تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، لقطات فيديو بثّتها قناة الجزيرة الفضائية القطرية تظهر تكدس شاحنات المساعدات في رفح المصرية، على الحدود مع قطاع غزة، وقالت القناة يوم الأحد 25 فبراير/شباط 2024 إن أكثر من 2000 شاحنة مساعدات موجودة على الجانب المصري من معبر رفح، بينما يعاني الغزيون، ولا سيما في شمال القطاع من مجاعة قاسية، أسفرت عن وفاة عدد من الأشخاص.
تكدس شاحنات المساعدات في رفح
القناة القطرية قالت إنها حصلت على صور خاصة التقطتها طائرة مسيرة في 22 فبراير/شباط 2024، وأيضاً صور ملتقطة من قمر صناعي، تظهر تكدس شاحنات المساعدات في رفح والتي وصل عددها للمئات على الجانب المصري من المعبر، دون أن تتمكن من الدخول إلى قطاع غزة، حيث ينهش الجوع أكثر من 2.2 مليون إنسان فلسطيني.
في السياق ذاته، فقد حذّرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، في وقت سابق من ندرة المياه النظيفة، وتراكم النفايات الصلبة، وانتشار الأمراض، والظروف الصحية غير المستدامة في قطاع غزة. جاء ذلك في بيان للمنظمة الأممية عبر حسابها في منصة "إكس"، في حين تتكدس شاحنات المساعدات في رفح المصرية.
وأشارت الوكالة الأممية إلى مواصلتها "العمل من أجل تقديم المساعدات الحيوية وسط الوضع الكارثي بقطاع غزة". وشددت على أن "الظروف الصحية غير مستدامة في القطاع".
وفي معرض وصفها للوضع الكارثي بغزة، قالت إن "الملاجئ مكتظة بشدة، والمياه النظيفة نادرة، فيما تتراكم النفايات الصلبة، وانتشار الأمراض آخذ في الارتفاع"، فيما تتكدس شاحنات المساعدات في رفح المصرية.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرباً مدمرة على قطاع غزة خلّفت عشرات آلاف الضحايا معظمهم أطفال ونساء، وفق بيانات فلسطينية وأممية؛ الأمر الذي أدى إلى مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهم ارتكاب "إبادة جماعية".
شاحنات المساعدات في رفح وخطة نتنياهو العسكرية
كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، السبت، قال إنه بصدد إقرار "خطط عملياتية" الأسبوع المقبل بشأن محافظة رفح، جنوبي قطاع غزة. وقال نتنياهو، في مؤتمر صحفي: "سأجتمع بداية الأسبوع مع مجلس الحرب (في الحكومة الإسرائيلية) لإقرار خطط عملياتية في رفح، بما في ذلك إجلاء السكان المدنيين منها".
ومنذ أسابيع تتصاعد التهديدات الإسرائيلية بتنفيذ عملية برية في رفح الملاصقة للحدود مع مصر، رغم تحذيرات إقليمية ودولية متصاعدة من تداعيات كارثية محتملة.
وأضاف نتنياهو: "نعمل على الحصول على مخطط آخر للإفراج عن الأسرى المحتجزين بغزة، وكذلك استكمال القضاء على قوات حماس في رفح". وأردف: "لهذا السبب أرسلت وفداً إلى باريس والليلة سنناقش الخطوات التالية في المفاوضات".
والجمعة، بدأت محادثات بالعاصمة الفرنسية باريس بمشاركة وفد إسرائيلي برئاسة رئيس الموساد ديفيد برنيع، ورئيس وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز، ورئيس وزراء قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل، في محاولة للتوصل لصفقة لتبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس. والسبت، قالت وسائل إعلام عبرية، إن وفد التفاوض الإسرائيلي عاد من باريس وتحدث عن "مفاوضات جيدة وأجواء إيجابية".
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مسؤولين مطلعين لم تسمهم أن المفاوضات كانت "جيدة، بل استمرت لفترة أطول من المخطط لها"، وأضافوا "لا يزال هناك طريق يجب قطعه".
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، أن "محادثات باريس تمحورت حول أربعة مطالب لحماس تعارضها إسرائيل ومنها عودة جميع سكان شمال القطاع وإجلاء جميع قوات الجيش الإسرائيلي من هذه المنطقة".
وأضافت أن "هناك ثلاث قضايا أخرى محل خلاف، وهي زيادة المساعدات الإنسانية ومدة وقف إطلاق النار وعدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم".
هل تدخل شاحنات المساعدات في رفح إلى الفلسطينيين قريباً؟
في سياق موازٍ، أعرب منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند، عن قلقه العميق من احتمال شن جيش الاحتلال الإسرائيلي هجوماً واسعاً على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، فيما تتكدس شاحنات المساعدات في رفح.
وقال وينسلاند أمام مجلس الأمن الدولي: "أشعر بقلق بالغ إزاء احتمال شن عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق في منطقة رفح المكتظة والتي تضم حوالي 1.4 مليون فلسطيني، وتعتبر نقطة الدخول الوحيدة للإمدادات الإنسانية".
