كشف موقع "بوليتيكو" الأمريكي، الخميس 14 مارس/آذار 2024، أن كبار المسؤولين بإدارة الرئيس جو بايدن أبلغوا نظراءهم الإسرائيليين بأن واشنطن ستدعم إسرائيل في عملية عسكرية في رفح جنوبي قطاع غزة، في حال تجنبت تل أبيب غزواً واسع النطاق قد يؤدي إلى كسر التحالف.
كذلك أفادت الصحيفة بأن إدارة بايدن ستدعم إسرائيل في ملاحقة أهداف "ذات قيمة عالية" بحركة المقاومة الإسلامية "حماس" في رفح، ما دامت إسرائيل تتجنب عملية عسكرية في رفح واسعة النطاق.
ومنذ مطلع العام الجاري تقريباً وحكومة بنيامين نتنياهو تهدد بعملية عسكرية برية في رفح جنوب قطاع غزة، وهي آخر ملاذ لنحو مليون ونصف المليون مدني هُجروا من منازلهم في ظل ظروف إنسانية صعبة وتحذيرات من مجاعة غير مسبوقة.
ولا تزال إدارة بايدن تتصارع مع نوع العملية العسكرية الإسرائيلية التي يمكن أن تقبلها في رفح، في حين تعلم جيداً أن إسرائيل "تريد القضاء على كتائب حماس الأربع في مدينة غزة الجنوبية على الحدود المصرية" وفق الموقع.
ترفض "حرباً شاملة"
في السياق، نقل الموقع عن 4 مسؤولين أمريكيين كبار قولهم إن إدارة بايدن يمكن أن تدعم خطة أقرب إلى "عمليات مكافحة الإرهاب" منها إلى حرب شاملة في رفح، حيث إن من شأن ذلك أن يقلل من الخسائر في صفوف المدنيين، ويتجنب المشاهد التي أدت إلى توتر الرأي العام بشأن الحملة الإسرائيلية وتعامل بايدن مع الحرب، وفق المصدر ذاته.
أشار الموقع كذلك إلى أن إدارة بايدن دفعت إسرائيل لعدة أشهر إلى النظر في خطة عسكرية تتطلب قوات متخصصة وأكثر دقة لمحاربة ما يقرب من 3000 من مقاتلي حماس في رفح، حيث تزعم أنها لا ترغب بتحويل المدينة إلى أنقاض وقتل العديد من المدنيين الفلسطينيين على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وقال بايدن وكبار مساعديه علناً إن شن حملة واسعة النطاق لن يكون مقبولاً، واصفاً ذلك بأنه "خط أحمر"، في حين أفاد موقع بوليتيكو مسبقاً بأن واشنطن ستفكر في فرض شروط على بعض المساعدات العسكرية المستقبلية لإسرائيل إذا كانت هناك حملة كبيرة في رفح.
وفي 10 مارس/آذار الحالي، قال بايدن إن التهديد الإسرائيلي باجتياح مدينة رفح في جنوب قطاع غزة سيكون "خطاً أحمر" بالنسبة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لكنه سرعان ما تراجع عن ذلك قائلاً إنه لا يوجد خط أحمر، و"لن أتخلى عن إسرائيل قط".
خطط "يمكن أن تتغير بأي وقت"
وقال مسؤول إسرائيلي ثالث للموقع، مثل آخرين طلب عدم الكشف عن هويته لمناقشة قضية حساسة، إنه ليس هناك شك في أن القوات الإسرائيلية ستشن في مرحلة ما عملية عسكرية في رفح من نوع ما، مضيفاً: "في نهاية المطاف لا يمكننا أن نكسب هذه الحرب دون هزيمة كتائب حماس في رفح"، على حد قوله.
ومع ذلك، نقلاً عن معلومات استخباراتية عسكرية لمسؤولين رفيعي المستوى في البيت الأبيض، فإن بعض الأعضاء الرئيسيين في فريق بايدن يشككون في أن إسرائيل تهدف إلى القيام بعملية عسكرية في رفح كبيرة قريباً، بحسب المصدر ذاته.
ونقل الموقع عن مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" قوله، إنه "سيتعين عليهم (الجيش الإسرائيلي) القيام ببعض عمليات إعادة تموضع القوات، وهذا لم يحدث.. إنه ليس وشيكاً".
وشدد جميع المسؤولين الذين تحدث إليهم موقع بوليتيكو على أن خطط إسرائيل "يمكن أن تتغير في أي وقت"، ورفضوا القول على وجه اليقين إن إسرائيل لن تقوم في نهاية المطاف بعملية أكبر، ربما بسبب التغيرات في البيئة السياسية للبلاد.
في نهاية المطاف، اعتبر الموقع أن المحتمل ألا تؤدي عملية عسكرية في رفح "أصغر" و"أكثر دقة" لحماية المدنيين، إلى رد فعل من بايدن أو الديمقراطيين في الكونغرس.
ونقل عن ناتان ساكس، مدير مركز سياسة الشرق الأوسط بمعهد بروكينجز، أنه "من المهم تحليل ما قد تنطوي عليه "العملية الكبرى"، مضيفاً: "لا أعتقد أن إسرائيل ستتخلى مع مرور الوقت عن ملاحقة ما تبقى من قوات حماس وقيادتها تحت الأرض في رفح، لكنهم قد ينتظرون وينفذون عملية عسكرية في رفح أكثر استهدافاً، وربما أقل ضرراً، أو سلسلة من العمليات الأصغر حجماً، نظراً للاعتراضات الأمريكية"، على حد تعبيره.
ورغم دخول شهر رمضان، تشن إسرائيل حرباً مدمرة على قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، خلَّفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلاً عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".