تعرضت صحيفة ليبراسيون Liberation الفرنسية لانتقادات لاذعة لنشرها رسماً كاريكاتيرياً يسخر من الفلسطينيين الصائمين في بحثهم عن الطعام في غزة ويصور الرسم الكاريكاتيري للرسامة كورين ري رجلاً فلسطينياً هزيلاً يطارد فئران وصراصير، وسط الأنقاض والمباني المدمرة، وسيدة تصفعه على يديه وتنبهه قائلة: "ليس قبل الغروب".
رسم كاريكاتيري يسخر من الفلسطينيين الصائمين
نشرت الصحيفة الرسم الكاريكاتيري يوم الإثنين 11 مارس/آذار على موقع إكس، يصحبه تعليق يقول: "رمضان في غزة"، وفق ما نقل موقع Middle East Eye البريطاني في تقريره يوم الثلاثاء 12 مارس/آذار 2024.
وانتقد مستخدمو الشبكات الاجتماعية الرسم الكاريكاتيري ووصفوه بـ"العنصري" و"المجرد من الإنسانية" وأنه مثال "كريه" للخطاب العام في وقت يواجه فيه مئات الآلاف من الفلسطينيين مجاعة بسبب منع إسرائيل وصول المساعدات إلى القطاع الذي مزقته الحرب.
حيث قال أحد المستخدمين على الشبكات الاجتماعية: "مثال صارخ على كيف تنزع وسائل الإعلام الغربية والفرنسية صفة الإنسانية عن الفلسطينيين وتتجاهل الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة".
كذلك فقد كتب منتقد آخر للرسم الكاريكاتيري أن الصحيفة التي تنتمي إلى يسار الوسط سخرت من "أسرع وأشد تجويع متعمد لشعب.. وسخرت من 2.3 مليون فلسطيني جائع، تحت القصف الإسرائيلي الذي تسلحه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، ونصفهم من الأطفال".
في حين دافعت "ري" يوم الثلاثاء 12 مارس/آذار عن رسمها على موقع إكس، مؤكدة أن هدفه تسليط الضوء على اليأس الذي يعيشه الفلسطينيون، و"إدانة المجاعة في غزة"، وانتقاد الدين.
وكتبت: "عينة صغيرة (صغيرة جداً) من الهراء والتهديدات والرسائل المعادية للسامية التي تلقيتها بعد هذا الرسم الذي نُشر أمس في صحيفة ليبراسيون. رسم (وأتحمل مسؤوليته كاملة!) يسلط الضوء على حالة اليأس التي يعيشها الفلسطينيون، ويدين المجاعة في غزة، ويسخر أيضاً من عبثية الدين".
وفي حين دافع بعض المستخدمين عن رسم ري الكاريكاتيري واعتبروه حرية تعبير، أعرب آخرون عن استيائهم مما وصفوه بأولوية في غير محلها وسط الحرب الدائرة.
حيث قال أحد المستخدمين: "شعب يقتل منذ 4 أشهر، ومن لا يزالون على قيد الحياة يتضورون جوعاً، وهذه البرجوازية تجد أن "انتقاد الدين" ضرورة ملحة".
عدد من المستخدمين قالوا أيضاً إن الرسم الكاريكاتيري مثال آخر على التمييز المنهجي ضد المسلمين والعرب في المجتمع الفرنسي، الذي يقول كثير من المسلمين إنه ازداد مع بداية الحرب في غزة.
فيما قال أحد المستخدمين إن الرسم الكاريكاتيري "مثال كريه لكيفية انتشار العنصرية المعادية للفلسطينيين والتعصب ضد المسلمين في قطاعات كبيرة من اليسار في المجتمع الفرنسي".
يجب إنهاء الحرب في غزة
يأتي ذلك في الوقت الذي سبق أن قالت فيه كريسولا زاكاروبولو، وزيرة الدولة للتنمية والشراكات الدولية في فرنسا، إن "العمليات" الإسرائيلية في قطاع غزة "يجب أن تنتهي" جاء ذلك في معرض ردها على سؤال برلماني وجهه النائب توماس بورتس من حزب فرنسا الأبية المعارض حول الوضع في غزة في الجمعية العامة للبرلمان الفرنسي.
وأوضحت زاكاروبولو أن الوضع الإنساني والوفيات في قطاع غزة "أمر غير مقبول"، مؤكدة أن "العمليات الإسرائيلية (في غزة) يجب أن تنتهي".
وحول استهداف جنود إسرائيليين المدنيين الفلسطينيين في 29 فبراير/شباط 2024 أثناء انتظارهم توزيع المساعدات الإنسانية في غزة، قالت زاكاروبولو إن بلادها تدين هذا الحادث وتنتظر كشف الحقيقة.
وأكدت زكاروبولو أنها تنتظر أيضاً بياناً من الحكومة الإسرائيلية حول هذه القضية، مشيرة إلى أن المساعدات الإنسانية التي دخلت غزة في شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط انخفضت بنسبة 45%.
وشددت الوزيرة الفرنسية على ضرورة زيادة نقاط العبور إلى غزة؛ حتى تتمكن المساعدات الإنسانية من الوصول إلى المنطقة على نطاق واسع.
وأشارت زكاروبولو إلى أن الإدارة الإسرائيلية، التي تحملها فرنسا المسؤولية عن العراقيل القائمة أمام وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، "عليها واجب حماية المدنيين في المنطقة".
جدير بالذكر أنه ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تشن إسرائيل حرباً مدمرة على قطاع غزة بدعم أمريكي، خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلاً عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، وهو ما أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".