قال موقع Lobe Log الأميركي إن وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان يتحول بسرعة إلى شخص منبوذ بين قادة العالم. وحتى مع استمرار الحكومة التي تديرها أسرته في ضخ ملايين البراميل من النفط، فإنَّ أسهمه تنخفض بسرعة. خاصة بعدما صوَّت مجلس الشيوخ الأميركي على سحب الدعم الأميركي للحرب الوحشية التي تشنها السعودية والإمارات في اليمن. ثُمَّ صوَّت المجلس بعدها على الفور لصالح إدانة محمد بن سلمان بقتل الصحافي جمال خاشقجي.
جاء ذلك في مقالة نشرها موقع Lobe Log الأميركي لكل من سانجيف بيري وهو مسؤول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية سابقاً، وميشيل ديكسون نائبة المدير العام لمنظمة Win Without War المناوئة للحروب، قالا فيها إنه بالنسبة للناشطين في مجال المناخ المُتلهِّفين لخوض معركةٍ استراتيجية جديدة، فإنَّ العلامة التجارية الفاشلة للحكومة المَلَكية السعودية النفطية هي هدية نادرة وفريدة.
وأضافت المقالة: "إذ كان النظام الملكي السعودي يتمتع لفترة طويلة جداً بالحرية السياسية لاستثمار أرباحه النفطية الهائلة في اقتصادات العالم الغربي. فإن الوقت مناسبٌ الآن للناشطين في مجال المناخ لمنح محمد بن سلمان، بل والثروة النفطية السعودية نفسها، وضعية نبذ لا يجرؤ رأسمالي غربي على الاقتراب منها".
حصانة اقتصاد النفط العالمي
ولسنوات ركَّز نشطاء المناخ جهودهم في اتجاهات مهمة أخرى. تراوحت هذه الاتجاهات بين الرؤى المتبصرة مثل اتفاق باريس للمناخ، والمبادرات الضرورية لمنع المصادر الجديدة للوقود الأحفوري، مثل الحملات ضد عمليات التكسير الهيدروليكي الأميركية لاستخراج النفط الصخري وخط أنابيب كيستون إكس إل.
ولم يكن منتجو النفط مثل السعودية وروسيا يتمتعون بشعبية بين المجتمعات الغربية، لكنَّ صادراتهم من الطاقة كانت تُعتَبر حقيقة جيوسياسية أساسية. وبطبيعة الحال، تتصدَّر الولايات المتحدة الآن قائمة منتجي النفط هؤلاء.
وبحسب المقالة، فإن من العوامل الرئيسية في حصانة اقتصاد النفط العالمي الحرية التي يتمتع بها منتجو النفط في إعادة استثمار أرباح الوقود الأحفوري في قطاعات اقتصادية جديدة. والسعودية مثال فريد لنظام حكم شمولي تملك فيه عائلة حاكمة شعباً وبلداً والنفط الذي يتدفق أسفل كليهما.
وتعمل شركات وادي السيليكون الرئيسية الآن كعمليات غسيل أموال لأرباح النفط السعودية التي تساعد على دفع الكوكب إلى الهاوية. فاستثمر صندوق الثروة السيادي في السعودية المليارات في شركة أوبر، بل واشترى أسهم شركة تسلا.
السعودية باتت هدفاً سهلاً للحملة المُناخية
ومن خلال شركة Softbank اليابانية، استثمرت السعودية أكثر في شركات وادي السيليكون الأخرى، بما في ذلك شركتا Slack وWeWork. لم يكن إيلون ماسك على سبيل المثال ليُموِّل شركة تسلا علناً بأموال من شركة Exxon Mobil، لكنَّه والعديد من المديرين الآخرين كانوا على استعدادٍ تام للنظر في الحصول على المليارات من الثروة النفطية السعودية.
وفي حين تتنافس السعودية مع روسيا والولايات المتحدة على المركز الأول في قائمة الدول المنتجة للوقود الأحفوري، جعلت المملكة نفسها هدفاً سهلاً للحملة المناخية باغتيالها الصحافي السعودي جمال خاشقجي الذي يتصدَّر عناوين الصحف، وحرب المجاعة التي تشنّها على الشعب اليمني.
نتيجة لذلك، فإنَّ الكثير من الشركات التي أخذت أموال النفط السعودية أصبحت الآن عُرضة لتكبُّد تكاليف باهظة من سُمعتها بسبب قراراتها المالية. لكنَّ هذه الشركات لم تواجه حتى الآن أي ضغط متواصل من شأنه أن يُشوِّه علاماتها التجارية ويخيف المستثمرين.
وبشن الحملة المناسبة، يمكن أن تبدأ الحصانة الاقتصادية للسعودية في التآكل. ليس هذا فحسب، بل يمكن أيضاً تسليط الضوء على الموقف المُفلِس أخلاقياً للكثير من الدول الرئيسية المنتجة للنفط. فوفقاً لوكالة Associated Press الإخبارية، عملت إدارة ترامب في نهاية الأسبوع الماضي مع روسيا و السعودية والكويت لمنع الموافقة على دراسة نقدية حول ظاهرة الاحتباس الحراري في قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة. ولا توجد حالياً أي عواقب حقيقية لمثل هذه الأفعال. ويمكن للحملة التي تبدأ بالتركيز على السعودية أن تمتد في النهاية لتستهدف أرباح النفط في كل الدول الكبرى، بما في فيها الولايات المتحدة.
الشركات الممولة سعودياً عرضة للهجوم
وقال موقع Lobe Log الأميركي إنه في ظل المناخ الحالي قد لا يرغب الكثير من المديرين التنفيذيين في المخاطرة بأن يكونوا هدفاً لحملة تُعرِّف شركاتهم بأنَّها "شركات وقود أحفوري" تُموِّلها حكومة مَلَكية نفطية. والشركات الأميركية التي تتلقى تمويلاً سعودياً عُرضة للهجوم بشكل خاص.
فشركة WeWork، على سبيل المثال، هي شركة عالمية لمشاركة وتأجير المكاتب ومساحات العمل، يمكن بسهولة لمستأجري مكاتبها من أصحاب المشروعات الحرة أن يختاروا من بين المنافسين الآخرين للشركة. وقد نجت شركة أوبر بالكاد من موجات الأضرار التي لحقت بسُمعتها بسبب ثقافة عملها المعادية المرأة. ولا تستطيع شركة تسلا، وهي رمز للاقتصاد الجديد في مرحلة ما بعد النفط، أن تتحمَّل تكاليف النظر إليها باعتبارها مملوكة جزئياً من أموال النفط السعودية.
لقد دفعت الحركة الناجحة لسحب الاستثمارات من الوقود الأحفوري العديد من المؤسسات العامة والخاصة بالفعل إلى التخلي عن استثماراتها في الصناعات التي تؤدي إلى تغيُّر المناخ. والآن، وحان الوقت لإجبار الشركات الغربية على التخلي عن أرباح الوقود الأحفوري التي يستثمرها صندوق الثروة السيادي السعودي فيها.
وختم Lobe Log الأميركي المقالة بالقول: "لا أحد يعرف كم سيستمر الموقف السياسي الحالي، لكنَّ شروخاً عميقة في تحالفات الحكومة المَلَكية السعودية بدأت تظهر، وهذا خبرٌ سار لأنصار مكافحة التغيُّر المناخي".