لم توقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، المعلمة الفلسطينية أسماء مصطفى، التي تدرس اللغة الإنكليزية والحائزة على جائزة أفضل معلم في العالم عام 2020، عن استغلال معرفتها، وتقديم خبراتها في مساعدة الأطفال الذين اضطروا أيضاً إلى النزوح، وفقاً لما نقله موقع Middle East Eye البريطاني.
ورغم عيشها داخل القطاع المحاصر الذي لا يتمتع إلا بوصول محدود إلى العالم الخارجي، قدّمت المعلمة الفلسطينية أسماء أفكاراً مبتكرة لتدريس اللغة الإنجليزية من خلال الألعاب والرحلات التخيّلية حول العالم.
في عام 2020، فازت معلمة اللغة الإنجليزية أسماء مصطفى بجائزة أفضل معلم في العالم، وذلك بعد منافسة مع آلاف المعلمين من 110 دول.
بعد مضي أربع سنوات، تعرضت أسماء للتهجير القسري إلى منطقة المواصي في رفح، لكنها ما تزال صامدةً رغم استمرار الحرب الإسرائيلية في التأثير على كافة جوانب الحياة الفلسطينية.
المعلمة الفلسطينية أسماء نزحت إلى مدرسة ثم خيمة
اضطرت أسماء إلى النزوح في ثلاث مناسبات حتى الآن، حيث نزحت أول مرةٍ من منزلها في شمال غزة ولجأت إلى مدرسةٍ في الجنوب.
وصرّحت أسماء لموقع Middle East Eye البريطاني قائلةً: "بعد النزوح إلى مدرسة، أقمت مع عائلتي داخل مكتبة المدرسة، وكانت هناك الكثير من الكتب، فبدأت أقرأ الكتب لأطفالي وأطفال أقاربي في البداية".
ولم تستغرق وقتاً طويلاً قبل أن تقرر استغلال معرفتها وخبراتها في مساعدة مزيد من الأطفال الذين اضطروا للنزوح إلى المدرسة نفسها.
وقالت: "أخبرت جميع الآباء في المدرسة بأنني سأستخدم أحد الفصول يومياً في الساعة الـ15:00، وذلك من أجل إعطاء صف يُساعد الأطفال على التكيف مع الحرب من حولهم، ومن أجل محاولة منحهم شعوراً بالروتين".
ثم أردفت: "كنت أُحضر الكتب من المكتبة وأقرأ لهم القصص، ثم نناقشها معاً. وأحاول كذلك تعليمهم مفردات اللغة الإنجليزية، لأنني كنت معلمة لغة إنجليزية طيلة 16 عاماً".
وبعد إدارة صفها اليومي لمدة شهرين في المدرسة، ازدادت كثافة القصف الإسرائيلي على المنطقة. فاضطرت أسماء مرةً أخرى إلى مغادرة المكان الذي نزحت إليه، وترك الصف الذي منحها هي والأطفال شيئاً من الاستقرار.
ولم يكن لديها مكان لتذهب إليه هذه المرة، فنزحت مع أسرتها إلى أقصى جنوبي رفح في منطقة المواصي، وانتهى بها المطاف للعيش في خيمة تغمرها المياه كلما أمطرت السماء.
وأضافت: "بمجرد استقراري في هذه الخيمة واستيعابي ما حدث، قررت مواصلة ما بدأته في المدرسة، لأن هذه الخيام أيضاً مليئة بالأطفال الذين لم يذهبوا إلى المدرسة منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول"
تؤمن أسماء بأن الأطفال في حاجة ماسة إلى الملجأ والطعام والماء، لكن "قلوبهم وعقولهم في حاجة إلى العناية بدرجةٍ مساوية"، خاصةً في ظل الضيق النفسي الناجم عن الحرب.
ومن المفارقات أن الأطفال حول العالم يتطلعون إلى العطلات المدرسية وعطلات نهاية الأسبوع من أجل الاستراحة من واجباتهم المدرسية، بينما يتطلع أطفال غزة إلى العودة للدراسة، بحسب أسماء.
حيث قالت لمى كيشكو، الطفلة التي تحضر صفوف أسماء واضطرت إلى النزوح قسرياً عدة مرات: "أحب الأستاذة أسماء مصطفى. إنها مرحة جداً. لقد ساعدتنا كثيراً أثناء وجودنا في الخيام هنا. أفتقد كتبي المدرسية وتأدية الواجبات المنزلية. لقد أثرت هذه الحرب علينا جميعاً من الناحية النفسية. لقد تعبت وأريدها أن تنتهي حتى أتمكن من العودة إلى حياتي الطبيعية".
ومع تصعيد العملية الإسرائيلية في الجنوب والتهديدات بتوسيع الغزو البري الإسرائيلي في رفح، تعيش أسماء وطلابها في قلق مستمر من أن يفقدوا الصف الذي أسسوه في المنطقة مرةً ثانية.
كما يخشون أن يضطروا للانتقال إلى مكان آخر ويفقدوا شعور الانتماء للمجتمع الذي وجدوه هنا.
لكن هذا الخوف لم يردع أسماء. حيث قالت: "سأعلم الأطفال ما دمت على قيد الحياة، وأينما أجبرتني هذه الحرب على الذهاب".