمريكية إنها تعتقد أن تعليمات صدرت إلى سعود القحطاني للتواري عن الأنظار لبعض الوقت، ومن المستبعد أن يتخلى عنه ولي العهد.
وذكر دبلوماسيون غربيون في الرياض أن القلق كان يساور بعض الحلفاء الغربيين، حتى قبل قتل خاشقجي، إزاء السلطات التي يتمتع بها القحطاني داخل الديوان الملكي وحثت الرياض في الخفاء على تعيين مستشارين أكثر حنكة بدلاً منه.
وتوقف القحطاني عن استخدام تويتر، وهو منصة دأب على استخدامها لمهاجمة منتقدي المملكة، في 23 أكتوبر/تشرين الأول، كما غير سيرته الذاتية في ملفه الشخصي إلى "حساب شخصي".
لكن نشطاء سعوديين يعيشون في الخارج لا يزالون يرون نفوذه على الإعلام السعودي، وفي الهجمات التي يقولون إنهم يتعرضون لها على تويتر، والتي تتهمهم بعدم الولاء لولي العهد أو بعدم الوطنية لأنهم لا يؤيدون سياساته.
وقالت الباحثة والناشطة السعودية هالة الدوسري، المقيمة في الولايات المتحدة "لم يتغير شيء. يتبنى نفس النهج على ما يبدو، نفس اللغة العدوانية، بصماته لا تزال ظاهرة عليه (الإعلام السعودي)".