نشرت وسائل إعلام تركية، الإثنين 22 أكتوبر/تشرين الأول 2018، معلومات جديدة قالت إن تثبت تورط وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان في قتل الصحافي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، وذلك قبل قيام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بكشف "الحقيقة كاملة" عن القضية، بحسب ما أعلن الأحد.
4 مكالمات مع مدير مكتب وليّ العهد
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن صحيفة "يني شفق" التركية اليومية الموالية للحكومة أن المسؤول الأمني السعودي ماهر عبدالعزيز مطرب، المشتبه بأنه قائد العملية، اتصل ببدر العساكر رئيس مكتب الأمير محمد "4 مرات بعد الجريمة".
وقال أحد عناوين الصحيفة إن "الدائرة تضيق حول وليّ العهد". ولم يتمكن "عربي بوست" من التأكد من مصدر آخر.
وكانت قناة الجزيرة نقلت عن مصدر في الادعاء العام التركي، أن ماهر مطرب، العقيد بالاستخبارات السعودية أجرى يوم مقتل جمال خاشقجي 19 اتصالاً، منها 4 بمكتب سكرتير محمد بن سلمان.
وقدّم الصحافي عبدالقادر سيلفي، الذي يتم رصد مقالاته في صحيفة حرييت اليومية كونه مقرباً من السلطات، ما قال إنه تفاصيل جديدة، مؤكداً أن على الأمير محمد تحمّل المسؤولية.
وأضاف سيلفي أن خاشقجي تعرَّض للخنق من قِبل فرقة اغتيال سعودية في عملية استغرقت نحو 8 دقائق. ثم قام ضابط برتبة مقدم في قسم الطب الشرعي السعودي بتقطيع الجثة إلى 15 قطعة أثناء الاستماع إلى الموسيقى.
وخلال الأسابيع الماضية، أوردت وسائل إعلام تركية ومسؤولون يتحدثون إلى وسائل إعلام دولية أن تسجيلات صوتية تثبت أن خاشقجي تعرّض للتعذيب قبل قطع رأسه رغم عدم ظهور أدلة ملموسة على ذلك.
وفي واشنطن، قال السيناتور الجمهوري بوب كوركر لشبكة "CNN" أمس الأحد: "نعم، أعتقد أنه فعل ذلك"، رداً على سؤال عما إذا كان يعتقد أن الأمير محمد يقف وراء قتل خاشقجي.
وأضاف كوركر الذي يرأس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ أنه إذا كان الأمير متورّطًا فإنه "ينبغي أن يكون هناك ردّ جماعي".
ولم يصل أردوغان إلى حد توجيه أصابع الاتهام مباشرة إلى الرياض، إذ قال محللون إنه فضّل تسريب معلومات تفيد بتورُّط السلطات السعودية إلى وسائل الإعلام المؤيدة لحكومته للضغط على المملكة.
وأجرى أردوغان مرتين محادثة هاتفية مع الملك سلمان بشأن الأزمة، ما دفع بعض المحللين للقول إن أردوغان يسعى للحفاظ على العلاقات التركية السعودية من خلال العاهل السعودي بينما يهمّش وليّ عهده.
وفجر السبت، أكدت الرياض، للمرة الأولى، أن الصحافي خاشقجي قُتل داخل قنصليتها في إسطنبول إثر "شجار".
وقالت النيابة السعودية إن المناقشات مع خاشقجي "لم تَسِر بالشكل المطلوب وتطوّرت بشكل سلبي أدى إلى حدوث شجار واشتباك بالأيدي بين بعضهم وبين المواطن جمال خاشقجي، وتفاقم الأمر ما أدى إلى وفاته".
وبالتزامن مع الإعلان، أمر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز بإعفاء نائب رئيس الاستخبارات العامة أحمد العسيري ومسؤولين آخرين في جهاز الاستخبارات، بالإضافة إلى المستشار في الديوان الملكي برتبة وزير سعود القحطاني، من مناصبهم، فيما ذكرت الرياض أنها أوقفت 18 سعودياً على ذمة القضية.
الجبير: الذين قاموا بذلك (قتل خاشقجي) قاموا به خارج إطار صلاحياتهم
وفي مقابلة مع شبكة فوكس نيوز الأميركية من الرياض، أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن "الأفراد الذين قاموا بذلك (قتل خاشقجي) قاموا به خارج إطار صلاحياتهم. تم ارتكاب خطأ جسيم ازداد جسامة عبر محاولة إخفائه".
وأضاف أن الملك سلمان "مُصمم على الانتهاء من هذا التحقيق، ومصمم على تأكيد الحقائق، ومصمم على محاسبة المسؤولين، ومصمم على وضع سياسات وإجراءات في الأجهزة الأمنية لمنع تكرار ما حدث مرة أخرى".
ودافع الجبير عن الأمير محمد أيضاً، إذ شدّد على أن ولي العهد السعودي لم يأمر بهذه العملية، رغم التقارير التي تربط بعض المشتبه بهم بأعضاء من الحرس الأمني لوليّ العهد.
واعتبرت بريطانيا وفرنسا وألمانيا في بيان أن هناك "حاجة مُلحّة" لتوضيح ما حدث بالضبط للصحافي السعودي، وأن الرواية السعودية "يجب أن تكون مدعومة بالوقائع كي تُعتبر ذات مصداقية".
وبعد أكثر من أسبوعين من الصمت، اعترفت السعودية ليل السبت الأحد بأن خاشقجي قتل داخل قنصليتها في إسطنبول، لكن رواية المملكة ينظر إليها، حتى من قبل حلفائها، على أنها متناقضة وغير مرضية.
وقد سلطت القضية الضوء على وليّ العهد الأمير محمد، الذي يقود حملة إصلاح في المملكة، لكنه يواجه الآن سلسلة اتهامات بأنه أمر بقتل كاتب الرأي في صحيفة "واشنطن بوست"، وهو ما تنفيه الرياض بشدة.
وتراجع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي يقاوم الضغوط لوقف مبيعات الأسلحة إلى السعودية، عن تصريحه بأن رواية الرياض عن الواقعة "جديرة بالثقة"، ليعود ويشير الأحد إلى "أكاذيب" في روايات الرياض حول قضية خاشقجي.