البرازيل تهاجم إسرائيل مجدداً، حيث قالت الحكومة البرازيلية يوم الجمعة 1 مارس/آذار 2024 إن مقتل أكثر من 100 شخص كانوا يسعون للحصول على مساعدات إنسانية في غزة، أو ما يعرف بمجزرة الطحين ، يظهر أن الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة ليس لها "حدود أخلاقية أو قانونية"، مجددة دعوتها إلى وقف فوري لإطلاق النار.
وقالت وزارة الخارجية البرازيلية في بيان: "الإنسانية تخذل المدنيين في غزة. وحان الوقت لمنع المزيد من المذابح".
البرازيل تدين مجزرة الطحين
يأتي ذلك بعد أيام من تصريحات مشابهة للرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا قال فيها إن الأمم المتحدة أخفقت في حل الصراعات الدولية، وانتقد بشدة أفعال إسرائيل في غزة.
وقال عقب اجتماعه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة: "أفعال إسرائيل (في غزة) ليس لها تفسير، فهي تقتل النساء والأطفال بحجة القضاء على حماس".
وفي كلمة ألقاها لاحقاً أمام جامعة الدول العربية، قال لولا دا سيلفا إن البرازيل نددت بالهجوم الذي شنه مسلحو حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على المدنيين الإسرائيليين في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وأضاف أن رد إسرائيل على الهجوم كان "غير متوازن وعشوائي" وغير مقبول.
وأشار إلى أنه لن يكون هناك سلام دون إقامة دولة فلسطينية، ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار للسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة. وقال: "يجب أن تتوقف آلة القتل".
وذكر أنه يجب الاعتراف بفلسطين كدولة ذات سيادة وقبولها في الأمم المتحدة دولة كاملة العضوية، ودعا إلى إصلاحات بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
البرازيل تدعم جنوب أفريقيا
قال في لقاء صحفي مشترك مع السيسي إن "المؤسسات متعددة الأطراف التي تم إنشاؤها بهدف حل هذه المشكلات لا تعمل (بشكل فعال)، ولذلك تلتزم البرازيل بإجراء التغييرات اللازمة في هيئات الحوكمة العالمية، ونأمل في التعويل على دعم مصر".
وأضاف أنه يجب توسيع مجلس الأمن الدائم وإلغاء صلاحيات حق النقض التي يتمتع بها، مضيفاً أن "الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن هم من يشعلون فتيل الحروب".
وأوضح أن البرازيل تؤيد القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية ضد العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة.
كما أعلن الرئيس البرازيلي أن حكومته ستقدم مساعدات جديدة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التي تواجه أزمة مالية بعد زعم إسرائيل أن 12 من بين 13 ألفاً يعملون لصالح الوكالة تورطوا في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وأضاف: "يجب التحقق جيداً من الاتهامات الأخيرة الموجهة لموظفي الأونروا حتى لا يتعطل عمل الوكالة" ودعا الدول الأخرى إلى الاستمرار في تقديم المساعدات وزيادتها.
خلاف بين إسرائيل والبرازيل
في سياق موازٍ، فقد دخل الخلاف الدبلوماسي بين البرازيل وإسرائيل إلى مساحة كبيرة؛ إذ وصف وزير الخارجية البرازيلي ماورو فييرا رد إسرائيل على التعليقات التي أدلى بها الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا بشأن قطاع غزة بأنه "غير مقبول" و"غير صادق".
وبعد أن شبّه الرئيس البرازيلي الحرب الإسرائيلية على غزة بمعاملة هتلر لليهود، قالت إسرائيل يوم الإثنين إن لولا غير مرحب به فيها إلى أن يتراجع عن تصريحاته.
ورد وزير الخارجية البرازيلي ماورو فييرا على إسرائيل. وقال فييرا لرويترز ووكالة أنباء أخرى خلال قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو: "أن تخاطب وزارة خارجية رئيس دولة من دولة صديقة بهذه الطريقة هو أمر غير مألوف ومثير للاشمئزاز".
وأضاف "إنها صفحة مخزية في تاريخ الدبلوماسية الإسرائيلية"، مشيراً إلى أن إسرائيل تحاول التغطية على ما يحدث في غزة.
احتلال إسرائيل لفلسطين غير قانوني
في حين طلبت البرازيل من محكمة العدل الدولية، التأكيد على أن احتلال إسرائيل لفلسطين "غير قانوني وينتهك التزاماتها الدولية".