وشدد على أن هناك حاجة ملحة للتوصل إلى اتفاق يضمن وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية وإطلاق سراح المحتجزين. وأضاف أنه "لا وقت لنضيعه" لإنشاء إطار سياسي طويل الأمد لإنعاش غزة وحل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وأشار إلى أن المستشفيات والمدارس وغيرها من المرافق المدنية في غزة لا تزال تتأثر بشكل خطير بالهجمات الإسرائيلية، داعياً إلى فتح نقاط وصول إضافية إلى الجزء الشمالي من غزة لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية.
ووصف المسؤول الأممي حجم حالة الطوارئ التي تواجه غزة بأنه "مذهل"، وحذر من أنه قد يخرج عن نطاق السيطرة بسرعة.
وتشهد مدينة رفح اكتظاظاً كبيراً، حيث يوجد فيها ما لا يقل عن 1.4 مليون فلسطيني، بينهم أكثر من مليون نازح لجأوا إليها جراء عمليات الجيش الإسرائيلي شمال ووسط القطاع بزعم أنها "منطقة آمنة"، فيما تتكدس شاحنات المساعدات في رفح المصرية.
عدم دخول شاحنات المساعدات في رفح إلى غزة
من جهته، قال الهلال الأحمر الفلسطيني في منتصف فبراير/شباط 2024 إنه لم يتسلم أي مساعدات عبر معبر رفح منذ نحو أسبوع؛ بسبب استمرار مظاهرات الإسرائيليين التي تعرقل عملية تفتيش الشاحنات من قِبل سلطات الاحتلال عند معبر العوجا.
وقد أغلق عشرات الإسرائيليين معبر العوجا الواقع على الحدود الإسرائيلية المصرية، ومنعوا وصول شاحنات المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، في الأثناء، لا يزال معبر كرم أبو سالم يعمل لإدخال المساعدات لمنظمات الأمم المتحدة والمساعدات الأخرى.
من جهة أخرى، فقد تبادلت مصر وإسرائيل الاتهامات بشأن منع المساعدات من الدخول إلى قطاع غزة عبر معبر رفح؛ حيث اتهمت إسرائيل السلطات المصرية بالمسؤولية عن معبر رفح، ومن ثم عرقلة دخول شاحنات المساعدات في رفح إلى داخل غزة.
لكن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكد قبل أيام أن معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة "مفتوح على مدار 24 ساعة"، متهماً إسرائيل بـ"عرقلة دخول المساعدات للقطاع".
جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال احتفال بالذكرى الـ72 لعيد الشرطة، بمجمع المؤتمرات بأكاديمية الشرطة شرق العاصمة القاهرة، وفق ما أفادت وكالة الأنباء المصرية الرسمية (أ ش أ).
وقال السيسي إن "معبر رفح مفتوح على مدار 24 ساعة، إلا أن الإجراءات الإسرائيلية هي السبب في قلة دخول المساعدات إلى قطاع غزة". وأشار إلى أن "حجم الناقلات التي كانت تدخل إلى غزة يومياً تقدر بنحو 600 شاحنة، لكن لم يتم خلال هذه الأزمة إدخال أكثر من 220 شاحنة إلا خلال اليومين الماضيين".
وأوضح الرئيس المصري أن حديثه يأتي رداً على ما تم تداوله بأن مصر هي السبب في عدم إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، قائلاً: "هروح من ربنا فين لو أنا السبب في عدم إدخال الطعام إلى غزة".
ووجه السيسي حديثه للمصريين، قائلاً: "يجب أن تتأكدوا دون أن أصرح أو أن يخرج تصريح من أية جهة مصرية، بأن مصر لا تستطيع أن تفعل ذلك". وأشار إلى أن "ما تفعله إسرائيل يعد أحد أشكال الضغط على القطاع وسكانه من أجل موضوع إطلاق سراح الرهائن".
ويأتي حديث الرئيس المصري بعد أن حاولت إسرائيل التهرب من الاتهامات التي رصدتها جنوب أفريقيا في دعواها أمام محكمة العدل الدولية، بمنعها لدخول المساعدات، من خلال إلقاء المسؤولية على مصر، فيما اتهمت هيئة الاستعلامات المصرية، تل أبيب، بتعطيل دخول المساعدات.
وتشن إسرائيل حرباً على قطاع غزة الواقع على الحدود الشرقية لمصر، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 خلّفت حتى الأربعاء 25 ألفاً و700 شهيد و63 ألفاً و740 مصاباً، معظمهم أطفال ونساء، وفق مصادر رسمية.
وسبق أن سادت هدنة بين "حماس" وإسرائيل لأسبوع من 24 نوفمبر/تشرين الثاني وحتى 1 ديسمبر/كانون الأول 2023، جرى خلالها وقف إطلاق النار وتبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية محدودة للغاية إلى غزة، بوساطة قطرية مصرية أمريكية. وتقدّر تل أبيب وجود نحو 134 أسيراً إسرائيلياً في غزة، بينما تحتجز في سجونها ما لا يقل عن 8800 فلسطيني، بحسب مصادر رسمية من الطرفين.