تتصاعد المجاعة في شمال غزة بشكل مخيف بسبب نفاد كميات الطحين والأرز والطعام والغذاء، وكذلك نفاد حبوب وأعلاف الحيوانات التي اضطر المواطنون الفلسطينيون إلى تناولها، ما دفع المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع ومنظمات أممية لإرسال تحذيرات عاجلة، حيث تضامن معها ناشطون وأطلقوا حملة بعنوان "شمال غزة يجوع".
المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة كشف عن تصاعد المجاعة في محافظة الشمال بعد نفاد الطعام، مشيراً إلى أن المناطق الشمالية للقطاع بحاجة فورية لإدخال ألف شاحنة يومياً، حتى تتعافى من المجاعة وآثارها.
وتمنع دبابات جيش الاحتلال الإسرائيلي المتمركزة قرب وادي غزة وصول المساعدات الغذائية والطبية لشمال القطاع.
"كارثة إنسانية ملحمية"
في السياق ذاته، قال برنامج الغذاء العالمي إن سكان قطاع غزة يعيشون "كارثة إنسانية كبيرة"، وسط الجوع والمجاعة وانتشار الأمراض.
وكشف مدير برنامج الأغذية العالمي في فلسطين أن "هناك إحصائيات أممية أجريت في ديسمبر/كانون الأول الماضي، تشير إلى أن 300 ألف شخص على الأقل في شمال القطاع معرضون للموت جوعاً"، موضحاً أن "غزة تعيش عدة أزمات، وفي مقدمتها عدم توفر الرعاية الصحية، والجوع".
وكان برنامج الغذاء العالمي قد ذكر، الشهر الماضي، أن كميات قليلة جداً من المساعدات الغذائية تجاوزت جنوبي قطاع غزة إلى شماله منذ بداية الحرب، مؤكداً أن خطر تشكّل جيوب مجاعة في مناطق بالقطاع لا يزال قائماً.
وهو ما أكدته وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، في يناير/كانون الثاني الماضي، عندما قالت إن 750 ألف شخص في قطاع غزة يواجهون جوعاً كارثياً.
"شمال غزة يجوع"
وتضامناً مع التحذيرات، انتشر وسم على منصات التواصل الاجتماعي بعنوان شمال غزة يجوع"، في محاولة لإيصال الصورة الكارثية التي يعانيها الفلسطينيون، كاملة، إلى جميع الأطراف.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلاً كبيراً مع الوسم، فكتب إبراهيم المدهون، الكاتب والمحلل الفلسطيني على حسابه بموقع إكس: "الجوع ينهش شمال قطاع غزة، ينام أطفاله بأمعاء خاوية ولا يجدون لقمة عيش يأكلونها؛ حتى الحيوانات البرية ما عادوا يجدونها ليطبخوها. أبسط المواد، العدس والفول، لن تجد منها ولو كيلوغراماً واحداً. الحصار يشتد، وما تعلّمناه عن عام الرمادة وجوع أهل المدينة وشِعْب أبي طالب نراه واقعاً اليوم، مع صبر واحتساب وإباء".
المدهون أضاف: فقدت الناس أوزانها بشكل مخيف. الجفاف يعم المنطقة فيشرب أهلها من المياه الملوثة التي تجري في الطرقات، كيس الطحين يصل ثمنه إلى 400 دولار إن وُجد، عجنوا علف الحيوانات حتى نفد من الأسواق، أنّات وشحوب وأوجاع تعم المشهد القاتل".
وتابع المحلل الفلسطيني: "عارٌ على أمة العرب أن تموت غزة جوعاً وعطشاً وبرداً أمام ناظريهم، وهم يتنعمون بأصناف من الرغد والبذخ، ويعمهون بلهوهم ومجونهم بلا إحساس أو مراجعة من حس إنساني".
بينمل نشر حساب يحمل اسم "أدهم الشرقاوي" منشوراً أرفقه بتعليق: "لا تُصدِّقوا أنه لا أحد يموت من الجوع، في شمال غزَّة يموتون من الجوع فعلاً!".
وأرفق أيضاً مقطع فيديو يظهر طفلاً حديث الولادة يتضور من الجوع، بينما وضعت له والدته في فمه حبة تمر لإنقاذه من الجوع.
فيما قال صالح بن أحمد البوسعيدي: "قتلوهم بالقصف والقنابل، ومن لم يمُت منهم هاهم يقتلونهم جوعاً وعطشاً ومرضاً، والعالم وحكام العرب ينظرون"
"الخوف والجوع"
السبت 10 فبراير/شباط 2023، قالت رئيسة لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة، آن سكيلتون، إنه "لا يوجد اليوم أي طفل بقطاع غزة خالٍ من "الخوف والألم والجوع".
وشددت سكيلتون في مؤتمر صحفي عقدته مساء الخميس، أنه "لا ينبغي أن ينشأ أي طفل في خوف وألم وجوع"، مضيفة: "مع ذلك، لا يوجد اليوم أي طفل في غزة خالٍ من الخوف والألم والجوع".
وأكدت المسؤولة الأممية: "سيعتبر أطفال غزة محظوظين إذا تمكنوا من البقاء على قيد الحياة في هذه الحرب، وأتيحت لهم فرصة النمو"، مشيرة إلى أن "بعض أطفال غزة فقدوا حياتهم، وآخرين فقدوا أطرافهم ووالديهم وإخوتهم وأصدقاءهم".
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حرباً مدمرة على قطاع غزة بدعم أمريكي مطلق، خلّفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلاً عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية.
وإثر الفظائع المرتكبة بالقطاع تواجه إسرائيل اتهامات بارتكاب "إبادة جماعية" أمام محكمة العدل الدولية، للمرة الأولى بتاريخها، ما قوبل بترحيب إقليمي وعالمي لوضع حد لإفلات إسرائيل من العقاب، فيما واجه ذلك معارضة أمريكية.