فخر صناعة السلاح الإيرانية صيني!.. كيف خدعت طهران تجار الأسلحة وباعت لهم أشهر منظار حراري

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/12 الساعة 21:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/12 الساعة 21:42 بتوقيت غرينتش

كشف موقع  The Daily Beast الأميركي تفاصيل خدعة قامت بها إيران لبيع منظار حراري للقناصة على أنه صنع في طهران، ولكن الجهاز ظهر أنه صنع في الصين.

ووصف الموقع الأميركي المنظار الحراري قائلاً "هو منظار حراري للقناصة يسمح لمستخدمه برؤية ضحيته في عتمة الليل، وليكن في علمك عزيزي القارئ أنَّ الجيش الإيراني فخورٌ أيما بفخر بهذا المنظار. ويعامل RU60G ذو الثمن الباهظ معاملة الملوك في وسائل الإعلام الموالية للحكومة الإيرانية، ويظهر في الأفلام الوثائقية الدعائية، هذا بالإضافة إلى التقاط كبار المسؤولين صور السيلفي معه، حيث يُروَّج له باعتباره إنجازاً بصرياً وطنياً عظيماً.

وأضاف الموقع الأميركي، رغم أنَّ طهران يمكن أنَّ تكون قد أقنعتك، عزيزي القارئ، أنَّ هذا المنظار محلي الصنع بشكل خالص، فالحقيقة أنَّها تلقت مساعدة بسيطة من الخارج لتصنيعه. ولا تحتاج إلا إلى التجول بدقة في أروقة مستندات السجلات التجارية، وسجلات استضافة مواقع الإنترنت والصور الملتقطة من السوق السوداء لبيع السلاح في الشرق الأوسط، وإذا ما تتبَّعت خيط تصنيع المنظار الحراري الإيراني ستجد أنَّ طرفه الأول يبدأ من الحرب في سوريا وصولاً إلى غرفة زهيدة الثمن في نُزل في بكين بالطرف الآخر، حيث يقيم رئيس مجلس إدارة أكبر مقاولي السلاح العاملين مع إيران، والمسجلة باسم شركة صورية للاستثمار في صناعة البصريات الصينية.

أين ظهر المنظار

وبحسب الموقع الأميركي، ظهر منظار RU60G في بادئ الأمر، وإخوته RU90G/RU120G، لأول مرة عام 2013، خلال المعرض الدولي لمعدات السلامة والأمان الشرطية في طهران. ووسط معروضات للمعدات التكتيكية المصنوعة على طراز SWAT، احتفت وسائل الإعلام الإيرانية بمنظار الرؤية الحرارية للقناصة RU60G، وعُرضت نسخة أكبر للرؤية من العائلة نفسها تعتلي بندقية القنص من طراز AM50. ويساعد هذا المنظار، على حد زعم إحدى وسائل الإعلام الإيرانية المتوددة إلى السلطة، الجنود في استهداف المسلحين في الأراضي الوعرة في إقليمي سيستان وبلوشستان في إيران، في جبال المنطقة الإيرانية من كردستان، وهما منطقتان يحارب فيهما الحرس الثوري الإيراني لقمع حركات التمرد الكردية القومية والإسلامية، بحسب الموقع الأميركي.

ويسمح الجهاز لمن يستخدمه برؤية أهدافه في وضح النهار وعتمة الليل، وفي ظل معظم الظروف المناخية. كما يسمح للقناص بالرؤية من خلال معظم أنواع الستائر الدخانية، وأن يحدد موقع الأهداف المتنكرة، بل إنَّه حتى يُقرر ما إذا كانت المركبة محركها يعمل أم لا. باختصار، إنَّه يُضاعف بقدرٍ كبيرٍ قدرة مستخدمه على تحديد موقع الهدف في أرض المعركة.

وبعد عامين من تنظيم المعرض لأول مرة، بدأت مناظير القنص الحراري في الظهور على الساحة، ولكن ليس في الأراضي الإيرانية، وإنَّما في أسواق السلاح السوداء الموجودة على شبكات التواصل الاجتماعي، التي يُديرها مسلحون في العراق وسوريا واليمن، وهي ثلاث دول تَدعَم إيران فيها جماعات مسلحة وتزودها بالعتاد. وقد ألقت السلطات التركية بالفعل القبض على مسلحين أكراد يستخدمون RU60G، فيما يُعد إشارة على أنَّ السلاح الذي تنتجه إيران بدأ يؤجج صراعات أخرى، ليست إيران طرفاً فيها، بحسب الموقع الأميركي.

