قالت صحيفة "جروزاليم بوست" العبرية، يوم الجمعة 19 أبريل/نيسان 2024، إن إسرائيل هاجمت بصواريخ أطلقت من طائرة، "أصولاً" للقوات الجوية في أصفهان وسط إيران. وأضافت الصحيفة، دون أن تحدد مصدر معلوماتها: "علمنا أن طائرة بعيدة المدى أطلقت صواريخ أصابت أصولاً للقوات الجوية في أصفهان بوسط إيران، في وقت مبكر من صباح الجمعة".
وتابعت: "يتناقض هذا مع التقارير الأولية التي تفيد بأن الهجوم تم تنفيذه بواسطة صواريخ أرض-جو أو طائرات من دون طيار بعيدة المدى، تابعة لإسرائيل". ولم تؤكد إسرائيل رسمياً تقارير غربية عن مهاجمة هدف في أصفهان، كما لم تنفِ ذلك.
تعرض أصفهان لهجمات وسماع دوي انفجارات
فجر الجمعة، أعلن التلفزيون الرسمي الإيراني تعرض البلاد لهجمات بطائرات مسيرة. وقالت وكالة "مهر" الإيرانية للأنباء، إن أنظمة الدفاع الجوي دمرت 3 طائرات مسيرة صغيرة في سماء محافظة أصفهان.
وجاء الهجوم في ظل ترقب رد من تل أبيب على هجوم إيران الذي استهدف إسرائيل، في 13 أبريل/نيسان 2024 انتقاماً لقيادي في الحرس الثوري قُتل في غارة على دمشق مطلع الشهر نفسه.
وإسرائيل الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك طائرات من طراز "إف 35" القادرة على الوصول إلى إيران مع تجنب الرادارات. وسبق لمسؤولين إسرائيليين أن لمَّحوا في السنوات الأخيرة إلى إمكانية استخدام هذا النوع من الطائرات في هجمات على إيران.
في سياق موازٍ فقد قالت مصادر إن إسرائيل شنت هجوماً على الأراضي الإيرانية في أحدث ضربة متبادلة بين العدوين اللدودين اللذيْن تحولت حرب الظل المستمرة بينهما لعقود إلى مواجهة مباشرة، ما يهدد بجرّ المنطقة إلى صراع أكبر.
وأفادت وسائل إعلام إيرانية بوقوع انفجارات، لكن مسؤولاً إيرانياً قال لرويترز إن الانفجارات نجمت عن أنظمة الدفاع الجوي. وذكرت وسائل إعلام رسمية أن 3 طائرات مسيرة أُسقطت فوق مدينة أصفهان بوسط البلاد.
صمت إسرائيلي
في حين التزمت القيادة والجيش في إسرائيل الصمت، وقال مسؤول إيراني كبير لرويترز إن بلاده ليست لديها خطة للرد على إسرائيل على الفور، بينما كان رد فعل وسائل الإعلام الرسمية على الهجوم فاتراً في بادئ الأمر.
كما قال مصدر مطلع على الوضع لرويترز إن الولايات المتحدة تلقت إخطاراً قبل الهجوم الإسرائيلي، والذي جاء بعد أيام من شن إيران هجوماً لم يسبق له مثيل على إسرائيل بوابل من الطائرات المسيرة والصواريخ تم اعتراض معظمها.
وضغطت واشنطن وقوى عالمية أخرى على إسرائيل لعدم الرد أو لضمان أن تكون أي ضربة انتقامية محدودة لمنع اشتعال صراع أوسع نطاقاً بعد تصاعد العنف في الآونة الأخيرة بسبب غارة جوية على مجمع السفارة الإيرانية في دمشق في أول أبريل/نيسان 2024. ووجهت طهران أصابع الاتهام إلى إسرائيل في هذا الهجوم.
وكانت هذه الغارة على خلفية دعم إيران لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) التي شنت هجوماً على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أدى لاجتياح إسرائيل لقطاع غزة.
