دخلت الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، الأربعاء 7 فبراير/شباط 2024، شهرها الخامس وسط تواصل الهجمات العنيفة الجوية والبرية على المناطق كافة، فيما تصاعدت بشكل ملحوظ في مدينة رفح خلال الأيام الأخيرة.
ورغم استمرار السياسة الإسرائيلية في تجويع وتعطيش سكان القطاع، فإن آلة الحرب ما زالت تطال الجوعى والعطشى، وتستهدفهم بشكل مباشر، خاصة في محافظتي غزة والشمال.
وما زال الجيش الإسرائيلي يضع مستشفيات القطاع في دائرة استهدافه بعد الدمار الواسع الذي ألحقه بالقطاع الصحي، حيث يواصل حصار مجمع ناصر الطبي، ومستشفى الأمل، التابع للهلال الأحمر الفلسطيني، بمدينة خان يونس (جنوب) لليوم الـ17 على التوالي.
فيما قال رئيس وزراء الاحتلال، مساء الأربعاء، إن مواصلة العملية العسكرية في قطاع غزة "شرط أساسي"، مؤكداً استمرار الحرب حتى "القضاء الكامل على حماس"، حسب زعمه، وذلك بعد ساعات من تسليم "حماس" ردّها إلى مصر وقطر حول "اتفاق الإطار" لمقترح تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.
ويراقب الفلسطينيون، خاصة في غزة، مستجدات موقف الأطراف من مقترح الهدنة وتبادل الأسرى، الذي تم التوصل إليه بباريس في 28 يناير/كانون الثاني الماضي، خلال اجتماع بمشاركة إسرائيل والولايات المتحدة ومصر وقطر.
وتقدّر تل أبيب وجود نحو 136 أسيراً إسرائيلياً في غزة، فيما تحتجز في سجونها ما لا يقل عن 8800 فلسطيني، بحسب مصادر رسمية من الطرفين، لكن لا تأكيد بشأن العدد النهائي لدى الطرفين.
أزمة غذاء
خلال أشهر الحرب الأربعة، تكرر استهداف الجيش الإسرائيلي المباشر للجوعى والعطشى، خاصة في محافظتي غزة والشمال.
آخر هذه الاستهدافات، كان يوم الأربعاء، حيث أفاد مراسل الأناضول، بسقوط عدد من القتلى والجرحى قرب دوار الكويت جنوبي مدينة غزة، باستهداف إسرائيلي خلال انتظارهم وصول شاحنات المساعدات لمحافظة غزة.
وقال مسؤولون فلسطينيون لأكثر من مرة، إن شاحنات المساعدات الغذائية الواصلة لغزة، محدودة ولا تلبي جزءاً من احتياجات السكان هناك.
وفي السياق، استهدفت طائرات إسرائيلية بعدد من الصواريخ تجمعاً آخر للمواطنين في منطقة "المغربي"، جنوب غربي مدينة غزة، خلال محاولتهم تعبئة "غالونات" المياه، وفق إفادة شهود عيان ومصادر محلية.
وقال شهود عيان، إن عدداً من القتلى والجرحى سقطوا خلال هذا الاستهداف، فيما لم يصدر تعقيب من وزارة الصحة الفلسطينية حول ذلك.
وخلال الشهرين الماضيين، حذرت العديد من المنظمات الحقوقية والأممية من المجاعة في قطاع غزة، بسبب منع إسرائيل وصول المساعدات إلى مناطق مدينة غزة وشمالي القطاع،والسماح بإدخالها بكميات محدودة إلى مناطق الجنوب.
وفي 30 يناير/كانون الثاني الماضي، قال رئيس منظمة هيومن رايتس ووتش الأوروبية المتوسطية رامي عبده، إن إسرائيل تستخدم "الجوع" سلاحاً لطرد سكان قطاع غزة وحتى قتلهم.
وأوضح عبده، في حديث لـ"الأناضول" آنذاك، أن "أكثر من نصف سكان غزة يعانون من جوع شديد، فيما يواجه جميع سكان شمالي غزة ظروف مجاعة قاسية".
الهجمات على رفح
منذ نحو أسبوع، صعّد الجيش الإسرائيلي هجماته الجوية العنيفة على مدينة رفح أقصى جنوبي القطاع، حيث يوجد 1.5 مليون فلسطيني، بحسب تقديرات أممية وفلسطينية، جلهم من النازحين.