تجارة السلاح المنتعشة

يدير المسلحون في سوريا والعراق تجارة منتعشة في الأسلحة والمتفجرات والمعدات العسكرية، عبر قنوات تطبيق تليغرام، ومجموعات على تطبيق "واتساب" وصفحات الفيسبوك، حيث تحظى المعدات البصرية بشعبية خاصة. وتعمل هذه الأسواق عمل المصافة، إذ تتجمع فيها بقايا الأسلحة المقدمة للفصائل المختلفة في النزاعات الموجودة في المنطقة. وسواء وصلت هذه المناظير إلى يد تجار السلاح في السوق السوداء عن طريق اغتنامها من مقاتلين لقوا حتفهم في ساحة المعركة، أو بيعت لهم بطريقة فاسدة أو ببساطة وصلت إلى أيديهم نتيجةً للإهمال -لا يزال هذا الأمر غير واضح بالتحديد- فإنَّ الأسلحة من قبيل منظار RU60G بدأت تُباع بأسعار تصل إلى 5 آلاف دولار للقطعة.

وبحسب الموقع الأميركي، سرعان ما تباهى مسلحون على صلة بتنظيم القاعدة في سوريا، بما غنموه من مناظير RU60G، مثبتة على بنادق القنص الإيرانية من طراز AM50، في حين نشر مسلحو ميليشيات تدعمها إيران في العراق صوراً لأنفسهم وهم يحملون بنادق قنص مزودة بهذه المناظير. وشاع استخدام مناظير الرؤية الليلية والمناظير الحرارية في أوساط الجماعات الإسلامية المسلحة في سوريا، حيث نشر المسلحون أحياناً مقاطع فيديو دعائية صوَّروها من خلال عدسات هذه المناظير. وتُظهر مقاطع الفيديو قناصة بعيدين للغاية عن أهدافهم، في انتظار أن ينكشف رأس الضحية أو جذعها، والتي تظهر في هيئة نقاط بيضاء عبر المناظير الحرارية، لقنص قوات الأعداء وقتلهم.

كيف كشفت القصة؟

وبحسب الموقع الأميركي طوال هذا الوقت وإيران، تخبر العالم بأنَّ منظار RU60G منتجٌ محلي صنعته شركة الدفاع الإيرانية رايان رشد أفزار، وهي شركة، وفقاً لما ورد في العقوبات الأميركية، تدعم برامج الطائرات دون طيار والبرامج القتالية للحرس الثوري الإسلامي، كما تنتج الشركة أيضاً برمجيات للمساعدة في مراقبة شبكات  التواصل الاجتماعي في إيران.

غير أنَّ سجلات تسجيل الشركات الصينية تكشف حكايةً أخرى. ففي عام 2013، سجل رئيس مجلس إدارة رايان رشد، محسن بارساجام، شركة تحمل اسم Outstanding Beijing Technology Developing Company Globally Ltd. ومقرها غرفة 1724 في الطابق الرابع عشر لفندق في بكين. ولم تكشف مستندات التسجيل عن أي نشاط للشركة حتى عام 2015، وهو العام الذي بدأت فيه سلسلة مناظير RU في الظهور خارج الصين. وفي شهر أبريل/نيسان من العام ذاته، استحوذت شركة بارساجام على حصة في شركة Sanhe Haobang Optoelectronic Equipment Co، وهي شركة صينية تديرها المواطنة الصينية إميلي ليو، بحسب الموقع الأميركي.

سجلت شركة Sanhe مواقع إلكترونية لشركة Raybeam Optronics ومجموعة أخرى من الشركات. وبدأت شركة Raybeam تسوّق على موقع علي بابا الصيني، المتخصص في التجارة الإلكترونية، لمعدات عسكرية بصرية من مصنعها، بما في ذلك سلسلةٌ من المناظير مطابقة لـRU60G وRU90G/120G، التي أعيدت تسميتها لتصبح RB60G وRB90/120G، وتعهدت بأنَّ بإمكانها التوسع في إنتاجها ليصل إلى 600 منظار شهرياً.

لم ترد ليو ولا شركة Raybeam على طلبات للتعليق من موقع The Daily Beast.

