قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، الإثنين 1 يوليو/تموز 2024، إن أثرياء فرنسا يعكفون على وضع خطط طوارئ تحسباً لفوز اليمين المتطرف وتشكيل حكومة يمينية أو يسارية بعد جولة الانتخابات الحالية، بسبب قلقهم من احتمال زيادة الضرائب، واحتمال إعادة فرض ضريبة الثروة المثيرة للانقسام.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن عدد من المحامين ومستشاري الضرائب ومديري الثروات قولهم إنهم تلقوا سيلاً من الاستفسارات – بما في ذلك استفسارات حول الانتقال المؤقت إلى إيطاليا وسويسرا وإسبانيا – قبل الانتخابات المبكرة التي عُقدت الجولة الأولى منها الأحد 30 يونيو/حزيران 2024.
وأظهرت النتائج الأولية للدورة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية تقدم اليمين المتطرف بقيادة حزب "التجمع الوطني" بـ33.2% من الأصوات على تحالف اليسار "الجبهة الشعبية الجديدة" الذي يضم "الحزب الاشتراكي" و"الحزب الشيوعي" و"الخضر" و"فرنسا الأبية" بـ 28.1%، مقابل تراجع كبير لمعسكر الرئيس إيمانويل ماكرون.
وكان حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان وتحالف الجبهة الشعبية الجديدة قد وعدا بالتخلي عن مبادئ ماكرون الصديقة للأعمال وخفض الضرائب.
وقال جريجوري سودجوكدجيان، المؤسس المشارك لشركة ريتوريس فاينانس، وهي شركة استشارات الثروة في باريس: "لم أتلق هذا العدد من المكالمات منذ بداية مسيرتي المهنية. يطرح عملاؤنا المتميزون على أنفسهم الكثير من الأسئلة… والأمر الصعب هو الإجابة عليها بالتفصيل."
وأضاف: "السؤال الذي نطرحه في أغلب الأحيان هو ما إذا كانت الأموال آمنة في فرنسا".
زيادة الضرائب
وقال سودجوكجيان ومستشارون آخرون إن الأفراد يدرسون ما إذا كان ينبغي لهم الاحتفاظ بعقود التأمين على الحياة في حالة حدوث اضطرابات شديدة في السوق إذا أسفرت الانتخابات عن برلمان لا يحظى فيه أي طرف بأغلبية مطلقة.
ويوفر التأمين على الحياة، وهو المنتج الادخاري الأكثر شعبية في فرنسا، مزايا ضريبية بعد ثماني سنوات، ولكن يمكن سحب الأموال قبل ذلك أو عند الوفاة.
وقال المستشارون إن بعض حاملي مثل هذه الاستثمارات يشعرون بالقلق من أن القوانين في فرنسا قد تسمح للدولة بتجميد عمليات السحب في حالة الأزمات.
وقالت فايننشال تايمز إنه إذا فاز اليمين المتطرف أو كتلة الجبهة الشعبية الجديدة اليسارية في الجولة الثانية من الانتخابات المقررة في السابع من يوليو/تموز، فيمكنهما تشكيل حكومة وتقاسم السلطة مع ماكرون كرئيس.
وقد قدم كل منهما وعوداً سخية بالإنفاق، كما يعتزم اليسار زيادة الضرائب بشكل كبير.
وبينما سعى حزب لوبان إلى طمأنة قطاع الأعمال، مشيراً إلى أنه سيضع قواعد العجز الأوروبية في الاعتبار، إلا أن برنامجه الاقتصادي لا يزال يفتقر إلى التفاصيل، بحسب فايننشال تايمز.
الانتقال إلى دول أوروبية أخرى
كما أن الشغل الشاغل لأثرياء فرنسا الآن ينصب على برنامج تحالف الجبهة الشعبية الجديدة، في ظل أجندة راديكالية للضرائب والإنفاق مستوحاة بشكل كبير من حزب فرنسا الأبية اليساري المتطرف.
وقال فنسنت لازيمي، الشريك في شركة جانتيه للمحاماة في باريس: "من وجهة النظر الاقتصادية والضريبية، يشعر الناس بقلق بالغ بشأن التحالف اليساري لأن برنامجهم الضريبي عدواني للغاية".
وأضاف لازيمي: "يشعر الناس بالقلق بشأن ضريبة الثروة، ونهاية الضريبة الثابتة واحتمال فرض ضرائب أعلى على الرواتب، فضلاً عن المناخ العام غير المؤيد للأعمال التجارية".
وقال مستشارون آخرون نقلت عنهم فايننشال تايمز إن بعض الأفراد الأثرياء بدأوا في استكشاف الانتقال من فرنسا إلى ولايات قضائية أكثر ملاءمة من الناحية المالية، بما في ذلك إيطاليا وسويسرا وإسبانيا.
وقال كلاوديو جريستانتي، رئيس قسم الضرائب في شركة المحاماة أوزبورن كلارك: "بعد الإعلان عن الانتخابات المبكرة، كان لدينا بعض العملاء الفرنسيين الذين يستفسرون عن النظام الضريبي الإيطالي".