جاء ذلك على لسان الدبلوماسية البرازيلية ماريا كلارا باولا دي توسكو، خلال جلسة استماع عقدتها محكمة العدل الدولية، الثلاثاء، في مدينة لاهاي الهولندية، حول التبعات القانونية للممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأكدت دي توسكو أن إسرائيل تواصل منذ عام 1967 انتهاك القانون الدولي والعديد من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن.
وأشارت إلى أن إسرائيل تمارس التمييز ضد الفلسطينيين، مؤكدة ضرورة إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية. وأكدت أن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره هو "حق مطلق ولا غنى عنه".
ولفتت إلى أن البرازيل تريد من محكمة العدل الدولية أن تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي "غير قانوني وينتهك التزاماتها الدولية بطرق مختلفة".
وأوضحت أن "السبيل الوحيد لتحقيق السلام والأمن للإسرائيليين والفلسطينيين هو حل الدولتين الذي يتضمن دولة فلسطينية قابلة للحياة اقتصادياً تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل".
بدورها، قالت ممثلة تشيلي في الجلسة، المحامية كسيمينا فوينتيس توريجو، إن بلادها تدعم حل الدولتين بين فلسطين وإسرائيل.
وأوضحت أن "إسرائيل لم تنتهك حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير فحسب، بل انتهكت أيضاً قواعد القانون الدولي الأخرى، بما في ذلك حظر استخدام القوة، وضم الأراضي الفلسطينية". ودعت توريجو إلى ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
إسرائيل تطالب البرازيل بالاعتذار
من جانبه، طالب وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس رئيس البرازيل لولا دا سيلفا بالاعتذار على تشبيهه إسرائيل بالزعيم النازي أدولف هتلر.
جاء ذلك في رسالة كتبها كاتس بالبرتغالية ونشرها، مساء الثلاثاء، على حسابه بمنصة "إكس"، بعد سحب البرازيل سفيرها من تل أبيب عقب توبيخه من قبل كاتس إثر تصريحات لدا سيلفا حول الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وقال كاتس: "(يا) رئيس البرازيل: ملايين اليهود حول العالم ينتظرون اعتذارك. هل تجرؤ على مقارنة إسرائيل بهتلر؟". وأضاف: "أذكّرك بما فعله هتلر؟ أخذ الملايين من الناس إلى الأحياء الفقيرة، وسرق ممتلكاتهم، واستخدمهم كعمال بالسخرة ثم بدأ بوحشية لا نهاية لها في قتلهم بشكل منهجي. أولاً بإطلاق النار، ثم بالغاز. (إنها) صناعة إبادة اليهود بطريقة منظمة وقاسية".
واعتبر كاتس أن إسرائيل في المقابل، شرعت في "حرب دفاعية" ضد من سماهم "النازيين الجدد الذين قتلوا كل يهودي رأوه"، على حد وصفه.
ومضى مخاطباً رئيس البرازيل: "عليك أن تخجل، مقارنتك غير شرعية ومضللة وعار على البرازيل وبصق في وجه اليهود البرازيليين".
وختم وزير الخارجية الإسرائيلي بيانه بالقول: "لم يفُت الأوان بعد لتتعلم التاريخ وتطلب الصفح. حتى ذلك الحين – ستظل شخصية غير مرغوب فيها في إسرائيل".
واستدعت البرازيل، الإثنين، سفيرها لدى تل أبيب "للتشاور" بعد إعلان كاتس في بيان الرئيس دا سيلفا "شخصاً غير مرغوب فيه".
والأحد، استدعت الخارجية الإسرائيلية سفير برازيليا لدى تل أبيب فيدريكو ماير لجلسة توبيخ، بعد تصريحات لرئيس بلاده دا سيلفا، اتهمها فيها بارتكاب "إبادة جماعية" في غزة.
وكان رئيس البرازيل، قال الأحد، للصحفيين في أديس أبابا، حيث حضر قمة للاتحاد الأفريقي: "ما يحدث في قطاع غزة ليس حرباً، إنها إبادة جماعية". واعتبر أن "ما يحدث في قطاع غزة مع الشعب الفلسطيني لم يحدث في أي مرحلة أخرى في التاريخ".
لكن دا سيلفا، استدرك بقوله: "في الواقع، سبق أن حدث بالفعل حين قرر هتلر أن يقتل اليهود".
وتشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين أول 2023 حرباً مدمرة على قطاع غزة خلّفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلاً عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".