طالبت الولايات المتحدة، الأربعاء 31 يناير/كانون الثاني 2024، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بإجراء "تغييرات جوهرية" قبل استئناف تمويلها للوكالة، الذي أوقفته بعد مزاعم للاحتلال الإسرائيلي بأن بعض موظفيها شاركوا في عملية "طوفان الأقصى" ضد الاحتلال، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، فيما دعت منظمة العفو الدولية الدول التي علَّقت التمويل إلى التراجع عن هذا القرار، واصفةً إياه بـ"الظالم".
ورحَّبت ليندا توماس جرينفيلد، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، بقرار المنظمة إجراء تحقيق ومراجعة لأنشطتها، وقالت أيضاً إن الولايات المتحدة تسعى للحصول على مزيد من التفاصيل من الاحتلال بخصوص هذه المزاعم.
إذ قالت جرينفيلد عن "التغييرات الجوهرية": "نحن بحاجة إلى النظر في أنشطة المنظمة وكيفية عملها في غزة، وكيفية إدارتها لموظفيها، حتى تتمكن الأونروا من مواصلة عملها والمهمة التي تؤديها".
العفو الدولية تدعو لتمويل الأونروا
وبالتزامن قالت منظمة العفو الدولية في بيان إن قرار تلك الدول تعليق تمويل الأونروا سيكون "ضربة مدمرة" لأكثر من مليونَي لاجئ في قطاع غزة المحتل، كما طلبت من تلك الدول الرجوع عن قرارها، ومواصلة تقديم الدعم المالي للوكالة الأممية.
ووفقاً للبيان، ذكرت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنييس كالامارد، أنه "من الصادم للغاية أن تتخذ بعض الحكومات هذا القرار، بعد أيام قليلة من توصل محكمة العدل الدولية إلى أن حياة الفلسطينيين في غزة معرضة للخطر".
وأضافت أن "صدور هذا القرار في وقت يواجه فيه أكثر من مليونَي فلسطيني خطر الإبادة الجماعية والمجاعة المدبرة مثير للدهشة وغير إنساني".
وأعربت المنظمة الدولية عن صدمتها جراء صدور هذا القرار على خلفية مزاعم تتعلق بـ12 موظفاً من أصل 30 ألف موظف في الأونروا.
وأشارت إلى أنه يجب التحقيق بشكل مستقل في الادعاءات ضد بعض موظفي الأونروا، مضيفة أن "كل شخص توجد ضده أدلة مقبولة كافية يجب أن يحصل على محاكمة عادلة".
وشددت على ضرورة ألا يتم استخدام المزاعم بحق عدد قليل من الموظفين، كذريعة لقطع المساعدات المنقذة للحياة، الأمر الذي قد يصل إلى حد "العقاب الجماعي".
مزاعم الاحتلال ضد الأونروا
وظهرت هذه المزاعم على السطح عندما أعلنت الأونروا أنها فصلت بعض الموظفين بعد أن زودها الاحتلال بالمعلومات، وأوقفت الولايات المتحدة، أكبر مانح للأونروا، تمويلها مؤقتاً، إلى جانب عدد من الدول الأخرى. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، أمس الثلاثاء، إن واشنطن تقدم ما بين 300 و400 مليون دولار سنوياً.
وأضاف ميلر أن الولايات المتحدة قدمت منذ بداية السنة المالية الحالية، في أكتوبر/تشرين الأول، نحو 121 مليون دولار للأونروا.
والتقى غوتيريش بالعشرات من الجهات المانحة للأونروا في نيويورك لأكثر من ساعتين، أمس الثلاثاء، لمناقشة الإجراء الذي اتخذته الأمم المتحدة رداً على المزاعم الإسرائيلية، والاستماع إلى المخاوف، ووصف العديد من السفراء الاجتماع بأنه بنّاء.
فيما قال المبعوث الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، للصحفيين بعد الاجتماع إن غوتيريش ناشد الدول التي أوقفت تمويل الأونروا أن تعيد النظر، كما ناشد "الدول الأخرى، بما فيها دول المنطقة، الاضطلاع بمسؤوليتها أيضاً".
وقال سفير الصين لدى الأمم المتحدة، تشانغ جون، إن غوتيريش شارك المعلومات مع الجهات المانحة بشأن الاتهامات الفردية الموجهة لوظفي الأونروا، وقال تشانغ للصحفيين "نحن في لحظة حرجة للغاية في التعامل مع الكارثة الإنسانية في غزة والحرب لا تزال مستمرة… يجب ألا نسمح لهذه الحالات الفردية بتقليل اهتمامنا بالسعي لوقف إطلاق النار".
وتوظف الأونروا 13000 شخص في غزة، حيث تدير مدارس القطاع وعيادات الرعاية الصحية الأولية وغيرها من الخدمات الاجتماعية، وتوزع المساعدات الإنسانية.
وتأسست "الأونروا" بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئين في مناطق عملياتها الخمس، الأردن، وسوريا، ولبنان، والضفة الغربية، والقطاع، إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل لمشكلتهم.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 يشن الجيش الإسرائيلي حرباً مدمرة على قطاع غزة خلَّفت حتى الثلاثاء 26 ألفاً و751 شهيداً و65 ألفاً و636 مصاباً، معظمهم أطفال ونساء، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في "دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.