منح البرلمان العراقي الثقة لـ14 وزيراً في الحكومة التي عرضها رئيس الوزراء المستقل عادل عبدالمهدي، فيما لا تزال هناك خلافات حول مناصب مهمة، بينها وزارتا الداخلية والدفاع.
وبعد 5 أشهر على الانتخابات التشريعية التي انبثق عنها برلمان مشتت، كان على عبدالمهدي تشكيل حكومة قبل بداية تشرين الثاني/نوفمبر.
وفي نظام يهدف إلى تجنب أي عودة للحزب الوحيد، ما زال التحدي الرئيسي لعبدالمهدي (76 عاماً) الذي كان في الماضي وزيراً للنفط، تأمين مكان في حكومته للقوى البرلمانية العديدة التي تطالب كلها تقريباً بمقاعد فيها.
وتمكّن عبدالمهدي، الذي يعد من الشخصيات التوافقية النادرة في البلاد ويتعرض لضغوط الولايات المتحدة وإيران، البلدين المتعاديين، من أداء القسم ليل الأربعاء الخميس بعد موافقة 220 نائباً حضروا الجلسة المسائية على أسماء 14 وزيراً، بينهم وزراء الخارجية والمالية والنفط.
ويضم البرلمان العراقي 329 عضواً.
التصويت المقبل في 6 نوفمبر
لم يقدم عادل عبدالمهدي سوى جزءٍ من تشكيلة حكومته؛ لأنه واجه معارضة عددٍ من أعضاء البرلمان لبعض مرشحيه، خصوصاً حقيبتي الداخلية والدفاع الأساسيتين في بلد يخرج من حرب استمرت 3 سنوات ضد الجهاديين.
لكنه تمكّن من الحصول على الموافقة على برنامجه الحكومي في تصويت برفع الأيدي.
ويفترض أن يتم التصويت على منح الثقة للحقائب الوزارية الأخرى في البرلمان في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر.
تحديات هائلة تواجهها الحكومة الجديدة
وتواجه الحكومة التحدي الهائل الذي تمثله إعادة إعمار بلد دمرته معارك استمرت 3 سنوات لطرد تنظيم الدولة الإسلامية من مناطق في شمال وغرب البلاد.
كما سيكون على الحكومة العراقية الجديدة معالجة آثار الاحتجاجات التي تصاعدت وشهدت أعمال عنف في بعض الأحيان -في بلد يعد يحتل المركز الـ12 بين الدول الأكثر فساداً في العالم- للمطالبة بالخدمات العامة بينها معالجة البطالة والكهرباء، والتي أدت لتعرض ما لا يقل عن 100 ألف شخص لحالات تسمم في محافظة البصرة النفطية في جنوب البلاد.
وفي ظل ارتفاع الميزانية مع تصاعد أسعار النفط الذي يعد المورد الرئيسي للبلاد، سيكون على الحكومة مواصلة المفاوضات الجارية مع شركة "جنرال إليكتريك" الأميركية، بدعم من إدارة ترمب، وشركة "سيمنز" الألمانية لإعادة شبكة الكهرباء التي تعاني نقصاً حاداً في الطاقة.
واختار عبدالمهدي لحقيبة الكهرباء لؤي الخطيب، الباحث المعروف في مجال الطاقة، بينما سيتولى ثامر الغضبان وزارة النفط، المنصب الذي شغله بين 2004 و2005.
كما اختار عبدالمهدي لوزارة الخارجية محمد علي الحكيم، السفير السابق للعراق في الأمم المتحدة ويعمل في وكالة الأمم المتحدة للتنمية.
المهمة الشاقة التي يستعد لها عبدالمهدي
سيواجه عبدالمهدي المهمة الشاقة المتمثلة في تهدئة العلاقات مع إقليم كردستان العراق الذي صوَّت قبل عام على الانفصال. ودانت بغداد والأسرة الدولية هذا الاستفتاء الذي أدى إلى سلسلة من التدابير الانتقامية التي ترتدي طابعاً اقتصادياً خصوصاً من قبل بغداد.
وعهد بحقيبة المالية إلى فؤاد حسن الذي كان مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني لمنصب رئيس الجمهورية والمقرب من زعيم حزبه مسعود بارزاني مهندس الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان عن باقي مناطق العراق.
ويمثل تولي حسن المنصب مؤشراً إيجابياً لإقليم كردستان الذي يعيش أزمة اقتصادية حادة بسبب التوتر بين بغداد وإربيل وخلافات حول الميزانية المخصصة للإقليم الذي يعيش حكماً ذاتياً منذ عام 1990.
وتواجه الحكومة أيضاً مهمة مواصلة الجهود لتأمين استقرار الأوضاع الأمنية في المناطق التي استعادتها القوات العراقية من الجهاديين الذين لا يزالون يشنون هجمات متكررة.
وتمثل عودة الاستقرار الأمني أمراً أساسياً لنحو 1,9 مليون عراقي ما زالوا يعيشون في مخيمات النازحين ولم يتمكنوا من العودة إلى مناطقهم، سواء خوفاً من هجمات الجهاديين أم بسبب الدمار الذي أصاب منازلهم.