قالت وكالة Bloomberg الأمريكية في تقرير لها، الخميس 7 مارس/آذار 2024، إن خفض قيمة الجنيه المصري ورفع سعر الفائدة، إلى جانب قرض صندوق النقد الدولي الجديد، جعل القاهرة من أكثر الأسواق الناشئة جاذبية للمستثمرين، حيث تقدم مصر الآن ثالث أعلى عائد على السندات بالعملة المحلية من بين 23 اقتصاداً نامياً، مع متوسط عائدات يقترب من الـ30%.
واعتبر تقرير الوكالة الأمريكية، أن مديري محافظ الاستثمار، الذين سحبوا 20 مليار دولار من مصر قبل عامين، لن يجدوا الكثير من الأماكن الأكثر جاذبية من القاهرة في الأسواق الناشئة اليوم، في الوقت الذي عوّض الجنيه، الخميس، بعض خسائره الفادحة بتسجيل ارتفاع قدره 1.5% مقابل الدولار.
حل أخير لمعضلة التمويل في مصر
إذ صدر حكم المستثمرين هنا بعد يوم شهد خفض مصر لقيمة عملتها بأكثر من 38%، في أعقاب رفع قياسي لمعدلات الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس. وأدى قرض صندوق النقد الدوّلي الذي توسّع ليبلغ 8 مليارات دولار، والتزام الإمارات بدفع أربعة أضعاف ذلك المبلغ، إلى قلب الموازين بالنسبة لبعض الأسماء الكبيرة في عالم التمويل -مثل Aviva Investors وVanguard Asset Services.
فقد سبق للمستثمرين أن تجنّبوا أدوات الدين المحلية المصرية بسبب رفض البنك المركزي أن يخفّض قيمة الجنيه الذي يتحكم فيه بشدة. وأصبح الجنيه مقوّماً بأعلى من قيمته في أعين التجار الأجانب، ما ساهم في نقص العملة الصعبة الذي زاد من التضخم.
بينما أوضح نافذ ذوق، محلل الديون السيادية في الأسواق الناشئة لدى شركة Aviva Investors بلندن: "كانت مصر تحتاج لصدمة ثقة إيجابية منذ فترة".
وستلعب عودة تدفقات المحافظ الاستثمارية دورها كحلٍّ أخير لمعضلة التمويل التي تعانيها مصر، بعد استبعادها مؤخراً من مؤشرات سندات العملة المحلية الخاصة بـJPMorgan Chase & Co، والتي تتابعها صناديق استثمار تمتلك مليارات الدولارات. في ما تجاوزت خسائر السندات المحلية في مصر حاجز الـ10% خلال العام الماضي.
مصر تعول على الاستثمارات الأجنبية
لكن فئة الأصول هذه تلفت بدرجةٍ متزايدةٍ أنظار تجار الفائدة، الذين يقترضون من الأماكن التي تعرض أسعار فائدة منخفضة ليستثمروا في الأماكن ذات أسعار الفائدة المرتفعة. وارتفعت سندات اليوروبوند المصرية في يوم الأربعاء، السادس من مارس/آذار، بعد أن تعثّر تداولها حتى أواخر ديسمبر/كانون الأول. لكن السندات الحكومية المحلية هي التي تجذب اهتمام المستثمرين الآن.
وقال نيك إيسينغر، الرئيس المشارك لقسم إدارة الدخل الثابت النشطة في الأسواق الناشئة بـVanguard Asset Services: "ستكون السندات المحلية المصرية هي الصفقة المقبلة على الأرجح. إذ يمكن أن نشتري السندات المحلية الآن بعد انخفاض أسعار الصرف، وارتفاع أسعار الفائدة، وتحسُّن التوقعات الاقتصادية، مع عدم وجود الكثير من الناس الذين يشترون السندات المحلية".
من المرجح أن تتزايد المصاعب الاقتصادية على المدى القريب بالنسبة للاقتصاد الذي يعاني من الضغط؛ نتيجة حرب إسرائيل مع حماس أيضاً. ومن المرجح أن يشعر المستهلكون بوطأة الخفض الأخير لقيمة العملة نتيجة ارتفاع أسعار المستهلك، مع اقتراب معدل التضخم من حاجز الـ30%.
لكن السلطات تُعوِّل على جذب الإصلاحات للمستثمرين الأجانب، حتى يعودوا إلى البلد الذي يقطنه 105 ملايين نسمة ويكتبوا نهاية أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد منذ عقود.
وسيتضح وضع الاستثمار في مصر أكثر خلال الأسبوع المقبل مع استقرار السوق بحسب غوردون باورز، محلل Columbia Threadneedle Investments المقيم في لندن. حيث أوضح أن مزاد أذون الخزانة يوم الخميس سيكون أول اختبار للطلب، مع اقتراب عائد السندات لأجل 12 شهراً من حاجز الـ30%.
وأردف باورز: "أصبحت تجارة الفائدة في السندات المحلية أكثر جاذبية. وأتوقع أن يختبر المستثمرون المحليون منظومة صرف العملة الأجنبية الجديدة خلال الأيام المقبلة. لكننا قد نشهد موجة من إلغاء الدولرة بمجرد تلاشي المخاوف حيال توافر العملات الأجنبية".