في أحد أحياء العاصمة الإيرانية طهران يمتلك سافارين البالغ من العمر 50 عاماً متجراً لبيع الذهب منذ 20 عاماً. هاجر الكثير من أقارب سافارين خارج إيران ولكنه فضّل البقاء.
سافارين مسيحي أرمنى إيراني، يقول لـ"عربي بوست": "ولدت في إيران ولا أعرف بلداً غيرها، ولا أريد الهجرة، أحب حياتي هنا".
إيرانيون مسيحيون يرفضون الهجرة .. نحن شركاؤهم في الإمبراطورية الفارسية
قد تندهش عندما تعلم أن إيران ذات الحكم الإسلامي الشيعي يعيش على أرضها حوالي 160 ألف مسيحي أغلبهم من الأرمن وعدد ضئيل من الآشوريين.
كما يوجد 600 كنيسة في مختلف أنحاء الجمهورية الاسلامية.
يرجع وجود الأرمنيين في إيران إلى عدة قرون، حيث كانوا جزءاً من إيران خلال العهد القاجاري.
يصف سافارين الأرمن الإيرانيين بأنهم جزء من الإمبراطورية الفارسية منذ القدم، ويقول: "يصفنا البعض بأننا أقلية نسبة إلى عددنا، ولكننا جزء كبير من هذه البلاد".
رغم أن الدين الإسلامي الشيعي الاثني عشري هو الدين الرسمي في إيران، إلا أن الدستور الإيراني يعترف بالمسيحية، واليهودية والزرادشتية كأقليات دينية لها مطلق الحرية في إقامة شعائرهم الدينية والمعابد الدينية.
وبالرغم من أن الخمور ولحوم الخنزير محرمة شرعاً وممنوعة قانوناً في إيران، إلا أن القانون يسمح للمسيحيين بتناول الخمور ولحم الخنزير في أعيادهم.
في ذلك الوقت من العام وحتى يوم 7 يناير/كانون الثاني القادم تجد في أغلب الأحياء في إيران مظاهر الاحتفال بعيد الميلاد.
وتحرص أغلب المتاجر الإيرانية على وضع بابا نويل على أبوابها، لمشاركة مسيحيي إيران الاحتفال بأعيادهم.
العام الماضي، شاركت بلدية طهران المسيحيين في الاحتفال بعيد الميلاد، وقامت بتزيين الأحياء كاملة، وتعليق صور السيدة مريم العذراء.
"أنا سعيد لأني مسيحي أعيش في إيران"
في العام الماضي اختار اتحاد كرة القدم الإيراني لاعب خط الوسط الأرمني "أندريانك تيموريان" ليصبح قائداً للمنتخب الوطني الإيراني.
وفي أول مقابلة صحافية له عقب توليه قيادة المنتخب صرح قائلاً: "أنا سعيد لأني مسيحي أعيش في إيران، وألعب ضمن فريق مسلم".
اهتم الرئيس الإيراني حسن روحاني منذ توليه رئاسة البلاد فى عام 2013 بالأقليات الدينية.
وعين مساعداً له يعاونه في إدارة شؤون الأقليات الدينية، وكانت تلك هي المرة الأولى التي يتم فيها استحداث مثل هذا المنصب.
وفى عهده أيضاً تم السماح للمسيحيين الأرمن لأول مرة باحياء ذكرى الإبادة الجماعية فى أرمينيا أمام السفارة التركية في طهران.
تعتبر سارة (مسيحية أرمنية)، تلك الخطوة بأنها عززت الثقة لدى الأرمن تجاه حكومتهم: "سعدنا بهذا القرار، وشعرنا بأن الحكومة الإيرانية تحاول أن تحسن أحوال الأقليات بكل الطرق".
الكنائس مسموحة لكن الصلوات ممنوعة باللغة الفارسية
ورغم أن السلطات الإيرانية تحظر إقامة الشعائر المسيحية باللغة الفارسية، إلا أنها سمحت بإقامة مدارس الأحد المسيحية، وتم السماح ببناء عدد جديد من الكنائس خاصة في مدينة شيراز.
تقول سارة لـ"عربي بوست"، إنه لدى الطائفة الأرمنية في إيران العديد من النوادي الخاصة بها، والتى تقام بها احتفالات عيد الميلاد وجميع المناسبات الأخرى.
تم تأسيس أول ناد أرمني في إيران عام 1944، ويعتبر واحداً من أكبر النوادي في البلاد.
تخوف السلطات من خروج البعض عن الإسلام يؤجج التوتر
في المقابل، لا تخلو الأجواء من بعض التوترات بين الفينة والأخرى، ففي مطلع شهر ديسمبر/كانون الأول 2018 اعتقلت السلطات نحو 114 شخصاً تحولوا من الإسلام إلى المسيحية.
غالباً ما يجتمع هؤلاء في المنازل للاحتفال بالأعياد المسيحية فيما بات يعرف بـ "الكنائس المنزلية"، لذا جرت العادة أن تعتقل السلطات بعضاً منهم في هذا الشهر لتخويفهم، وفق ما قال باباك طاغفائي لصحيفة "Daily Star".
باباك اعتقل من قبل السلطات مطلع هذا الشهر، ثم التمس اللجوء في مالطا. وقال إنه التقى بنحو 150 مسيحياً داخل السجن.
لكن الكثيرين منهم متمسكون بالجذور ولن يغادروها
لكن سارة، البالغة من العمر 36 عاماً، لا تريد الهجرة ولا ترك إيران مثلما فعل العديد من الأرمن.
تقول: "لا أستطيع ترك أي شيء هنا والذهاب بعيداً، جدي كان من ضمن المتطوعين في الجيش الإيراني أثناء الحرب العراقية الإيرانية. لقد حارب الأرمن مع المسلمين من أجل تلك البلاد، فلا يمكن أن نتركها الآن".