توالت ردود الفعل العربية والدولية الرافضة لإعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي، البدء في "الإجلاء المؤقت" للفلسطينيين من الأحياء الشرقية لمنطقة رفح إلى منطقة المواصي، تمهيداً لعملية عسكرية محتملة، وسط تحذيرات من ارتكاب الاحتلال مجزرة في المدينة الواقعة جنوبي قطاع غزة.
القاهرة تحذر
بدأت التحذيرات من القاهرة، إذ أعربت الإثنين، 6 مايو/أيار 2024 من مخاطر عملية عسكرية إسرائيلية محتملة بمنطقة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة، لما ينطوي عليه هذا العمل التصعيدي من مخاطر إنسانية بالغة تهدد أكثر من مليون فلسطيني يتواجدون في تلك المنطقة.
التحذير جاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية، طالبت مصر فيه إسرائيل بممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وتجنب المزيد من التصعيد في هذا التوقيت بالغ الحساسية في مسار مفاوضات وقف إطلاق النار، وحقناً لدماء المدنيين الفلسطينيين الذين يتعرضون لكارثة إنسانية غير مسبوقة منذ بدء الحرب على قطاع غزة.
بيان القاهرة أكد أن مصر تواصل إجراء اتصالاتها على مدار الساعة مع كافة الأطراف من أجل الحيلولة دون تفاقم الوضع أو خروجه عن السيطرة.
"عار على النظام الدولي"
ومن مصر إلى الأردن، حيث طالبت عمان، المجتمع الدولي بتحرك فوري، الإثنين، لمنع حدوث مجزرة في مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة.
المطالبات جاءت على لسان وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، الذي قال إن "الفشل" في منع مجزرة برفح جنوبي قطاع غزة، سيكون "وصمة عار لن تمحى"، داعياً إلى موقف دولي "رادع" للحكومة الإسرائيلية.
وفي منشور عبر صفحته على منصة "إكس" أضاف أن الفلسطينيين "يواجهون خطر مجزرة أخرى، تهدد قوات الاحتلال الإسرائيلي بارتكابها في رفح".
كما أضاف: "يجب على المجتمع الدولي كله التحرك فوراً لمنعها"، لافتاً إلى أن فشل المجتمع الدولي في منع هذه المجزرة "سيكون وصمة عار لن تمحى".
وختم قائلاً: "عار على النظام الدولي أن تظل الحكومة الإسرائيلية ترتكب المجازر دون موقف دولي رادع يلجم وحشيتها".
"أكبر جريمة إبادة"
وكانت الرئاسة الفلسطينية حذرت، الإثنين، إسرائيل من ارتكاب "أكبر جريمة إبادة جماعية" باجتياح مدينة رفح المكتظة بالنازحين جنوبي قطاع غزة، محملة الإدارة الأمريكية المسؤولية.
وفي بيان بيان للناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، حذر فيه من أن "سلطات الاحتلال (الإسرائيلي) بدأت فعلياً التمهيد لارتكاب أكبر جريمة إبادة جماعية باجتياح رفح"، محملاً الإدارة الأمريكية مسؤولية هذه "السياسات الإسرائيلية الخطيرة".
وقال أبو ردينة إن "الإدارة الأمريكية التي توفر الدعم المالي والعسكري للاحتلال الإسرائيلي، وتقف بوجه المجتمع الدولي لتمنع تطبيق قرارات الشرعية الدولية ووقف العدوان، هي التي تشجع نتنياهو وقادته بالاستمرار بمجازرهم ضد الشعب الفلسطيني؛ سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية، كما يحدث في محافظة طولكرم ومخيماتها".
وفي السياق، طالبت الرئاسة الفلسطينية الإدارة الأمريكية بـ"التحرك فوراً ومنع الإبادة الجماعية والتهجير، ومحاسبة الاحتلال (الإسرائيلي) على الانتهاكات الخطيرة التي يرتكبها بحق القانون الدولي قبل فوات الأوان"، بحسب البيان ذاته.
