يواجه المحاصرون في غزة، بعد مرور 6 أشهر من الحرب الإسرائيلية على القطاع، الأهوال كل يوم من أجل البقاء على قيد الحياة؛ بسبب نقص الغذاء حتى صار البحث عن القوت مسألة حياة أو موت، بل إن كثيرين من الأهالي الذين لديهم المال لا يكادون يجدون ما يسد الرمق.
ونقلت صحيفة البريطانية The Guardian، الأحد 7 أبريل/نيسان 2024، عن تقرير لـ"لجنة الأمن الغذائي العالمي"، المدعومة من الأمم المتحدة، توقعات بأن يسقط نصف سكان غزة، أي نحو مليون و100 ألف شخص، فريسة لمجاعة ضارية في غضون 3 أشهر، إذا لم تنكسر حدة العنف القائم والحصار المفروض على القطاع.
" نأكل أي شيء نجده"
من جهتها، قالت سيدة من غزة لمنظمة "أوكسفام" الخيرية: "لقد أصابني الهزال أنا وأطفالي. ونحاول أن نأكل أي شيء نجده، أوراق النباتات أو الحشائش الصالحة للأكل، فقط كي نبقى على قيد الحياة".
فيما أوضحت سيدة أخرى، وهي أم لستة أطفال، لمنظمة الصحة العالمية، إن ما تبقى من طعام في الأسواق هو النباتات البرية، وبأسعار غالية، و"ليس هناك خضراوات ولا فواكه ولا عصير… ولا عدس ولا أرز ولا بطاطس أو باذنجان، لا شيء من ذلك".
في السياق، قال محمد مرتجي، وهو واحد من مئات الآلاف الذين نزحوا إلى رفح في الجنوب، لصحيفة "الغارديان"، "كل صباح تطلع الشمس علينا فيه، نبدأ رحلة يومية للبقاء على قيد الحياة، نكافح فيها للبحث عن الماء والطعام، ونحن نهرب في الوقت نفسه من القصف وجنود الاحتلال"، و"لم أعد أتأثر بالحديث عن (الهدنة) أو (وقف إطلاق النار). لا يهمني شيء من ذلك، أنا مشغول بالبحث عما يسد جوعي وعطشي".
تدمير 35% من المباني
وحول التدمير الشاسع في غزة، كشفت صور حللها مركز الأمم المتحدة للأقمار الاصطناعية مارس/آذار الماضي، أن الهجمات الإسرائيلية دمرت 35% من المباني في غزة.
وقد تقوضت أركان الحياة في القطاع، إذ دفعت الحرب أكثر من 80% من السكان إلى ترك منازلهم والنزوح إلى الجنوب، وسُوّيت مبانٍ سكنية وأحياء كاملة بالأرض وفقاً للصحيفة
كما تحولت معظم المستشفيات في قطاع غزة إلى أنقاض، ودُمرت الجامعات، وأُتلفت الأراضي الزراعية، وقطعت إسرائيل الكهرباء، فتعطَّلت محطات تنقية مياه الشرب ومعالجة مياه الصرف الصحي، وانتشرت الأمراض بين الأهالي.
الدخول الحر للمساعدات
وبخصوص المساعدات، قالت "الغارديان" إن إسرائيل وافقت خلال الأيام الماضية تحت ضغط الولايات المتحدة على فتح معبر حدودي لإدخال مزيد من المساعدات، إلا أن بعض المسؤولين الدوليين، ومنهم منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، يقولون إن هذه الجهود أقل بكثير من أن تمنع تفشي المجاعة في القطاع، وإنها قد تأخرت بشدة.
إلى ذلك، قال يان إيجلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، إنه "يجب على إسرائيل وحلفائها الالتزام بتيسير الدخول الحر للمساعدات فوراً حتى لا تتفشى المجاعة؛ وتوفير منظومة حماية للعاملين في المجال الإنساني لضمان أمنهم. وأهم من ذلك كله أنه لا بد من حماية المدنيين الفلسطينيين، الذين تعرضوا للقتل بالهجمات العشوائية عليهم خلال الأشهر الستة الماضية".
كما نقلت الغارديان عن أحمد مسعود، وهو ناشط في مجال حقوق الإنسان من غزة ويقيم الآن في رفح، أنه فقد 40 من أصدقائه، ومنزله، وعمله، و"كل ما صرنا نفكر فيه الآن هو سبل البقاء على قيد الحياة، والكفاح من أجل الحصول على الماء والغذاء"، و"أنا محظوظ جداً لأنني لم أفقد عقلي بعد". و"الناس في رفح ينتظرون الاجتياح، لكنهم لا يعرفون إلى أين يذهبون".
وانتقد مسعود مزاعم الإدارة الأمريكية بأنها تريد "خطة واضحة لإجلاء الناس إلى بر الأمان"، وقال "أنا بصراحة لا أعرف ما هي (المنطقة الآمنة) التي يتحدثون عنها".
من جهة أخرى، قال مايكل ميلشتين، وهو ضابط سابق رفيع المستوى في المخابرات العسكرية الإسرائيلية وخبير في الدراسات الفلسطينية في جامعة تل أبيب، إن إسرائيل تواجه خيارين أحلاهما مر: إمَّا قبول اتفاق لتبادل المحتجزين ووقف إطلاق النار (ومن ثم الإقرار ببقاء حماس)، وإمَّا تكثيف الحملة العسكرية واجتياح رفح على أمل تدمير حماس في نهاية المطاف، إلا أن التوقعات بأن النهج الحالي الذي يتبعه الجيش الإسرائيلي يمكن أن يدمر حماس أو يجبرها على الاستسلام، ليس إلا "تفكيراً بالتمني".