كشفت صحيفة The Observer أن حالة طبية مثيرة للجدل وغير مثبتة تعود جذورها إلى العلوم الزائفة، ومختلف عليها بين الأطباء، تُستخدم بشكل روتيني في بريطانيا لتبرير الوفيات التي تعقب الضبط البدني من الشرطة.
ويُستخدم مصطلحا "الاضطراب السلوكي الحاد" (ABD) و"الهذيان المستثار" لوصف الأشخاص المحتاجين أو من يأتون بتصرفات غريبة، عادةً بسبب مرض عقلي أو تعاطي المخدرات أو كليهما. ويقال إن من ضمن أعراضهما القدرة على تحمل الألم والعدوانية والقوة "الخارقة" وارتفاع معدل ضربات القلب.
وتقول الشرطة وخدمات الطوارئ الأخرى إن استخدام المصطلحين، الذي يكون بالتبادل عادة، اختصار مفيد يستخدم لتحديد متى قد يكون الشخص بحاجة إلى مساعدة طبية ويكون تقييده بدنياً خطيراً. لكنّ هذين المصطلحين لا تعترف بهما منظمة الصحة العالمية وأدانهما ناشطون ووصفوهما بالـ "زائفين"، وقالوا إنهما يُستخدمان "لتبرئة ساحة" الشرطة من الوفيات.
"الهذيان المستثار"
ورفضت الجمعية الطبية الأمريكية مصطلح "الهذيان المستثار" بعد أن استخدمه محامو الشرطة في قضية جورج فلويد. وحظر مشرعون في كاليفورنيا استخدامه لتشخيص أو تبرير حالات الوفاة في أكتوبر/تشرين الأول، قائلين إنه "يُستخدم منذ عقود لتفسير الوفيات الغامضة لأشخاص معظمهم من السود والملونين في حجز الشرطة".
وحذرت الكلية الملكية للأطباء النفسيين أيضاً من أن التعريف الحالي لهذه الحالة يمكن أن يؤدي إلى "إخضاع الأشخاص لإجراءات يمكن تجنبها وربما تكون مؤذية". وعام 2017، قالت مراجعة أجرتها وزارة الداخلية البريطانية عن الوفيات أثناء الاحتجاز إن هذين المصطلحين "مختلف عليهما بين الأطباء".
ورغم هذا الجدل المستمر، وجدت صحيفة The Observer أن هذين المصطلحين تستخدمهما شرطة التعامل المباشر عند اتخاذ قرار الضبط البدني، وكذلك محامو الشرطة لتفسير الوفيات بعد وقوعها.
وجاء في تحقيق أجري عام 2022 أن المهندس البولندي كريستيان كيلكوفسكي (32 عاماً) تناول الأمفيتامينات، ولكن ليس بجرعة مميتة، وخلص إلى أن "إخفاقات جسيمة" في استخدام التقييد البدني من شرطة نورفولك ساهمت في وفاته في أغسطس/آب عام 2020.
وأوصى المكتب المستقل لسلوك الشرطة (IOPC) بمزيد من التدريب لكنه برأ الضباط من أي مسؤولية، متعللاً بحالة "اضطراب سلوكي حاد" في تقريره. وذُكرت هذه الحالة المختلف عليها ضمن العوامل المساهمة في شهادة وفاته.
تقارير الشرطة الرقابية
وذُكر "الاضطراب السلوكي الحاد" و"الهذيان المستثار" سبباً للوفاة، أو عاملاً مساهماً فيها، في تقارير الشرطة الرقابية والتحقيقات في 44 حالة ضبط على الأقل منذ عام 2005، وفقاً لبحث أجرته مؤسسة إنكويست الخيرية والكلية الملكية للأطباء النفسيين وصحيفة The Observer.
وقالت ديبورا كولز، المديرة التنفيذية لمنظمة إنكويست، إن استخدام هذين المصطلحين قد يؤدي إلى صرف الانتباه عن الاستخدام "الخطير بطبيعته" للضبط البدني من الشرطة مع من يعانون من أزمات، بحسب صحيفة The Guardian البريطانية.
وقالت إن اعتبار اضطراب السلوك الحاد حالة أو تشخيص ليس في محله، وإنه يُستخدم "دون أدنى شك، لمحاولة التقليل من خطورة استخدام الشرطة للقوة. وهذا قد يقوض فاعلية التدقيق العام والمساءلة".
ويُعتقد أيضاً أن استخدام هذا المصطلح في سياق الصحة العقلية آخذ في الارتفاع، حيث وجدت دراسة أجرتها كلية كينغز كوليدج في لندن أن تشخيص اضطراب السلوك الحاد بات أكثر انتشاراً منذ عام 2019، وأنه يُذكر في تقييمات السود مقارنة بالبيض بمقدار الضعف، وهو ما قال الباحثون إنه "قد يفاقم انعدام المساواة العرقي الحالي في استخدام التدابير القسرية أثناء الأزمات".