أثارت مظاهر التأييد للفلسطينيين في شرق لندن، غضب الداعمين لإسرائيل، فقد عمد الناشطون إلى رفع الأعلام الفلسطينية على أعمدة الإنارة ومختلف المنشآت والمرافق العامة في الشوارع، وعلى واجهات المتاجر ونوافذها الأمامية، الأمر الذي تسبب باتخاذ البلديات هناك، قرارات لمواجهتها، وفق تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني، نشره الأحد 14 أبريل/نيسان 2024.
الموقع البريطاني، أشار إلى أنه منذ أن بدأت إسرائيل عدوانها الحالي على قطاع غزة بعد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، خرج آلاف المحتجين في شوارع لندن على مدى الأشهر الستة الماضية للمطالبة بوقف إطلاق النار، ورفع كثيرون العلم الفلسطيني وعلقوه على أعمدة الإنارة في المدينة ومعالمها تضامناً مع شعب فلسطين وقضيته.
حيث أعلنت الكثير من الجاليات والجماعات في جميع أنحاء المملكة المتحدة عن دعمها لفلسطين، وتنوعت مظاهر التأييد للفلسطينيين فكان منها الجداريات، والمسيرات الاحتجاجية، والتظاهر أمام مقار الشركات التي تربطها علاقات تعاون وتجارة مع الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنات غير القانونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
مظاهر التأييد للفلسطينيين تتجلى في "تاور هامليتس"
كانت بلدية "تاور هامليتس" وغيرها من بلديات شرق لندن ساحةً تجلَّت فيها مظاهر التأييد للفلسطينيين، فقد عمد الناشطون في شبكة التضامن الفلسطينية المشكَّلة حديثاً إلى رفع الأعلام الفلسطينية على أعمدة الإنارة ومختلف المنشآت والمرافق العامة في الشوارع، وعلى واجهات المتاجر ونوافذها الأمامية، والتي ما لبثت أن أثارت الجدل والاحتجاج عليها من الداعمين لإسرائيل.
اختص الموقع البريطاني بالذكر حادثة وقعت في ديسمبر/كانون الأول 2023، في محطة حافلات "لانغدون بارك" في منطقة بوبلار شرق لندن، وشهدت شجاراً بين رجل أزال علماً فلسطينياً كان مرفوعاً على أحد الأعمدة ورجلين مؤيدين لفلسطين على ما يبدو، وقد سُجلت الواقعة في مقطع فيديو، وحظيت باهتمام عالمي بعد انتشاره على وسائل التواصل الاجتماعي.
أشار الموقع البريطاني إلى أنه خلال الأسابيع القليلة الماضية أزيل العلم الفلسطيني الذي كان مرفوعاً في محطة الحافلات 309، وكذلك الأعلام التي كانت مرفوعة على أعمدة الإنارة القريبة. ولم يتبقّ في شوارع شرق لندن من مظاهر التأييد للفلسطينيين بعض الكتابات على الجدران في موقف الحافلات، مثل "فلسطين حرة" (Free Palestine).
هاي لين رجل يعمل في المنطقة ويقول إنه "مراقب محايد" للخلاف، قال لموقع "ميدل إيست آي" إنه يرى أن رفع علم فلسطين لا يختلف عن رفع الأعلام الأوكرانية في جميع أنحاء بريطانيا بعد الغزو الروسي في فبراير/شباط 2022، و"إذا كان الناس يناصرون حقوق الإنسان، فهذا أمر جيد، ولا ضرر منه"، "ولمَ يختلف الأمر في حالة فلسطين؟!".
تشير بيانات التعداد السكاني في عام 2021 إلى أن عدد سكان منطقة "تاور هامليتس" بلغ 310300 نسمة، ويقطن في تاور هامليتس أعلى نسبة من السكان المسلمين في منطقة واحدة ببريطانيا (39%)، وتعد المنطقة كذلك من أكثر المناطق فقراً في المملكة المتحدة.
