أقوى الدبابات لم تعد في مأمن.. الجيش الأميركي يعجز عن سد الثغرة الخطيرة لديه، ويستعين بالأنظمة الإسرائيلية

عربي بوست
تم النشر: 2019/01/02 الساعة 12:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/01/02 الساعة 12:45 بتوقيت غرينتش
دبابة M1A2 SEP الأمريكية، إحدى أقوى الدبابات في العالم (وكالات)

قالت صحيفة The Wall Street Journal الأميركية إن فئة متقدمة من الأسلحة عالية القدرة على اختراق الدبابات في ساحات المعارك أغرقت الشرق الأوسط مؤخراً، وباتت تهدد أكثر الدبابات القتالية تطوُّراً.

وأشارت الصحيفة إلى أن ذلك بات يسلِّط الضوء على إحدى الثغرات في الاستعداد العسكري الأميركي.

وأضافت أن المرة الأولى التي طُوِّرَ فيها هذا النوع من الأسلحة -الصواريخ المُوجَّهة المضادة للدبابات- كانت منذ عقود، ولكن السنوات الأخيرة شهدت تقدماً في تكنولوجيتها، سهولة الاستخدام وإمكانية توفّرها في ساحة المعركة، مما يجعلها خطراً مخيفاً على القوات الأميركية قلَّما يُعتَرَف به.

ويعود هذا النوع من الأسلحة، إلى حدٍّ كبير، إلى جهود الدول القوية مثل الولايات المتحدة وروسيا وإيران لتسليح وتدريب مقاتليها بالوكالة، بطرقٍ تشمل تزويدهم بالصواريخ المضادة للدبابات إلى جانب أسلحة أخرى.

إذ قدَّم برنامج أميركي بدأ في منتصف عام 2013 أسلحةً تشمل الصواريخ المضادة للدبابات لقوات المعارضة التي تقاتل نظام الأسد في سوريا. وألغى الرئيس ترامب هذا البرنامج في وقتٍ لاحق، وقال في مقابلة مع صحيفة The Wall Street Journal الأميركية، أُجرِيَت معه عام 2017، إن هذا البرنامج أدَّى إلى وقوع الأسلحة في أيدي تنظيم القاعدة.

أسلحة واشنطن باتت ضدها

وقال عمر العمراني، المُحلِّل العسكري البارز في مركز ستراتفور للبحوث الاستخباراتية والدفاعية ومقره مدينة أوستن بولاية تكساس الأميركية: "إن احتمال أن تواجه الولايات المتحدة بعض الصواريخ المضادة للدبابات نفسها التي سلمتها في الماضي الى الشرق الاوسط، قائم بلا شك"، وأضاف أن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والتنظيمات المتفرعة من تنظيم القاعدة، من بين تنظيمات أخرى، تمتلك الآن صواريخ أميركية الصنع.

ويمتلك هؤلاء وبعض الجهات الفاعلة الأخرى غير النظامية في الشرق الأوسط أيضاً صواريخ مضادة للدبابات -بعضها قائم على تصميمات أميركية- تصنع في بلغاريا والصين وفرنسا وإيران وروسيا، وفقاً لمُحلِّلين يتابعون انتشار الأسلحة.

وبخلاف القذائف الصاروخية التقليدية، التي يبلغ مداها بضع مئات من الياردات ولا يمكن توجيهها، تُطلق الصواريخ الحديثة المضادة للدبابات عادة من مسافة كيلومترين تقريباً أو أكثر، وتُوجه إلى الهدف باستخدام أجهزة تحكم تشبه تلك المُستخدمة في ألعاب الفيديو.

بأيدي داعش وطالبان وحزب الله وغيرها

وقال جون غوردون، المُحلِّل في مؤسسة راند للتحليلات والأبحاث العسكرية: "يمكن للصواريخ الحديثة المضادة للدبابات اختراق لوح من الصلب المبرد لمسافة 1000 ملم أو أكثر"، وأضاف أنه لا يوجد شيءٌ في ساحة المعركة بمأمنٍ عن سلاحٍ قادر على اختراق 30 سم من الدروع، مضيفاً: "توجد هذه الأسلحة الآن في أيدي جماعات مثل داعش وطالبان وحزب الله، وأعداد متزايدة من القوات العسكرية غير النظامية".

وتُطوِّر الجيوش الدبابات والمركبات المُدرَّعة الأخرى باستمرار في محاولة لمواكبة تلك التهديدات، لكن أحدث الصواريخ المصنّعة تفوق قدرة معظم الدروع. ولا تُشكِّل الصواريخ تهديداً للدبابات فحسب؛ إذ تشير الوثائق إلى أن بعض المقاتلين يستخدمونها ضد أهداف أخرى.

