لا يزال يمارس عمله بشكل اعتيادي، ويؤدي كل مهامه القديمة، ولكن بشكل غير معلن، وبعيداً عن أعين الكاميرات.. تلك هي آخر أخبار سعود القحطاني، المستشار السابق في الديوان الملكي السعودي، الذي يدير عمله من قلب فيلا خاصة بحي السفارات في شمال غرب الرياض.
الرجل حرٌّ طليق، بخلاف ما أعلنت عنه النيابة العامة السعودية، التي أكدت أنّه قيد الاحتجاز والتحقيق، في محاولة منها لصرف أنظار الرأي العام العالمي عن قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي.
وأكدت مصادر متطابقة لـ "عربي بوست" أنّ القحطاني لا يزال هو الذراع اليمنى لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بحكم ارتباط الاثنين بصداقة طويلة منذ الطفولة، فعلى الرغم من أنَّ الرجل أعفي بشكل علني من منصبه كمستشار بالديوان الملكي، فإنّ الرجل سراً لا يزال بمثابة الناصح الأمين والأب الروحي والصديق المخلص لمحمد بن سلمان.
يدير عمله من قلب فيلا خاصة بالحي الدبلوماسي
من خلف الستار لا يزال يمارس عمله نظرً لحساسية الوضع الحالي المحيط بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي يمر بأسوأ أيامه منذ وصوله لمنصب ولي العهد على الصعيد الدولي.
فعبر مجموعة سرية صغيرة، ومن قلب فيلا خاصة في الحي الدبلوماسي (أو حي السفارات) شمال غرب الرياض، يتواصل القحطاني في إدارة ملف مكافحة الإرهاب، وما يتعلق بملفات المعارضين السعوديين.
وفي هذا الخصوص أكد رجل الأعمال الكندي من أصل سعودي، آلان بندر، في تصريحات خاصة لـ "عربي بوست" أنَّ القحطاني لا يزال يتمتع بجميع امتيازاته، ويمارس وظيفته المعتادة سراً من فيلته الخاصة، كما أنَّ تحت تصرفه "أكثر من مبنى يتنقل ويتحرك بها لتنفيذ أعماله ومهامه الخاصة".
وأشار بندر إلى أنَّ القحطاني يسعى بشكل كبير إلى عدم الظهور بشكل علني مع محمد بن سلمان، ويحرص على عدم الاجتماع الشخصي والمباشر به حتى لا يلفت الأنظار، منوهاً إلى أنَّ الطرفين يتواصلان فيما بينهما من خلال خط آمن، لضمان عدم اعتراض الاتصالات من قبل أي من الجهات الأمنية أو الاستخبارية الخارجية.
وأشار بندر إلى أنَّ الطرفين على تواصل يومي، مشدداً على أنَّ القحطاني لا يزال يتمتع بجميع امتيازاته، ولديه 4 مرافقين، وحراس شخصيون يقدمون تقاريرهم مباشرة إلى محمد بن سلمان.
سافر لأبوظبي سراً
وأضاف آلان: "سعود القحطاني يدير وظيفته سراً بأوامر من ولي العهد محمد بن سلمان، وقام بهذا الصدد برحلة خاصة إلى أبوظبي قبل بضعة أيام لعقد اجتماع عاجل، وعاد إلى الرياض بشكل هادئ بعد الاجتماع".
وأشار إلى أنَّ اللقاء عُقد داخل مبنى أمن الدولة في أبوظبي، وبتنسيق مع مستشار ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد لشؤون الإعلام والثقافة خلف المزروعي، وذلك لبحث آخر التطورات المتعلقة والمرتبطة بقضية وتبعاتها على المستوى المحلي والدولي.
مهامه في الأمن السيبراني والمركز الإعلامي مستمرة
وأكدت مصادر خاصة لـ "عربي بوست"، أنَّ القحطاني يدير خلية عمل متكاملة عبر هيئة الأمن السيبراني ومركز "اعتدال"، فهو يعتبر بمثابة حلقة الوصل والمحرك الأساسي لهاتين الجهتين مع ولي العهد، فهو المسؤول الأول عن المركز والهيئة ويعمل على إدارتهما بشكل مباشر.
وقد عين القحطاني بهذا الصدد واجهة ونائباً له، ليقوم بالمهام نيابة عنه في إدارة ما يسمى "الذباب الإلكتروني"، ويُدعى حمد المديني، لكن في حقيقة الأمر فإنّ القحطاني هو من يدير الأمر من خلف الكواليس.
كما أنَّ القحطاني لا يزال يمارس مهمته مستشاراً في الديوان الملكي السعودي، ويدير مركز الدراسات والشؤون الإعلامية بالديوان الملكي، إضافة إلى إدارة الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة، الذي يهدف إلى تعزيز حماية الشبكات وأنظمة تقنية المعلومات وأنظمة التقنيات التشغيلية ومكوناتها، من أجهزة وبرمجيات للسعودية، وحماية مصالحها الحيوية وأمنها الوطني والبنى التحتية الحساسة في المملكة.
كما أنَّ القحطاني يدير خلية عمل متكاملة، ويشرف عليها بغرض التجسس على كل من المعارضين والمشاهير، وكل يعارض السياسة السعودية على المستوى الداخلي والخارج.
القحطاني بمثابة الظل الذي يلاحق محمد بن سلمان
وأوضح مصدر خاص، رفض الكشف عن اسمه لـ "عربي بوست"، أنَّ القحطاني لا يزال الذراع اليمنى لولي العهد السعودي، رغم تصاعد الضغوطات عليه في الفترة الأخيرة.
ويشدد المصدر نفسه على أنَّ محمد بن سلمان لا يمكنه الاستغناء عن خدمات القحطاني، نظراً لأنّه كان يرافقه في كثير من الملفات المهمة التي تخص السعودية، كالحرب على اليمن، وحصار قطر، وما يتعلق بسجناء ومعتقلي الرأي، إضافة إلى الملف السوري الذي سحب مؤخراً من السعودية.
ومن هنا فإنّ القحطاني يعدّ الحارس الأمين المؤتمن على مصلحة ومستقبل محمد بن سلمان، فالاثنان تربطهما صداقة قوية وحميمة، حتى بعد الإعلان الرسمي عن إنهاء خدماته، لكن القحطاني يبقى بمثابة الظل الذي يرافق ويلاحق محمد بن سلمان، حتى آخر رمق طيلة فترة حياته وحكمه السياسي، وكأنّ مصيره وروحه باتا معلقين به.
كما يعدّ القحطاني أحد أبرز المستشارين المهمين، وأحد الأذرع المهمة التي يعتمد عليها محمد بن سلمان، جنباً إلى جنب مع بدر العساكر وتركي الشيخ وأحمد عسيري، وكل هؤلاء شخصيات مهمة يعتمد عليها ولي العهد السعودي في تسيير حكمه، ولضمان مستقبله السياسي، فإنّه لا يستطيع الاستغناء عنهم، نظراً لأنّهم رافقوه منذ بدايات تسلمه واعتلائه للحكم في السعودية.
وبالتالي فإنّه تظل قضية إبعاد القحطاني وعسيري عن المشهد السياسي قضية صورية لا أكثر، أمام الملأ، في محاولة لتضليل الرأي العام وإقناعه بأنّ محمد بن سلمان بريء من دم الصحافي السعودي جمال خاشقجي براءة الذئب من دم يوسف.