أصبحت الآن المرأة السعودية التي فرَّت من أسرتها، رهف محمد القنون، تحت حماية الأمم المتحدة في تايلاند، وقد نجَت من تلك المحنة "المرعبة" بفضل آلاف رسائل الدعم الإلكترونيّة، التي ربّما أنقذت حياتها بعد أن كانت الفتاة السعودية المحتجزة في تايلاند قريبة من الترحيل، حسبما قالت إحدى صديقاتها.
وقالت نورا الحربيّ، التي تبلغ من العمر 20 عاماً، لصحيفة The Guardian البريطانية: "بالأمس، أحدَثَ الداعمون على الشبكات الاجتماعية فرقاً في حياة رهف، لقد أنقذتم حياتها بالأمس: الناس ووسائل الإعلام".
وفي حديثها صباح الثلاثاء 7 يناير/كانون الثاني 2019، قالت الحربي إن معنويات رهف ارتفعت حين رأت عدد الرسائل التي نُشرَت عنها على الإنترنت. "لقد أصابها الذهول ولم تستطع تصديق الأمر. وقالت اليوم حين اتّصلتُ بها إنها ترى آلاف الرسائل التي تدعمها، لقد كانت خائفة ومتوترة وتشعر بالكثير من الضغوط، وحين رأت تلك الرسائل أحدَثَت فرقاً حقيقيّاً بالنسبة لها".
دعم شبكات التواصل الاجتماعي أنقذ رهف من الترحيل للسعودية
قالت نورا، التي تعيش الآن في سيدني، إنها فرّت هي نفسها من المملكة العربيّة السعوديّة بعد أن عانت من سوء المعاملة من قِبَل أسرتها، وتسعى للحصول على اللجوء في أستراليا، وظلَّت على اتصال وثيق مع رهف أثناء محنتها.
وأشارت إلى حادثة دينا علي السلوم، وهي امرأة سعوديّة عمرها 24 سنة أعِيدَت قسراً في أبريل/نيسان 2017، إلى السعودية، من الفلبين، ولا يزال مصيرها مجهولاً منذ ذلك الحين. وقالت نورا "لم تحظَ دينا بهذا الدعم (على الشبكات الاجتماعيّة)، ولهذا فهي الآن في السعوديّة. لقد اختفت".
I'm not going to open the door I want UN pic.twitter.com/UTI3Dwsm3q
— Rahaf Mohammed رهف محمد القنون (@rahaf84427714) January 7, 2019
في يوم الأحد الماضي، حبَست نورا، التي تبلغ من العمر 18 عاماً، نفسَها في غرفة بأحد الفنادق في مطار سوفارنابومي الدولي، في العاصمة التايلانديّة بانكوك، للتصدي لمحاولة إعادتها بالقوّة إلى أسرتها، التي تزعم أنها ستقتلها بعد أن ارتدَّت عن الإسلام.
وبعد أن نشرت تغريدات على تويتر تشرح وضعها، اكتسب وسم أنقذوا رهف# دعماً. وطالب الداعمون أن يُسمح لها بالبقاء في تايلاند بدلاً من إعادتها إلى الكويت، وهو البلد الذي غادرت منه، وضغطوا على الحكومات لمنحها حق اللجوء.
قالت الحربي إن رهف السعودية المحتجزة في تايلاند أرادت مغادرة تايلاند بعد سماعها عن قدوم والدها إليها، ولكنها حالياً تشعر بالأمان.
وأضافت: "لقد اتصلت بي وأخبرتني أنها تلقت معاملة جيدة من العاملين في الأمم المتحدة، الذين قدموا لها الحماية، كما أن رجال الأمن يتواصلون معها باستمرار، ليطمئنوا على أحوالها. وهي تريد أن تقول للجميع إنها تريد الرحيل عن تايلاند إلى أي بلد آمن".
خاصة بعد أن ألغت أستراليا تأشيرتها السياحية
قالت الحربي إن أستراليا قد ألغت التأشيرة السياحية التي كانت رهف تسافر بها منذ البداية. وأضافت: "لا أدري ما السبب (وراء إلغائهم للتأشيرة)، إذ إنهم لا يجيبون". وحتى الآن لم تعلق الحكومة الأسترالية على هذا الادعاء.
وفي تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، قال متحدث باسم وزارة الداخلية إن "الحكومة الأسترالية تشعر بارتياح، لأن طلب رهف محمد القنون الحصول على حماية، تجري دراسته" من قبل المفوضية السامية للاجئين لدى الأمم المتحدة. وأضاف: "أي طلب من جانب القنون للحصول على تأشيرة إنسانية ستتم دراسته بعناية، بعد انتهاء إجراءات مفوضية اللاجئين".
قالت الحربي التي حثَّت الناس على الاستمرار في دعم رهف: "لقد انتصرنا بالأمس، إلا أن الأمر لم ينته عند هذا الحد. فرغم أنَّنا تمكنا من إخراجها من المطار، لا يزال علينا إخراجها من تايلاند. وعلى الأرجح سننجح في تحقيق ذلك".
قالت الحكومة الأسترالية ليلة الإثنين، إن حالة رهف محمد القنون "تبعث على القلق الشديد"، وقد ضغطت على الحكومة التايلاندية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، للسماح لها بطلب اللجوء رسمياً. وقد أجرى موظفو المفوضية مقابلة معها يوم الثلاثاء بعد لقائها في اليوم السابق.
