توالت ردود الفعل العربية "الغاضبة" من فشل مجلس الأمن الدولي في اعتماد مشروع قرار بقبول العضوية الكاملة للفلسطينيين في الأمم المتحدة، بعد استخدام أمريكا حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار قدمته الجزائر إلى مجلس الأمن الدولي، والتي تعتزم "العودة" مرة أخرى لتقديم قرار بالأمم المتحدة.
جاء ذلك بحسب بيانات رسمية صادرة عن السعودية ومصر والأردن وقطر والجزائر وفلسطين، معتبرة أنه يوم حزين للعدالة وانتكاسة لجهود إحلال السلام في المنطقة.
"لن يقربنا من السلام المنشود"
إذ أعربت السعودية، الجمعة 19 أبريل/نيسان 2024، في بيان لوزارة خارجيتها على منصة "إكس" عن أسفها لفشل مجلس الأمن الدولي في قبول العضوية الكاملة لدولة فلسطين بالأمم المتحدة، معتبرة أن ذلك "يسهم في تكريس استمرار الانتهاكات الإسرائيلية لقواعد القانون الدولي دون رادع، ولن يقربنا من السلام المنشود".
وجددت الوزارة مطالبة المملكة "باضطلاع المجتمع الدولي بمسؤوليته تجاه وقف اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين في قطاع غزة ودعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ووفقاً لمبادرة السلام العربية والقرارات الدولية ذات الصلة".
في السياق ذاته، عبرت وزارة الخارجية المصرية، في بيان في ساعة مبكرة من صباح الجمعة، عن أسفها لعجز مجلس الأمن عن إصدار قرار يمكن الدولة الفلسطينية من الحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة.
وشددت في بيانها على موقع فيسبوك على أن القضية الفلسطينية "تمر بمفترق طرق يحتم على الدول تحمل مسؤوليتها التاريخية باتخاذ موقف داعم للحقوق الفلسطينية وخلق أفق سياسي حقيقي لإعادة إطلاق عملية السلام بهدف التسوية النهائية للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين".
وحسب البيان: "أكدت مصر أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية وإقرار عضويتها الكاملة بالأمم المتحدة هو حق أصيل للشعب الفلسطيني الذي عانى من الاحتلال الإسرائيلي على مدار أكثر من ٧٠ عاماً، وخطوة هامة على مسار تنفيذ أحكام القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية المُتعارَف عليها لإرساء حل الدولتين، والحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وغير القابلة للتصرف".
كما اعتبرت مصر أن إعاقة إقرار حق الشعب الفلسطيني في الاعتراف بدولته لا تتماشى مع المسؤولية القانونية والتاريخية الملقاة على عاتق المجتمع الدولي تجاه إنهاء الاحتلال، والتوصل إلى حل نهائي وعادل للقضية الفلسطينية.
وفي ختام بيانها طالبت مصر العربية الأطراف الدولية الداعمة للسلام بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، والتعامل بالمسؤولية المطلوبة مع الظرف الراهن لإعادة الأمل في إحياء عملية السلام على أسس جادة تفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة ومتصلة الأراضي، على حدود عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش في سلام جنباً إلى جنب مع إسرائيل.
"يوم حزين للعدالة"
كما أعربت دولة قطر عن أسفها البالغ؛ لفشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع قرار بقبول العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، واعتبرته يوماً حزيناً للعدالة وانتكاسة لجهود إحلال السلام في المنطقة.
وأكدت وزارة الخارجية القطرية، في بيان، الجمعة، أن فشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع القرار يكشف مرة بعد أخرى عجزه عن الاضطلاع بمسؤولياته ودوره في إطار حفظ السلم والأمن الدوليين، لا سيما في ظل الحرب الغاشمة على قطاع غزة، التي أدت إلى أسوأ كارثة إنسانية يشهدها العالم في القرن الحادي والعشرين.
