قالت منظمات حقوق إنسان إن تداول مقطعي فيديو يُظهران مجموعات من الرجال مجرَّدين من ملابسهم في برودة تُقارب التجمد، وإجبارهم على العودة من الحدود الصربية إلى مقدونيا الشمالية، دليلٌ على تصاعد إساءة معاملة المهاجرين على الحدود الأوروبية.
يأتي ذلك بعد أن أطلَعت منظمةُ "ليغيس" Legis غير الحكومية في مقدونيا الشمالية صحيفةَ The Guardian البريطانية، على مقطعي فيديو يظهر فيهما صف من الرجال الواقفين شبه عراة على امتداد طريق واقع بالقرب من حدود صربيا مع مقدونيا الشمالية، وفق ما ذكرته الصحيفة الخميس 22 فبراير/شباط 2024.
حيث قالت منظمة ليغيس الحقوقية إن مقطعي الفيديو صوَّرهما مواطن محلي بالقرب من قرية لوغان، القريبة من الحدود الصربية، وتسلمتهما المنظمة في 10 فبراير/شباط. ولم يتيسر لصحيفة الغارديان البريطانية التحقق من مقطعَي الفيديو بطريقةٍ مستقلة.
Videos show migrants stripped of clothing in freezing temperatures:@katymfallon & @lorenzo_tondo on mistreatment of migrants at Serbia-North Macedonia border https://t.co/4MRd8GQJSX
— David Storey (@DavidStorey60) February 22, 2024
واقعة ثانية بحق المهاجرين على الحدود الأوروبية
تزعم المنظمة غير الحكومية أن هذه الواقعة ليست منفردة، بل إنها الواقعة الثانية التي تشهد تصدياً بحق المهاجرين على الحدود الأوروبية، بوسائل تنطوي على الإيذاء و"الإهانة" في غضون 24 ساعة فقط، إذ قالت المنظمة إن السلطات الصربية أجبرت أكثر من 50 رجلاً على التعري أو الاقتصار على ملابسهم الداخلية، ثم أعادتهم قسراً عبر الحدود إلى مقدونيا الشمالية.
كما قالت منظمة ليغيس إن موظفيها المحليين تمكنوا لاحقاً من التحدث إلى الرجال، وقد قالوا إنهم سوريون.
بينما قالت ياسمين ريدجيبي، رئيسة منظمة ليغيس، إن هذه الوقائع وما شهدته من إجراءات "مسيئة ومهينة" في التصدي لمجموعة من المهاجرين على الحدود الأوروبية تأتي بعد مدة وجيزة من قمة التعاون الحدودي التي عقدت بين الاتحاد الأوروبي وصربيا، والتي كان الهدف المعلن منها تعزيز الحدود الصربية وتقوية قدراتها في مكافحة عمليات تهريب البشر.
فيما أشارت ياسمين ريدجيبي إلى أن "هذه الحوادث عادة ما تقع حين يقرر الاتحاد الأوروبي فرض مزيدٍ من القيود على طرق المهاجرين، وقد شهدنا أن هاتين الواقعتين حدثتا بعد أيام فقط من قمة التعاون الحدودي بين الاتحاد الأوروبي وصربيا، ولم نلبث أن رأينا التأثير والعواقب المباشرة".
على الرغم من أن هناك تقارير عن تجريد المهاجرين من ملابسهم في وقائع مختلفة على حدود أوروبية أخرى، قالت رئيسة منظمة ليغيس الحقوقية إن هذه أول مرة يرد فيها بلاغ عن إجراءات كهذه على الحدود بين صربيا ومقدونيا الشمالية.
فيما قال رادوس ديوروفيتش، المدير التنفيذي لمركز حماية اللجوء في صربيا، إن موظفيه شهدوا زيادة في الشهادات عن إعادة المهاجرين قسراً من صربيا إلى مقدونيا الشمالية منذ بداية العام، لذلك "يمكننا أن نقول إنها صارت ممارسة منتظمة".
معاملة سيئة بحق المهاجرين على الحدود الأوروبية
إلى ذلك، قالت دونيا مياتوفيتش، مفوضة حقوق الإنسان في "مجلس أوروبا"، إن "التقارير الواردة حديثاً عن مزاعم بمشاركة الشرطة الصربية في إجبار مهاجرين على العودة من صربيا إلى مقدونيا الشمالية، وتعرُّض هؤلاء المهاجرين، ومنهم باحثون عن اللجوء، لمعاملة سيئة ومهينة وحوادث سرقة، كل ذلك يتطلب إجراء تحقيق عاجل وحازم تتولاه سلطات الدولة".
كما قالت المسؤولة الأوروبية: "هذه الأحداث ليست مزعجة فحسب، بل تشير كذلك إلى نهج أوسع نطاقاً وأكثر إثارة للتوجس اتخذته الدول الأعضاء في مجلس أوروبا"، "فهذه الإجراءات تنتهك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تحظر الإعادة القسرية والطرد الجماعي، فضلاً عن المعايير الدولية الأخرى التي تقتضي توفير حق اللجوء لمن يسعون إليه".
فيما ترى مياتوفيتش أن الانتهاكات التي يُقال إنها تحدث على حدود مقدونيا الشمالية مؤشر على سوء معاملة المهاجرين المستضعفين على الحدود في جميع أنحاء أوروبا، وظاهرة إعادة المهاجرين القسرية غير القانونية التي تزايد انتشارها صارت "مشكلة أوروبية ملحة".
كما قالت: "ما لاحظته وحذرت منه هو أن المهاجرين يتعرضون لمعاملة يمكن أن تندرج ضمن ما أقرته كثير من الدول الأوروبية منذ سنوات في مخالفات الإهانة للحقوق الإنسانية والتعذيب، وهذا انتهاك واضح لتعهدات الدول في مجال حقوق الإنسان".
فيما أشارت تقديرات صادرة عن تحالف المنظمات غير الحكومية "11.11.11" في بلجيكا إلى أن الحدود الخارجية الأوروبية شهدت من 346 ألف عملية إعادة قسرية في عام 2023.