في خيمة متهالكة، اضطرت هناء المصري وزوجها وأطفالها الستة استقبال شهر رمضان في غزة، بلا زينة أو أجواء رمضانية، كما في المنزل القديم بخان يونس، الذي أجبروا بالنزوح منه.
وفقاً لصحيفة The Guardian البريطانية، فقد اضطرت عائلة المصري للفرار من خان يونس بعد أن تلقت منشورات من جيش الاحتلال الإسرائيلي تأمرهم بالنزوح إلى مكان آخر حفاظاً على سلامتهم. فشقَّت العائلة طريقها إلى رفح على الحدود مع مصر، ويعيش أفرادها الآن في مخيم مؤقت مزدحم بالنازحين، وينامون ويأكلون وسط ما تبقى لهم من متاع قليل تمكنوا من إنقاذه.
هناء تستذكر أجواء استقبال شهر رمضان في غزة قبل الحرب
قالت هناء المصري، التي تبلغ من العمر 37 عاماً: "كانت بناتي يحرصن على ادخار الأموال لشراء الزينة، وكنت أنتقي فانوس رمضان جديداً في كل عام"، أما هذا العام فإننا في "غمٍّ، وكرب شديد".
استذكرت هناء في حزنٍ: "كنت أحب إعداد السحور من الجبن والمربى والفول والبيض لإعانة أسرتي على تحمل الصيام، ثم أعد لهم طعاماً شهياً عند الإفطار".
مع ذلك، فإن الأحوال في رفح أفضل مما هي عليه في محافظتي غزة وشمال غزة؛ إذ قال مسؤولو الصحة في غزة إنهم سجلوا 20 حالة وفاة بسبب الجوع، ولا تزال الأساسيات غير متوفرة. ويقتات كثير من الناس على الخبز المخبوز على نار الحطب أو مواقد الغاز القديمة، والسلع المعلبة التي تنقلها الوكالات الإنسانية من مصر بالشاحنات. ويبلغ سعر نصف كيلو السكر الآن 10 دولارات، أما الملح فيكاد يستحيل العثور عليه. والفواكه والخضار الطازجة شحيحة في السوق، وإن وجدت فأسعارها باهظة.
قالت هناء: "كنا وجيراننا نزيّن شارعنا بالأضواء والفوانيس، أما الآن فأصبح كل شيء حولنا كئيباً"، و"الشوارع تحمل آثار القصف الإسرائيلي، والناس في حداد" على ضحاياهم.
أمضى حسين العودة (37 عاماً) معظم الحرب في ملجأ تديره الأمم المتحدة بالقرب من خان يونس، ثم نزح إلى رفح منذ أكثر من شهر. وهو مسؤول برنامج إغاثي تابع لمنظمة دولية غير حكومية، ومع ذلك فلم يكد يأكل اللحم منذ بدء الصراع، وصارت الفاصوليا المعلَّبة طعامه الأساسي خلال الأسابيع الماضية.
وقال العودة: "توجد بعض المكسرات والفواكه المجففة في السوق، وهي الأشياء التي كنا نفطر عليها في رمضان، لكنها صارت تباع الآن بأسعار باهظة؛ لذا سنكتفي في الإفطار بمزيدٍ من الفول".
قطعت إسرائيل الكهرباء عن غزة في بداية الصراع، ودمَّرت معظم البنية التحتية للصرف الصحي والطاقة، وكميات الوقود القليلة التي تسمح بدخولها إلى القطاع غير كافية لتشغيل المضخات والمولدات.
دمَّرت قوات الاحتلال منزل العودة في مدينة غزة في الأسابيع الأولى من الحرب، واضطر إلى إنفاق كل مدخراته لكي يكفل لزوجته وأطفاله الثلاثة مغادرة غزة إلى القاهرة الشهر الماضي. وبقي هو لرعاية والديه المسنين والمريضين، لأنهما لا طاقة لهما بالسفر.
أما آلاء الشرفا، فكانت محاضرة في الجامعة الإسلامية، وقد أمرها الجيش الإسرائيلي بالنزوح من منزلها في مدينة غزة قبل خمسة أشهر. وتمكث منذ ذلك الحين مع والديها في غرفة صغيرة في مبنى سكني مهجور في رفح.
وقد تناثرت عائلة آلاء في أنحاء غزة، فإحدى الشقيقات في المدينة، والأخرى في مكان آخر في رفح. وقالت الشرفا: "نحن منفصلون عن أحبائنا، ولا نعرف متى نعود إلى منزلنا في غزة".
تقول هناء المصري إنها كانت تسقي الأشجار والورود في حديقتها بخان يونس كل يوم بعد صلاة الفجر، و"كنت ألتمس الراحة في الجلوس في تلك الحديقة، وتلاوة القرآن والصلاة. أما الآن، فلم يتبق منها إلا الخراب".