قال النائب العام السعودي، الخميس 25 أكتوبر/تشرين الأول 2018، إنَّ دليلاً جديداً يشير إلى أنَّ مقتل جمال خاشقجي كان "متعمداً"، في إشارة إلى تغيُّر آخر في الرواية الرسمية للمملكة عن طريقة قتل خاشقجي. وهي الرواية التي تزامنت مع زيارة مديرة الاستخبارات المركزية الأميركية إلى تركيا.
وحسب تقرير لصحيفة The New York Times الأميركية، فعلى الأغلب سيثير هذا التغيير الأخير المزيد من الشكوك في تفسير المملكة لحادث مقتل جمال خاشقجي .
وكانت الرواية السعودية أثارت بالفعل شكاً واسع النطاق بالفعل، على الأخص من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي وصف الرواية السعودية بأنَّها "واحدة من أسوأ عمليات التستر في التاريخ".
تحوُّل الروايات السعودية لحادث مقتل جمال خاشقجي "يورطها"
تزامن هذا التحول في الرواية السعودية لحادث مقتل جمال خاشقجي مع زيارة أجرتها جينا هاسبل، مديرة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ، لتركيا، وقال المسؤولون الأتراك إنَّ هاسبل كان من المتوقع أن يُسمح لها بالاطلاع على تسجيلات صوتية وأدلة أخرى، قال الأتراك إنَّها تبرهن على أنَّ خاشقجي اغتيل عمداً، بأوامر من مستويات عليا في العائلة الملكية السعودية.
ونشرت صحيفة Sabah التركية الموالية للحكومة، الأربعاء 24 أكتوبر/تشرين الأول 2018، تقارير تفيد بأنَّ المسؤولين الأتراك شاركوا الأدلة بالفعل مع مديرة الاستخبارات المركزية الأميركية ، وكان من بينها تسجيلات صوتية.
يُشير توقيت الإعلان الأخير إلى أنَّ السعوديين قد يكونون يسعون إلى مراجعة تفسيرهم السابق المعلن، قبل أن تتسلم واشنطن وتحلل أدلة من شأنها أن تُبطل تلك الرواية.
ستزيد المراجعة الجديدة بشأن مقتل جمال خاشقجي الضغط الذي يمارسه مشرعون من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الكونغرس على إدارة ترمب، لفرض عقوبات على الحكومة السعودية، التي يترأسها بالفعل الحليف المقرب من البيت الأبيض ولي العهد محمد بن سلمان.
لكن، لماذا لم تكشف الاستخبارات التركية من قبلُ عن أدلتها لواشنطن؟
قال حليفان سياسيان مقربان من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إنَّه لم يرغب بالأيام الماضية في مشاركة معلومات استخباراتية سرية حول جريمة القتل مع البيت الأبيض؛ لأنَّه كان يخشى أنَّ إدارة ترمب قد تسعى لمساعدة السعودية في التستر على عملية القتل، ربما بمشاركة المعلومات مع الأمير محمد.
وأوضح حليفا الرئيس التركي المقربان، أنَّه في حين لا يثق أردوغان ومسؤولو الاستخبارات التركية بالبيت الأبيض، فهم يؤمنون بأنَّ شركاءهم، لفترة طويلة، في الاستخبارات الأميركية سيتمتعون باستقلالية وحيادية.
قال ثاد تروي، وهو مسؤول تنفيذي كبير بشركة الاستخبارات التجارية Crumpton Group، عمل في السابق ضابطاً كبيراً بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ويتمتع بخبرة في الشأن التركي، إنَّ الأتراك ربما يكونون مترددين في تسليم الأدلة لإدارة ترمب؛ "خوفاً مما قد تفعله الإدارة" بالأدلة.
وأضاف: "لذلك على الأغلب، طلب الأتراك من مديرة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية القدوم (إلى تركيا)، والاطلاع على ما لديهم هناك".
قبل أن تستقبل مديرة الاستخبارات المركزية الأميركية
وتتحدث هاسبل، مديرة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية اللغة التركية، وعملت سابقاً مسؤولة رفيعة المستوى بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في تركيا، حيث تتعاون الوكالة على نحو وثيق مع الاستخبارات التركية.
قال بروس ريدل، المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، الذي يعمل الآن باحثاً لدى معهد بروكينغز، إنَّ مديرة وكالة الاستخبارات لم تكن لتقوم بهذه الرحلة إلا إذا كانت تعرف أنَّها ستَطَّلع على أدلة بخصوص مقتل جمال خاشقجي .
وقال: "لم تكن لتذهب إلا إذا كانت سترى وتسمع ما لدى الأتراك، أو على الأقل جزءاً منه.. لقد وضع أردوغان الكرة في ملعبها. إنَّه يدير الأمر على طريقة القط والفأر".
بدا وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، في حديثه مع المراسلين بأنقرة الخميس 25 أكتوبر/تشرين الأول 2018، وكأنَّه يؤكد أنَّ الأتراك شاركوا الأدلة مع مديرة الاستخبارات المركزية الأميركية .
وقال: "شاركنا المعلومات والأدلة في إطار القانون" مع "من أرادوا الحصول على معلومات مُفصلة".