أحدثت الاشتباكات التي وقعت قبل أيام في جمهورية قرغيزستان بين طلاب مصريين وسكان محليين، توتراً كبيراً، ما دفع مئات الطلاب الأجانب من باكستان ودول آسيوية أخرى لمغادرة العاصمة "بشكيك"، رغم إعلان القاهرة احتواء وإنهاء أزمة الطلاب المصريين بشكل نهائي.
بدأت الأحداث، بعد منتصف ليل 13 مايو/أيار 2024، عندما قام "مجموعة من الأشخاص المجهولين ذوي المظهر الآسيوي في مضايقة عدد من الطلاب الأجانب بينهم مصريون في أحد مطاعم البيتزا، حيث طلبوا منهم سجائر، كما تنمروا عليهم بحجة تدخينهم في المكان"، هذا ما قالته وزارة الداخلية القرغيزية في بيان لها، إذ دارت اشتباكات قوية حيث يسكن في نفس المبنى طلاب من جنسيات مختلفة، عربية وهندية وباكستانية.
وأشارت الوزارة إلى أنه في 17 من مايو/أيار، انتشر مقطع فيديو للشجار على وسائل التواصل الاجتماعي، ما أثار غضباً شعبيّاً واسعاً، وأدى إلى اضطرابات محلية.
وفي مساء ذلك اليوم، بدأ الشباب الغاضبون بالتجمع في تقاطع شارعي "كورمانجان داتكا" و"تشوي"، وبحلول الساعة العاشرة مساءً، زاد عدد المتجمعين من 500 إلى 700 شخص، وطالبوا باتخاذ إجراءات ضد الجناة الضالعين في الشجار. وفرّقت الشرطة الحشد بعد إجراء محادثات معهم.
وخلال الليل، استغل بعض الأشخاص الوضع لنشر معلومات كاذبة عبر مجموعات الدردشة، زاعمين وجود ضحايا وقتلى بين المواطنين، ونفت الداخلية القيرغيزية تلك المعلومات.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن وزارة الصحة القيرغيزية أن الاضطرابات أسفرت عن إصابة 29 شخصاً، منهم 15 شخصاً نُقلوا إلى المستشفيات، وتم تقديم المساعدة للبقية في مكان الحادث.
من جهتها، أدانت الحكومة القيرغيزية أعمال العنف والتخريب، وأكدت التزامها بتحقيق العدالة ومحاسبة الضالعين في الواقعة. كما دعت إلى الهدوء وضبط النفس، وحذرت من الانجرار وراء الشائعات والأخبار الكاذبة.
يأتي هذا بينما نقلت وسائل إعلام مصرية، عن منسق الجالية المصرية في قيرغيزستان الدكتور أمين فتحي القصبي، قوله إن الطلاب الذين تعرّضوا للهجوم من بينهم مصريون.
وتلقت سفارة مصر في موسكو بلاغاً حول أزمة الطلاب المصريين والعرب في بشكك، مؤكدة أنها تتابع القضية بعد أن تعرضوا لهجوم من مجهولين أثناء وجودهم في سكنهم؛ ما أسفر عن سقوط جرحى ومحاصرة قوات الأمن لموقع الحادث، حسب إفادات بعض الطلاب وذويهم.
انتهاء أزمة الطلاب المصريين
وبعد مرور 7 أيام من الحادث أعلنت وزارة الخارجية المصرية نجاحها في احتواء وإنهاء أزمة الطلاب المصريين في قيرغيزستان بشكل نهائي، حيث تم إنهاء كافة الإجراءات اللازمة للإفراج عن المحتجزين واصطحابهم إلى مقر إقامتهم.
وصرح السفير أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي ومدير إدارة الدبلوماسية العامة بوزارة الخارجية، بأن سفارة مصر في كازاخستان، والتي تتولى مهمة التمثيل غير المقيم في دولة قيرغيزستان، نجحت في إنهاء الأزمة بشكل نهائي للطلاب المصريين هناك، وذلك على خلفية المشاجرات والاعتداءات التي انخرطوا فيها مع عدد من الشباب المحلي هناك.
كما كشف أبو زيد عن جهود الخارجية المصرية لاحتواء أية آثار سلبية ونفسية للطلاب جراء الواقعة وما مروا به من أحداث، حيث التقت البعثة القنصلية الموفدة إلى قيرغيزستان مع رئيس جامعة IMU المسجل بها أكثر من 530 طالباً مصرياً، ونجحت في تيسير وحل أغلب المشاكل التي تواجه الطلاب أكاديمياً، حيث وافق رئيس الجامعة على تبكير موعد الامتحانات لمن يرغب منهم في العودة مبكراً إلى مصر، كما تم السماح لطلاب السنوات الدراسية الأولى بالمغادرة مع الالتزام بالعودة لتأدية امتحاناتهم بعد الإجازة الصيفية تداركاً للآثار السلبية على نفسية الطلاب.
طلاب أجانب يغادرون قرغيزستان
وعلى إثر التوتر أيضاً غادر مئات الطلاب من باكستان ودول آسيوية أخرى من قرغيزستان بالمئات بعد أن هاجمت مجموعة من الشبان الغاضبين أماكن سكنهم، لكن بعضهم يأمل في العودة عندما تهدأ الأوضاع.
قال عمران يوسف، المختص في دراسة علم الأمراض في جامعة قرغيزستان الدولية: "لقد اقتحموا… النُزل الذي نقيم فيه وكانت لحظة مرعبة لنا جميعاً".
وأضاف أن المهاجمين ضربوا الطلبة واعتدوا على العديد منهم وحتى بعض النساء رغم محاولات الطلاب إغلاق المداخل والاختباء.
وتابع قائلاً: "لا أعرف ما الذي استفزهم لتلك الدرجة وأثار هذا القدر من الكراهية".
وأتاحت الحكومة الباكستانية مزيداً من الرحلات الجوية تغادر يومياً من بشكك، وانتهز طلاب هذه الفرصة للعودة إلى ديارهم على الأقل مؤقتاً.
وعلى مدى العقود القليلة الماضية، أصبحت كليات الطب في قرغيزستان من الوجهات المفضلة لطلبة من الهند وباكستان وبعض الدول الآسيوية والعربية الأخرى، ومن أسباب ذلك أن الرسوم ونفقات المعيشة تعتبر في المتناول نسبياً.
وقال يوسف إن حكومة قرغيزستان تعمل جاهدة لتهدئة مخاوف الطلاب. واعتقلت الشرطة أكثر من 10 يشتبه في أنهم من المهاجمين.