قبل أن تتدخل مفوضية اللاجئين لحمايتها
صرَّح ممثل المفوضية في تايلاند جوزيبي دي فينسنتي في بيان له، قائلاً: "قد تستغرق معالجة القضية وتحديد الخطوات التالية عدة أيام. ونحن سعداء بشدة أن السلطات التايلاندية لم تُرحل رهف ضد إرادتها، وأنها ستواصل تقديم الحماية لها".
تعرَّضت رهف للاحتجاز عقب وصولها إلى مطار بانكوك، ومُنعت من دخول تايلاند، بينما كانت في طريقها إلى أستراليا، حيث كانت تعتزم التقدم بطلب للجوء هناك. وقد أكدت صحيفة The Guardian، أن رهف تحمل تأشيرة سياحية سارية المفعول لأستراليا، مدتها ثلاثة أشهر، في جواز سفرها السعودي.
قالت رهف السعودية المحتجزة في تايلاند إنها تعرَّضت للاختطاف بعد وصولها إلى بانكوك، وإن موظفين دبلوماسيين سعوديين صادروا جواز سفرها.
ثم طالبت بالتواصل مع المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وحبست نفسها داخل غرفتها في الفندق، خوفاً من أن تُجبَر على الصعود إلى طائرة، بعد أن جاءها مسؤولون في شركة الخطوط الجوية الكويتية، ولكن في يوم الإثنين في تمام الساعة 11:15 صباحاً غادرت الرحلة من دونها.
نفت السفارة السعودية في تايلاند، في تصريح عبر حسابها على تويتر، ما تردَّد من أنباء حول طلب الرياض لتسليمها.
كما كان لحملة التضامن على تويتر دور في الضغط على السلطات التايلاندية
وقد صرَّح الجنرال سوراتشاتي هاكبارن، قائد شرطة الهجرة التايلاندية، في وقت سابق، أن رهف ستُرحَّل إلى المملكة العربية السعودية؛ لأن وضعها "غير آمن"، في ظل غياب وصي عليها في تايلاند، كما قال إنها لا تحمل الوثائق التي تمكنها من الذهاب إلى أستراليا.
إلا أنه عاد في وقت متأخر من يوم الإثنين ليتعهَّد بعدم ترحيل الفتاة السعودية المحتجزة في تايلاند ، كما وافق على استشارة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. وقد أكد مؤخراً أنها نُقلت إلى مكان آمن، لتُنهي فيه إتمام طلب اللجوء الخاص بها.
وصرَّح سوراتشاتي لوسائل إعلام قائلاً: "إذا أُعيدت إلى بلادها فستكون في خطر، لذا فإن تايلاند مستعدة لتقديم المساعدة". وأضاف: "نتعاون مع وزارة الشؤون الخارجية والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وسنسمح لها اليوم بدخول تايلاند. وحالياً تعتني المفوضية بها وتعمل على إتمام طلب اللجوء الخاص بها".
قال سوراتشاتي إن والد رهف كان من المفترض أن يصل إلى بانكوك، ليلة الإثنين، وكان من المقرر أن يحدد المسؤولون ما إن كانت تريد العودة إلى الشرق الأوسط معه أم لا. وقد صرَّح لمراسلين صحافيين "أنها حتى الآن ترفض العودة، ونحن لن نجبرها على ذلك. هي لن تذهب إلى أي مكان الليلة".
وأضاف أن "تايلاند هي أرض البهجة. وإننا لن نرسل أي شخص للموت". أكدت رهف عبر حسابها على موقع تويتر أنها تحت حماية المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وأن جواز سفرها قد أُعيد إليها.
وتدخَّلت أستراليا لدراسة ملف لجوء السعودية المحتجزة في تايلاند
صرَّحت وزارة الخارجية الأسترالية أنها تراقب قضية السعودية المحتجزية في تايلاند عن كثب. وقال المتحدث الرسمي باسمها، مساء الإثنين، إن "التصريحات التي صدرت عن رهف باحتمال تعرضها للأذى في حال عودتها إلى السعودية تُثير لدينا قلقاً بالغاً".
وأضاف أن "السفارة الأسترالية في تايلاند أرسلت خطاباً لكل من الحكومة التايلاندية، ومكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في بانكوك، طلبت فيه تأكيدات على إمكانية خضوع رهف لعملية تحديد وضع اللاجئ، وفق إجراءات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في تايلاند".
قالت رهف السعودية المحتجزة في تايلاند في مقطع فيديو نشرته على شبكات التواصل الاجتماعي من داخل المطار، إنها حاولت الهروب من عائلتها، بسبب تعرُّضها لإيذاء جسدي ونفسي. وناشدت الدول الأوروبية والولايات المتحدة وكندا وأستراليا المساعدة.
أثارت قضية رهف اهتماماً دولياً بالمصاعب التي تواجه النساء في المملكة العربية السعودية، في الوقت الذي تواجه فيه نقداً مكثفاً بشأن مقتل الصحافي جمال خاشقجي، الذي جدَّد الانتقادات المتعلقة بسجلها في مجال حقوق الإنسان.