قامت إسرائيل بتعديل خططها وعملياتها العسكرية في رفح بعد مناقشات مكثفة مع مسؤولين أمريكيين لتجنب تجاوز الخط الأحمر الذي حددته إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والذي أثار أزمة في العلاقات مع أقرب حلفائها، حسبما نقلته صحيفة وول ستريت جورنال الأحد 2 يونيو/أيار 2024، عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين.
الصحيفة أوضحت أن إسرائيل اكتفت بشن حملة عسكرية ركزت على إغلاق الحدود بين غزة ومصر، فضلاً عن شن غارات على رفح، مشيرة إلى أنها بصدد تجميد خطتها الأصلية للقيام بعملية عسكرية في رفح جنوبي قطاع غزة، وهي عملية أعرب البيت الأبيض عن قلقه من أنها قد تؤدي إلى تصاعد عدد الضحايا المدنيين.
وبيّنت الصحيفة أن خطوة إغلاق الحدود مكنت إسرائيل من التعامل بجدية عن تحذيرات الرئيس بايدن بتجنب القيام بعملية برية كبيرة في مدينة غزة والمخاطرة بتخفيض الدعم العسكري الأمريكي، معتبرة أن "العملية العسكرية الإسرائيلية المخففة ما زالت تلحق خسائر فادحة بالمدنيين في رفح".
وسلط استخدام إسرائيل ذخائر أصغر حجماً في غاراتها الجوية الضوء على صعوبة إجراء العمليات في المناطق المكتظة بالسكان، حيث لا يزال استخدام القنابل التي تحتوي على 37 رطلاً من المتفجرات تؤدي إلى مقتل العشرات من المدنيين، وفقاً لما نقلته الصحيفة عن مسؤولين فلسطينيين.
ماذا يعني الخط الأحمر؟
من جانبه، أوضح ضابط المخابرات الأمريكي السابق جوناثان بانيكوف أن هناك " تصوراً خاطئاً حول ما يعنيه تعليق بايدن بشأن الخط الأحمر".
وتابع بانيكوف: "بالنسبة للكثيرين في العالم العربي، تم تفسير ذلك على أنه حظر لأي عملية عسكرية في مدينة رفح إذا أرادت إسرائيل الاحتفاظ بالدعم الأمريكي"، لكن بالنسبة للإدارة الأمريكية، لم يكن المقصود قط القول بأن إسرائيل لا تستطيع القيام بعملية عسكرية. لقد كان القصد هو أن إسرائيل لا تستطيع القيام بعملية مثلما فعلت في مدينة غزة أو خان يونس التي أسفرت عن عدد كبير من القتلى والدمار.
الصحيفة أوضحت أيضاً أن مفهوم الإنذار الرئاسي بشأن العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة تحول إلى محور نقاش عام عندما سأل أحد مذيعي قناة "إم إس إن بي سي" بايدن في 9 مارس/آذار عما إذا كان "الغزو الإسرائيلي لرفح" سيتجاوز "الخط الأحمر".
ورد بايدن مكرراً العبارة: "إنه خط أحمر، لكن الدفاع عن إسرائيل لا يزال أمراً بالغ الأهمية"، مضيفاً: "هناك خطوط حمر.. ولا يمكننا أن نسمح بموت 30 ألف فلسطيني آخر".
وبعد 3 أيام من تلك المقابلة، رفض مستشار الأمن القومي جيك سوليفان مفهوم الخط الأحمر، ووصفه بالفقاعة الإعلامية أو "لعبة في الأمن القومي".
وأضاف سوليفان أن الرئيس يريد أن تهزم إسرائيل (حماس) دون تعريض المدنيين الفلسطينيين للخطر دون داع.
بالنسبة للعديد من المسؤولين الأمريكيين، أثارت عبارة الخط الأحمر فكرة الإنذار الصارم وكان لها تاريخ غير جيد.
إذ قال الرئيس باراك أوباما في عام 2012 إن استخدام سوريا للأسلحة الكيميائية سيشكل "خطاً أحمر بالنسبة لنا". وقد تعرض لانتقادات لاحقة عندما تراجع عن استخدام القوة العسكرية في العام التالي، بعد أن قتل نظام بشار الأسد أكثر من 1400 شخص في هجوم بالأسلحة الكيميائية.