تظهر قوائم العارضين والموقع الإلكتروني لـRaybeam أنَّه في عامي 2016 و2017، جابت الشركة أنحاء العالم لتعرض منتجاتها على العملاء الدوليين في معارض السلاح في موسكو وبكين وكازاخستان ودبي في الإمارات العربية المتحدة. وبعد ما يقرب من عامين، بعد أن عرضت Raybeam منتجاتها في دبي، بات المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران يَظهرون في الصور وهم يحملون أسلحة مزوَّدة بمنظار القنص من الطراز RU60G، وهم يواجهون الحرب الشرسة التي شنَّها ضدَّها تحالفٌ يضم الإمارات والسعودية، بحسب الموقع الأميركي.

استفاد القناصةُ في اليمن من البنادق المضادة للأعتدة المصممة لاختراق الدروع وضرب معدات العدو، فضلاً عن استفادتهم من نسخ من بنادق القنص SVD روسية الصنع.

المشكلات تلاحق ليو

وبحسب الموقع الأميركي، في يونيو/حزيران من عام 2017، بدأت المشكلات تلاحق ليو بسبب علاقتها بإيران. فقد فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على ليو وشركة Raybeam، وحفنة أخرى من الشركات ذات الصلة بها. ووصف قرار فرض العقوبات ليو بأنَّها "وكيل شراء يعيش في الصين سعى إلى بيع مكونات إلكترونية مصنوعة أميركياً وكندياً وأوروبياً، نيابة عن [شركة شيراز للإلكترونيات الإيرانية]".

لم يأت بند العقوبات الخاص ليو على ذكر المناظير الحرارية أو رايان رشد، ولكن في إعلان العقوبات نفسه ذكرت وزارة الخزانة الأميركية فرض العقوبات على رايان رشد وبارساجام. وذكر البيان الصادر عن الوزارة أنَّ بارساجام "حصل على مجموعة من العناصر التي يمكن استخدامها عسكرياً من الصين نيابةً عن رايان رشد".

لا يزال من غير الواضح مقدار ما صنع من RU60G داخل الصين في منشآت Raybeam، غير أنَّ المنتجات القابلة للتتبع من مجموعة شركات ليو قد ظهرت خارج الصين. وعثر The Daily Beast على مجموعة من الإعلانات في أسواق السلاح التابعة للمعارضة السورية على تطبيق تليغرام تروج لبيع RU60G أو مكوناته.

ويُظهر عرضٌ للعلامات الموجودة على بطاريات الليثيوم الموجودة في المنظار في أسواق السلاح السورية على شبكات التواصل الاجتماعي، أنَّ جميعها يحمل علامة رايان رشد. غير أنَّ إحدى البطاريات كانت تحمل علامة منتجات Raytronics Co. Ltd. وأدرجت وزارة الخزانة الأميركية حين فرضت عقوبات على مجموعة شركات إميلي ليو الشركة المذكورة، باعتبارها شركةً تحت إدارة ليو و"استخدمت لدعم أنشطة الانتشار الخاصة بها". وتصف العلامات أيضاً البطارية بأنَّها من "سلسلة RU60″، وتجنَّبت استخدام علامة Raybeam المعدلة تعديلاً طفيفاً "RB60G" وبدلاً من ذلك استخدمت علامة ريان رشد للمنظار، بحسب الموقع الأميركي.

هل ما زالت تعمل مع إيران

وبحسب الموقع الأميركي، من غير الواضح ما إذا كانت Raybeam لا تزال تعمل مع إيران. غير أنَّ الشركة لا تزال تعمل بصورة بالغة النشاط في المجمل. وتظهر سجلات الشركات أنَّ Raybeam لا تزال تعرض منتجات للبيع، بما في ذلك العدسات التي تستخدم الأشعة تحت الحمراء، والتي تستخدم في عائلة RU للمناظير. ولا يزال من الممكن شراء المناظير الكاملة، التي تعرف أيضاً بمنتجات الصيد، من موردين في الصين، ولا تزال الشركة تقدم طلبات الحصول على براءة اختراع لتقنيات جديدة. وفي شهر أكتوبر/تشرين الأول، من المقرر أيضاً أن تشارك Raybeam في معرض Interpolitex Means of State Security لعام 2018، الذي سيقام في موسكو، حسب ما تُظهره قائمة المشاركين في المعرض.

علامات:
تحميل المزيد