كشفت هيئات فلسطينية، الثلاثاء 24 سبتمبر/أيلول 2024، عن شهادات جديدة لمعتقلي غزة في سجن النقب الصحراوي، مشيرة إلى أن مصلحة السجون التابعة للاحتلال الإسرائيلي، حوّلت مرض الجرب (السكايبوس)، إلى أداة تعذيب جسدي ونفسي للأسرى.
وتضمنت شهادات المعتقلين الثمانية، تفاصيل عن جرائم التعذيب، والتنكيل، والاعتداءات المرعبة التي تعرضوا لها، تحديدا في الفترة الأولى من اعتقالهم، وذلك قبل نقلهم إلى سجن (النقب).
في التفاصيل، فإن جميع المعتقلين يتعرضون لظروف صعبة ومأساوية تعجز اللغة بحسب وصفهم عن نقل حقيقة ما يجري بحقهم بشكل لحظي داخل السجن.
حيث أشار المعتقلون إلى تفشي مرض (الجرب) داخل سجن النقب، وأصبح أداة من أدوات التعذيب والتنكيل.
بحسب المعطيات المتوفرة فإن هناك حوالي 1200 معتقل من غزة في سجن النقب، موزعين على ثمانية أقسام، كل قسم يضم "150" معتقلا.
اقرأ أيضاً
شهادة صادمة من أحد المعتقلين
المعتقل (س.د) (37 عاما) والذي اعتقل في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أوضح أنه تعرض للاعتقال خلال نزوحه من الشمال إلى الجنوب.
وأشار إلى أنه تعرض للضرب المبرح، والذي تركز على المناطق الحساسة، مضيفا: "تعمدوا سحبي من شعر جسدي بطريقة مؤذية ومذلّة، وأنا مقيد ومعصوب العينين، وبعد نقلي إلى أحد المعسكرات في غلاف غزة إلى جانب العديد من المعتقلين، كنا نتعرض لعمليات تعذيب على مدار الساعة".
وتابع: "ربطني أحد السجانين لمدة ثمانية أيام من الخلف، وتعرضت للضرب على ظهري حتى نزل الدم من جسدي، هذا فضلا عن الإهانات وعمليات الإذلال الممنهجة بكل الطرائق والأساليب".
كما نوه إلى أن المعتقلين بالمرحلة الأولى كانوا يضطرون إلى قضاء حاجتهم في ملابسهم، "وكنا نواجه العطش والجوع، ففي تلك المرحلة كان الطعام عبارة عن ثلاث قطع من الخبز، وجميع المعتقلين في المرحلة الأولى أصيبوا بكسور وجروح بالغة، ولم نتلقَّ أي علاج".
ويضيف المعتقل (س.د): "بقيت لثمانية أشهر وأنا أرتدي الملابس نفسها، كما حُرمنا من الاستحمام لمدة 18 يوما، وفعليا كان الهدف من الضرب في المرحلة الأولى، إعدامنا، والتسبب في عاهات مستدامة لنا، ومع ذلك ما زلنا نتعرض لظروف اعتقال قاسية جدا، فنحن محتجزون في قسم الخيام، وجميعنا نعاني أمراضا وكسورا وتحديداً الأمراض الجلدية، التي تفشّت بيننا نتيجة انعدام النظافة، والظروف الصحية داخل السجن".
اقرأ أيضاً
"نعاني من انتشار الدمامل بأجسادنا"
وأوضح: "أنا وأغلبية المعتقلين نعاني انتشار الحبوب ودمامل في أنحاء الجسد كافة، التي سببت لنا التهابات حادة، وما فاقم انتشارها الفرشات الإسفنجية، وهي فرشات دون غطاء، وتحتك أجسادنا بها مع قلة النظافة، ما أدى إلى مفاقمة معاناتنا من الحكة الشديدة والالتهابات".
بحسب شهادته، فإن بالقسم المحتجز فيه اليوم 150 معتقلا، يستخدمون حماما واحدا، والأغطية لا يتم غسلها مطلقاً.
أما "في فترات الحر الشديد انتشرت الثعابين والحشرات، ومنذ شهر شباط لم يتم تغيير أوعية الطعام، التي تحولت إلى مصدر أساسي لانتشار الأمراض، كما واجهنا مجاعة حقيقية، فقد تم حرماننا من الطعام، اليوم فقط، ما تم إضافته هو حمام للـ150 معتقلا، يتم تحديد ساعات محددة لاستخدامه، من الساعة الثامنة صباحا وحتى الواحدة ظهرا".
أما المعتقل (ف.ي) (35 عاما)، الذي اعتُقل في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أكد أن أغلبية المعتقلين يعانون انتشار الدمامل في أجسادهم، والتهابات شديدة نتيجة للحكة الشديدة التي يعانونها على مدار اللحظة، ويواجهون كل ذلك دون أدنى نوع من أنواع العلاج.
"الحمامات التي نستخدمها يخرج منها الديدان"
وتابع: "لا تزال ظروف الاعتقال قاسية جدا وصعبة، مع انعدام النظافة، فالحمامات التي نستخدمها يخرج منها الديدان، ومنذ اعتقالنا لم نحصل على مقص للأظافر، فنضطر إلى برد أظافرنا بالحائط، حيث إن انعدام النظافة حوّل القسم إلى مكان موبوء"، وهذا ما أكده بقية المعتقلين الذين تمت زيارتهم.
كما أفاد ثلاثة معتقلين آخرين جرى اعتقال اثنين منهم من مدارس كانت تضم نازحين، وآخر تم اعتقاله برفقة العشرات من مستشفى الشفاء، "بأن جنود الاحتلال تعمدوا تجريدهم من ملابسهم بعد اعتقالهم، والاعتداء عليهم بالضرب المبرح قبل نقلهم إلى أحد المعسكرات في غلاف غزة".
بحسب إفادة المعتقلين، فإنهم "تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب والإهانات والسحل والشد من الشعر والحرمان من استخدام المرحاض".
ومنذ نقلهم إلى سجن النقب بعد عدة تنقلات تعرضوا لها، فإن جميع المعتقلين بحسب وصفهم ينامون وهم "جوعى، ويشعرون بالرد"، فضلا عن مرض الجرب الذي تحوّل إلى شكل من أشكال التعذيب الجسدي والنفسي.
هيئة الأسرى ونادي الأسير، أكدتا أنه بعد مرور نحو عام على حرب الإبادة المستمرة بحق الشعب الفلسطيني، فإن الاحتلال يواصل استخدام كل السياسات الممكنة والأدوات في سبيل تعذيب المعتقلين في سجونه ومعسكراته، التي تحوّلت إلى ساحة لعمليات التعذيب، والتي تتم بشكل لحظي.
كما أشارا إلى أن "ما يجري بحق المعتقلين يشكل اليوم وجهاً من أوجه حرب الإبادة، وهذا ما تعكسه شهادات المعتقلين المروعة والقاسية التي لا تتوقف، بل إن عامل الزمن ومرور المزيد من الوقت على المعتقلين في ظل هذه الجرائم، يضاعف التهديدات التي تمس مصيرهم، إذ تعمل منظومة السجون على ابتكار المزيد من الأدوات لسلبهم إنسانيتهم".
وجددا مطالبتهما للمنظومة الحقوقية الدولية باستعادة دورها اللازم، ووضع حد لحالة العجز أمام جرائم الاحتلال الممنهجة، في ضوء حرب الإبادة المستمرة، وكذلك الجرائم التي تنفذ بحق المعتقلين، وتقديم قادة الاحتلال إلى المحاكم الدولية لمحاسبتهم.