قالت هاجيرا بيجوم، المقيمة في "تاور هامليتس" والناشطة في مجموعة مناصرة تجمع ذوي الأصول البنغالية "نيغور مانوش"، إن دعم القضايا الدولية ليس بالأمر المستحدث في المنطقة، "فهي تتسم بتنوع أصول سكانها، ومنهم اللاجئون والمهاجرون الذين جاءوا على مدار القرنين التاسع عشر والعشرين. ونشأت فيها تنظيمات سياسية واجتماعية متنوعة".
في المقابل، قالت ساكنة أخرى بالمنطقة تُدعى ليندا، لموقع "ميدل إيست آي"، إن "الأعلام المرفوعة زادت عن الحد".
رسالة من المؤيدين لإسرائيل
في غضون ذلك، قال الموقع البريطاني إن الخلاف بشأن الأعلام تسبب في صداع سياسي لعمدة بلدية "تاور هامليتس"، لطف الرحمن، ففي يناير/كانون الثاني 2024، أرسلت مجموعة الضغط "محامون بريطانيون من أجل إسرائيل" رسالة إلى شرطة العاصمة لندن، زعمت فيها أن الأعلام ومظاهر التأييد للفلسطينيين في المنطقة مسيئة لهم، ولا بد من اتخاذ الإجراءات اللازمة بإزالتها. وذهب ناشطون مؤيدون لإسرائيل، مثل يوسف حداد، إلى تاور هامليتس، وطمسوا بعض الجداريات.
في مارس/آذار 2024، وصفت صحيفة The Daily Mail البريطانية، التي أيدت الحرب الإسرائيلية على غزة إلى حد بعيد، منطقة "تاور هامليتس" بأنها "فلسطين صغيرة في لندن"، وادَّعت أن السكان اليهود "يُطاردون ويُدفعون للخروج من المنطقة". وحثَّت الحكومة البريطانية مفوضين للتحقيق في إدارة عمدة البلدية للمناقصات والعقود، وتعييناته في الوظائف العليا بإدارة البلدية.
على إثر ذلك، قال محامي الحكومة المحلية إن المجلس قرر إزالة الأعلام المرفوعة على الطرق السكنية، التي يتولى مسؤوليتها، بعد أن أنذرتهم مجموعة "محامون بريطانيون من أجل إسرائيل" بأنها ستتخذ إجراءات قضائية ضد المجلس بموجب قانون تخطيط المدن والريف لعام 1990.
وقال فضل الرحمن: "أدرك أن من رفعوا هذه الأعلام في البلدية فعلوا ذلك تماشياً مع تقاليدنا الراسخة في التضامن، وأرفض الادعاءات بأنهم يروجون الانقسام"، وهذه الأعلام "رموز للتضامن والتعاطف مع أصحاب المحنة الشديدة في غزة. ولا بد ألا ننسى أن أكثر من 30 ألف شخص قد قتلوا حتى الآن، 70% منهم من النساء والأطفال. ولا شك أن الأعلام كان لها تأثير وأوضحت رأي السكان".
وقال متحدث باسم مجلس البلدية لموقع "ميدل إيست آي"، إن المجلس كان قد اتخذ قراراً مبدئياً بإبقاء الأعلام مرفوعة لضمان تماسك المجتمع، والإزالة الفورية لباقي مظاهر التأييد للفلسطينيين، مثل كتابات الجدران والملصقات والأعلام التي تروج الكراهية، إلا أن "التركيز المتزايد على هذه القضية، وترديد بعض الآراء الجائرة والمثيرة للخلاف بشأن منطقتنا وسكانها في الأسابيع الأخيرة، كل ذلك جعل قضية الأعلام جزءاً من خطاب سلبي واسع يستخدمه البعض لتشويه (تاور هامليتس) وممثليها".
أعرب أحد الناشطين، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، عن استيائه من قرار إزالة الأعلام، وقالوا: "لقد تمسكنا بموقفنا كل هذه المدة وأوضحنا رأينا. (تاور هامليتس) تدعم فلسطين وتقف إلى جانبهم وقت الشدة"، "لقد أنزل لطف الرحمن الأعلام، ولكننا نعلم أنه لم يكن لديه خيار آخر".