وشكك المسؤول الإيراني في مسؤولية إسرائيل عن هجوم الجمعة، وقال شريطة عدم كشف هويته: "لم نتأكد من المصدر الخارجي للواقعة، لم نتعرض لأي هجوم خارجي، والنقاش يميل أكثر نحو تسلل وليس هجوماً".
تشكيك في الهجوم الإسرائيلي
في معظم التصريحات والتقارير الإخبارية الرسمية لم يرد أي ذكر لإسرائيل، وبث التلفزيون الرسمي آراء محللين ونقاد بدوا مشككين في حجم الهجوم.
وقال محلل للتلفزيون الرسمي إن الدفاعات الجوية في أصفهان أسقطت طائرات مسيرة صغيرة أطلقها "متسللون من داخل إيران".
كما قال التلفزيون الرسمي الإيراني إنه بعد منتصف الليل بقليل "شوهدت 3 طائرات مسيرة في سماء أصفهان. وجرى تفعيل نظام الدفاع الجوي وتدمير هذه المسيرات في السماء". ونقل التلفزيون الرسمي عن القائد الكبير بالجيش سيافوش ميهاندوست قوله إن أنظمة الدفاع الجوي استهدفت "جسماً مشبوهاً".
كان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قد حذر إسرائيل قبل ضربة الجمعة من أن طهران سترد "بقوة" على أي هجوم على أراضيها.
وأخبرت إيران مجلس الأمن الدولي الخميس بأنه "يجب إجبار إسرائيل على وقف أية مغامرات عسكرية أخرى ضد مصالحها"، في الوقت الذي حذّر فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن الشرق الأوسط يمر "بأقصى اللحظات خطورة".
وانخفضت الأسهم وعوائد السندات في التعاملات الآسيوية اليوم الجمعة، في حين قفزت عملات الملاذ الآمن والذهب والنفط الخام. وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بما يصل إلى 4.2% وسط مخاوف من اضطراب إمدادات الشرق الأوسط قبل التخلي عن بعض المكاسب. وهبطت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية 1%.
المواقع النووية آمنة
في حين قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن المواقع النووية الإيرانية لم تتعرض لأي ضرر في الهجوم الذي يشتبه في أنه إسرائيلي، مؤكدة بذلك تقارير إيرانية.
وتقول إيران إن برنامجها النووي سلمي، لكن الغرب يعتقد أنها تسعى لصنع سلاح. ويوجد في أصفهان موقع نطنز النووي، وهو محور برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني.
وأغلقت إيران مطاراتها في طهران وشيراز وأصفهان بعد الهجوم، وسمحت أيضاً لرحلات جوية بتجنب الجزء الغربي من مجالها الجوي لبضع ساعات بعد الهجوم، وفقاً لموقع فلايت رادار 24. وبحلول الساعة 04:45 بتوقيت غرينتش أعيد فتح المطارات والمجال الجوي.
ومنعت السفارة الأمريكية في القدس موظفي الحكومة الأمريكية من السفر خارج القدس ومنطقة تل أبيب وبئر السبع "إمعاناً في الحذر".
وفي بيان على موقعها الإلكتروني نبهت السفارة المواطنين الأمريكيين إلى "الحاجة المستمرة للحذر وزيادة الوعي بالأمن الشخصي؛ لأن الوقائع الأمنية كثيراً ما تحدث دون سابق إنذار".
وبدأ الهجوم الإسرائيلي على غزة بعد هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، الذي أودى بحياة 1200 شخص وفقاً للإحصاءات الإسرائيلية. وتقول وزارة الصحة في غزة إن الهجوم الإسرائيلي على القطاع قتل ما يربو على 33 ألف فلسطيني.
وأعلنت جماعات متحالفة مع إيران دعمها للفلسطينيين، وشنت هجمات من لبنان واليمن والعراق، ما أثار مخاوف من تحول الحرب في غزة إلى حرب أوسع في المنطقة.