ويعمل الجيش الآن على تسريع برنامج لتزويد المركبات القتالية بدروع متطورة مصممة لمواجهة تهديد الصواريخ المضادة للدبابات. وفي الوقت الذي أمر فيه ترامب بسحب القوات الأميركية من سوريا، يوجد حالياً أكثر من ألفيّ جندي أميركي هناك، بالإضافة إلى ما يقدّر بنحو 5 آلاف جندي في العراق و14 ألف جندي في أفغانستان وآخرين في أنحاء الشرق الأوسط وإفريقيا.

إسرائيل تطوِّر من دفاعاتها

يقول التقرير، إن إسرائيل أصبحت رائدةً على مستوى العالم في ابتكار وسائل الحماية ضد هذه الأسلحة، بعد أن واجهت تهديداتٍ من انتشار الصواريخ لأكثر من عقدٍ من الزمان. كانت القوات الأميركية تقاتل خلال تلك الفترة الأعداء الذين عُرِفوا باستخدام العبوات الناسفة يدوية الصنع والألغام والقذائف الصاروخية بصورةٍ أكثر شيوعاً من الصواريخ.

وقال الكولونيل غلين دين، مدير أحد المشروعات في لواء الفريق القتالي Stryker في الجيش الأميركي: "يعيش الإسرائيليون في بيئةٍ يواجهون فيها تهديداً مباشراً يدفعهم لتطوير أسلحتهم. ومعظم الوقت الذي قضيناه في العراق وأفغانستان، لم نكن نشعر بقلقٍ بالغ إزاء الصواريخ المضادة للدبابات".

وأخذت شركتان إسرائيليتان زمام المبادرة في تطوير ومعالجة ما يُعرَف باسم الحماية النشطة أو الدرع النشطة، وهي ليست درعاً في حقيقتها على الإطلاق. ولكنها عبارة عن نظام عالي التقنية يستخدم أجهزة استشعار للكشف عن الصواريخ القادمة ومهاجمتها، ما يؤدي إلى تدمير الصاروخ المهدِّد أثناء طيرانه.

وفي عام 2009، بعد أن أحرز الإسرائيليون تقدماً في هذه التكنولوجيا، أوقفت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) العمل على برنامج عسكري بمليارات الدولارات يُعرف باسم "نظم المستقبل القتالية"، والذي كان يضم دروعاً نشطة.

وقد عمل الجيش الأميركي على هذه التكنولوجيا منذ الخمسينيات من القرن الماضي، ولكنه في نهاية المطاف أصبح يعتمد في المقام الأول على أحد أنظمة الدروع الإسرائيلية في مركباته القتالية من الطراز الأول، وأبطأ من وتيرة العمل على تطوير التكنولوجيا المحلية.

الجيش الأميركي يعتمد على الأنظمة الإسرائيلية

وقال الكولونيل دين: "عندما توقف النشاط المستقبلي، فإنك تعود للاعتماد على الاستثمارات الحالية المتاحة لديك، ولم يكن ذلك الاستثمار الحالي جيداً".

وقال العمراني من مركز ستراتفور: "لا يعني ذلك أن الحاجة إلى ذلك النظام ليست كبيرة، ولكن تطوير هذا النظام وإضافته إلى أسطولٍ هائل من المركبات أمرٌ مُكلِّف، ولم يستمر العمل على تطوير تلك التكنولوجيا".

ويلقي بعض مسؤولي الجيش والمُحلِّلين العسكريين باللوم في برامج المُدرَّعات المتعثِّرة جزئياً على نظام البيانات المعقد في الجيش الأميركي، الذي قال رئيس أركان الجيش الحالي، الجنرال مارك ميلي، إنه يريد تبسيطه.

وفي عام 2014، أطلق الجيش برنامجاً لتسريع تطوير أنظمة المُدرَّعات لمجموعة متنوعة من المركبات. وقال واين بوتلر، المدير المساعد لمشروع Ground Vehicle Survivability الذي أطلقه الجيش، إن البرنامج يُحقِّق الآن نتائج، جزئياً من خلال معرفة سبب عدم تحقيق البرامج السابقة للنتائج المرجوة.

وبينما تعمل قوات الحروب البرية على التوصل إلى حل محلياً، يواصل الجيش الأميركي الاعتماد على الأنظمة التجارية، خاصة من الشركات الإسرائيلية، لسد احتياجاته من نُظم الحماية النشطة.

في وقتٍ سابق من العام الماضي، ألغت قوات الحروب البرية طلباً من شركة مقرها الولايات المتحدة لتسليح مركبة Stryker القتالية، متذرِّعة بضعف الأداء في الاختبارات.

تحميل المزيد