هذه الهجمات طالت خلال تلك الفترة منازل المدنيين التي تؤوي في غالبيتها نازحين من مناطق أخرى، حيث أسفرت عن سقوط جرحى وقتلى في صفوفهم.
آخر هذه الهجمات كانت الليلة الماضية، حيث شنّت المقاتلات الحربية سلسلة غارات على مواقع قرب الحدود الفلسطينية المصرية، ألحقتها بغارات على منازل مدنيين.
وفجر الأربعاء، عاش الفلسطينيون في رفح ليلة هي الأصعب والأعنف منذ أكثر من أسبوعين، من جراء تصاعد الهجمات.
وأثارت هذه الغارات مخاوف الفلسطينيين برفح من أن تكون مقدمة لأي عمل بري إسرائيلي، في ظل تواتر الأنباء حول ذلك.
في وقت سابقٍ الأربعاء، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من عواقب أي إجراء إسرائيلي على مدينة رفح.
والخميس، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، في بيان، إننا "نحقق مهمتنا في (مدينة) خان يونس (جنوبي غزة)، وسنصل أيضاً إلى رفح".
بالتزامن مع القصف الإسرائيلي العنيف لمناطق مختلفة من القطاع، اندلعت اشتباكات بين القوات الإسرائيلية ومسلحي الفصائل الفلسطينية، خاصةً "كتائب القسام" الجناح المسلح لحركة "حماس"، و"سرايا القدس" الجناح المسلح لـ"الجهاد الإسلامي"، في محاور توغل الجيش.
وفي محافظة غزة، شهدت المناطق الجنوبية الغربية من المدينة، خاصةً "تل الهوا، والشيخ عجلين"، اشتباكات عنيفة بين الطرفين.
وقالت "القسام"، في بيان، إن مقاتليها "تمكنوا من قنص جندي صهيوني قرب مفترق الصناعة في مدينة غزة".
وأضافت في بيان آخر، أن مقاتليها استهدفوا "دبابة من نوع ميركافا وجرافة عسكرية من نوع D9 بقذائف الياسين 105 غرب مدينة غزة".
وأما في مدينة خان يونس (جنوب)، فإن القصف الإسرائيلي العنيف متواصل، حيث فجّر الجيش في وقت سابقٍ الأربعاء، مربعاً سكنياً في بلدة عبسان الجديدة شرقي المدينة، وفق إفادة مصادر محلية.
كما يواصل الجيش حصار مجمع ناصر الطبي، ومستشفى الأمل، لليوم الـ17 على التوالي، وسط قصف يستهدف محيطهما ومنع الخروج والدخول إليهما.
وفي وقت سابق، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في بيان، عن "استشهاد مريضة تبلغ من العمر 77 عاماً، جراء نقص الأوكسجين في مستشفى الأمل، التابع لها".
وأشارت إلى أن ذلك يأتي في ظل "معاناة المستشفى منذ أيام، من نقص حاد في الأوكسجين اللازم لغرفة العناية المكثفة"، جراء استمرار الحصار.
وتتواصل الاشتباكات في المناطق الشرقية والغربية من مدينة خان يونس، وسط عمليات تنفذها الفصائل الفلسطينية.
وقالت "القسام"، في بيان، إن مقاتليها استهدفوا "منزلاً تحصن به جنود الاحتلال غرب المدينة، ما أوقعهم بين قتيل وجريح".
وتابعت، في بيان آخر: "تمكن مقاتلو القسام وسرايا القدس من استهداف قوة صهيونية خاصة مكونة من 10 جنود، تحصنت داخل منزل في منطقة بلوك بمدينة خان يونس، بقذيفتين مضادتين للأفراد، والاشتباك معها بالأسلحة الرشاشة، وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح".
أما سرايا القدس، فقالت في بيان، إن مقاتليها "استهدفوا بقذيفة (RPG) جرافة عسكرية صهيونية؛ ما أدى إلى مقتل من بداخلها، واشتعال النار فيها، بمحيط حي الأمل، غرب المدينة".
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يشن الجيش الإسرائيلي حرباً مدمرة بدعم أمريكي على غزة خلفت حتى الأربعاء، 27 ألفاً و708 شهداء و67 ألفاً و147 مصاباً، معظمهم أطفال ونساء، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في "دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.