ردود فعل دولية
كما تواصلت ردود الفعل الدولية الرافضة على قرار اجتياح رفح، حيث جددت فرنسا الإثنين معارضتها القوية للهجوم الإسرائيلي المزمع على مدينة رفح الفلسطينية.
إذ قالت وزارة الخارجية في باريس في بيان: "فرنسا تؤكد مجدداً أيضاً أن أي تهجير قسري للمدنيين يمثل جريمة حرب بموجب القانون الدولي".
كما جدد رئيس الوزراء الأيرلندي سيمون هاريس، الإثنين، مطالبة إسرائيل بعدم تنفيذ عملية عسكرية في مدينة رفح بقطاع غزة الفلسطيني.
وبحسب بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الأيرلندي، فإن هاريس أجرى محادثة هاتفية مع نظيره الإسباني بيدرو سانشيز، تناول فيه الاعتراف بالدولة الفلسطينية والتطورات في غزة.
وأفرد البيان حيزاً لتصريحات هاريس الذي قال: "أجريت اتصالي الثالث مع سانشيز في الأسابيع القليلة الماضية. وناقشنا الوضع السيئ في الشرق الأوسط، وخاصة في غزة، واتفقنا على العمل معاً من أجل التوصل إلى تسوية فورية".
وأضاف: "وناقشنا وقف إطلاق النار والإفراج غير المشروط عن الأسرى، وزيادة المساعدات الإنسانية لسكان غزة".
وتابع: "أنا وسانشيز نشارك القلق العميق إزاء التقارير التي تفيد بأن إسرائيل أمرت بإجلاء المدنيين من أجزاء من رفح استعداداً لعملية عسكرية".
ولفت إلى أن المجتمع الدولي أكد أن أي عملية إسرائيلية ضد رفح ستؤدي حتماً إلى عواقب إنسانية كارثية وفقدان أرواح مدنيين أبرياء، مشدداً على أن حماية المدنيين في قطاع غزة، مسؤولية تقع على عاتق الجميع بموجب القانون الإنساني الدولي.
ألمانيا تحذر
في غضون ذلك، حذرت كاثرين ديشاور، متحدثة الخارجية الألمانية، الإثنين، إسرائيل من شنّ "عملية برية واسعة" على مدينة رفح بقطاع غزة، مشيرة إلى وجود أكثر من مليون إنسان "بحاجة إلى الحماية والدعم الإنساني" في رفح.
وأضاف أن الحكومة الألمانية ووزيرة خارجيتها أنالينا بيربوك، سبقا أن حذرا من "مأساة إنسانية" محتملة جراء شن عملية برية واسعة على رفح، مؤكدة أن الحكومة الألمانية تحذر من شنّ "عملية برية واسعة" على رفح، وتشدد على "ضرورة الحيلولة دون وقوع مأساة إنسانية" هناك.
وصباح الإثنين، قال الجيش الإسرائيلي، في بيان له، إنه "بناء على موافقة المستوى السياسي، يدعو الجيش الإسرائيلي السكان المدنيين إلى الإجلاء المؤقت من الأحياء الشرقية لمنطقة رفح"، إلى منطقة المواصي.
وحسب الأناضول، فإن المنطقة التي طالب الجيش الإسرائيلي بإخلائها تضم معبر رفح البري على الحدود مع مصر، وهو المعبر الرئيسي الذي تمر عبره المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة والوحيد الذي يستخدمه الفلسطينيون بغزة للسفر إلى الخارج.
كما يستخدم معبر رفح لنقل عشرات من الفلسطينيين المصابين بجروح خطيرة يومياً لتلقي العلاج بالخارج في ظل شح الإمكانيات الطبية في مستشفيات القطاع.
وتشن إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حرباً مدمرة على قطاع غزة تسببت بسقوط مئات الآلاف من الضحايا معظمهم من الأطفال والنساء، ناهيك عن الدمار الهائل في المباني والبنى التحتية.
وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فوراً، وكذلك رغم أن محكمة العدل الدولية طالبتها بتدابير فورية لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني بغزة.