الوزارة جددت موقف دولة قطر الثابت والداعم للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
السلطة وحماس تنددان
كذلك، ندّدت السلطة الفلسطينيّة برئاسة محمود عبّاس الخميس باستخدام الولايات المتحدة الفيتو، ورأت في ذلك "عدواناً صارخاً" يدفع المنطقة إلى "شفا الهاوية".
من جهتها، أدانت حركة حماس في بيان "الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن ضدّ مشروع قرار منح فلسطين عضويّة كاملة بالأمم المتحدة". وأضافت أنّ الشعب الفلسطيني "سيواصل نضاله حتى يدحر الاحتلال وينتزع حقوقه ويُقيم دولته الفلسطينيّة المستقلّة الكاملة السيادة وعاصمتها القدس".
وبعد استخدام أمريكا حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار بقبول العضوية الكاملة للفلسطينيين في الأمم المتحدة، أعلنت الجزائر، الجمعة، أنها تعتزم "العودة" مرة أخرى لتقديم قرار إلى مجلس الأمن من أجل نيل فلسطين العضوية الكاملة بالأمم المتحدة .
"إجراء سابق لأوانه"
في المقابل، اعتبر روبرت وود، نائب المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة، أن طلب فلسطين العضوية الكاملة في المنظمة الدولية "إجراء سابق لأوانه".
وقال وود إن بلاده تواصل دعم "حل الدولتين"، مضيفاً: "أوضحنا منذ مدة طويلة أن الإجراءات المبكرة، حتى مع أفضل النوايا، لن تضمن إقامة دولة للشعب الفلسطيني".
وادعى أن فلسطين لا تستوفي شروط العضوية الكاملة وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، داعياً السلطة الفلسطينية إلى إجراء "الإصلاحات اللازمة" لتصبح دولة، مستدركاً: "ينبغي ألا ننسى أن حماس لا تزال تتمتع بالسلطة والقوة في غزة".
"محاولة يائسة"
بدوره، قال مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، إن الفيتو الأمريكي على مشروع قرار العضوية الكاملة لفلسطين هو "محاولة يائسة لوقف التدفق الحتمي للتاريخ".
جاء ذلك في تصريحات عقب جلسة التصويت، حيث أوضح أن النتيجة ستحقق الفائدة لإدارتي الولايات المتحدة وإسرائيل على المدى القصير، إلا أن واشنطن ستتقاسم في نهاية المطاف المسؤولية مع إسرائيل التي قتلت آلاف المدنيين الفلسطينيين، وسيتم حذفها من قائمة الدول المحترمة.
وأكد أن التاريخ لن يغفر للولايات المتحدة هذا الموقف، داعياً إياها إلى الاستماع للعقل والنظر في عواقب قراراتها والانضمام على الفور إلى جهود الأعضاء الآخرين في مجلس الأمن لتحقيق وقف فوري لإطلاق النار في غزة.
ومساء الخميس، استخدمت الولايات المتحدة الفيتو ضد قرار بمجلس الأمن يطالب بمنح فلسطين العضوية الكاملة بالأمم المتحدة.
وحصلت فلسطين على وضع دولة غير عضو لها صفة مراقب بالأمم المتحدة بعد قرار اعتمدته الجمعية العامة بأغلبية كبيرة في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2012.
وتقدمت فلسطين للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة عام 2011، لكن طلبها لم يحظ آنذاك بالدعم اللازم كي ينتقل لمرحلة التصويت في مجلس الأمن الدولي.
وكانت تأمل أن يحظى طلبها هذه المرة بالقبول، في ظل موقف دولي متنامٍ في الفترة الأخيرة بشأن ضرورة الاعتراف بدولة فلسطينية سبيلاً لدفع عملية السلام بالشرق الأوسط، في ظل حرب إسرائيلية متواصلة على قطاع غزة منذ 7 أشهر، وحكومة إسرائيلية من اليمين المتطرف ترفض حل الدولتين.